أميركا..تريليون دولار لتعزيز النمو الاقتصادي

حوالي سنة فى الإتحاد

في الأسبوع الماضي، سجلت إدارة بايدن إنجازاً اقتصادياً مثيراً للإعجاب فيما يتعلق بـ «التشريعات البارزة التي تشكل أجندة الاستثمار في أميركا - وهي قانون البنية التحتية للحزبين، وقانون الرقائق والعلوم، وقانون خفض التضخم».
وفي بيان أصدره البيت الأبيض، قالت «هيذر بوشي»، كبيرة خبراء الاقتصاد في المجلس الحكومي للاستثمار في أميركا: «هذا النهج الذي تم تصميمه للعمل بشكل متكامل، ساهم في تحدي الاقتصاد لتوقعات الاقتصاديين، وحشد رأس المال الخاص في القطاعات الحيوية». وأضافت: «تُظهر البيانات الجديدة التي صدرت هذا الأسبوع أنه منذ تولي الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس منصبيهما، تجاوزت إعلانات استثمارات القطاع الخاص في الطاقة النظيفة والتصنيع في الولايات المتحدة الآن تريليون دولار».
وعلى الرغم من أن قانون البنية التحتية تم التوصل إليه بالتعاون بين الحزبين، إلا أن 13 نائباً «جمهورياً» فقط في مجلس النواب و19 عضواً «جمهورياً» في مجلس الشيوخ صوتوا لصالحه. وبالنسبة لقانون الرقائق والعلوم، كانت المشاركة «الجمهورية» ضئيلة للغاية (24 نائبا في مجلس النواب و17 عضوا في مجلس الشيوخ). ولم يصوت أي «جمهوري» من أعضاء المجلسين لصالح قانون خفض التضخم (الذي تضمن إعانات وائتمانات وقروضا للانتقال إلى الطاقة الخضراء).
وببساطة، لو كان الأمر متروكا للجمهوريين (وكان الأمر كذلك لمدة أربع سنوات خلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى) لما تحقق هذا الإنجاز قط. لم يكن هذا البرنامج الاقتصادي الضخم يتعلق بتحديد الحكومة للفائزين والخاسرين، كما يحب البعض وصف السياسات الصناعية. فقد وضعت الإدارة معايير عامة - مثل تصنيع الرقائق، والطاقة الخضراء، والإنترنت عالي السرعة - بينما كانت الأولوية للمشاريع بيد الحكام و/ أو القطاع الخاص. ويجب أن نذكر أن التريليون دولار لم تكن إنفاقاً حكومياً من أموال دافعي الضرائب. كان هذا مال القطاع الخاص الذي أدرك جدوى الاستثمار بمجرد أن أعطت الحكومة دفعة البداية.
لقد قدمت الحكومة مساهمة ضخمة للبنية الأساسية (568 مليار دولار موزعة على أكثر من 66 ألف مشروع) وقانون الرقائق والعلوم الذي أضاف 39 مليار دولار في شكل «منح وحوافز أخرى لشركات أشباه الموصلات لبناء مصانع التصنيع وإنتاج تكنولوجيا متطورة في الولايات المتحدة»، وفقا لبيان البيت الأبيض من المذهل، بصراحة، أن التعاون الأكثر نجاحاً والأوسع نطاقاً بين القطاعين العام والخاص في التاريخ - والذي يحول المدن والولايات والمناطق - لم يحظ إلا بتغطية ضئيلة من وسائل الإعلام التقليدية. قد تكون هذه المبادرة الأكثر أهمية التي تقودها الحكومة منذ قانون جي آي (إعادة تكيف الجنود) بعد الحرب العالمية الثانية. هناك عدة جوانب لهذا الإنجاز تبرز بشكل خاص. أولاً، الحجم الهائل للاستثمار («446 مليار دولار للرقائق والإلكترونيات، 91 مليار دولار للطاقة النظيفة، 182 مليار دولار للمركبات الكهربائية والبطاريات، 54 مليار دولار للتكنولوجيا الحيوية، 49 مليار دولار للصناعات الثقيلة، و188 مليار دولار للطاقة النظيفة») يعني أن التأثيرات ستستمر لسنوات، إن لم يكن لعقود. لأعوام، تحدث السياسيون عن إحياء وظائف التصنيع. ومع هذه البرامج الثلاثة، استطاع بايدن أن يتفاخر بأنه: «تم إنشاء أكثر من 1.6 مليون وظيفة في البناء والتصنيع خلال السنوات الأربع الماضية، واستثماراتنا تجعل أميركا رائدة في تقنيات الطاقة النظيفة وأشباه الموصلات التي ستحمي أمننا الاقتصادي والقومي، مع توسيع الفرص في الولايات الجمهورية والديمقراطية».
ثانيا، الانتشار الجغرافي يعني أن المجتمعات ذات الدخل المحدود (الأشخاص الذين كان الرئيس المنتخب ترامب يشير إليهم باعتبارهم «المنسيين») استفادت بشكل كبير من مبادرة الرئيس الديمقراطي. حيث أفاد البيت الأبيض: «يُظهر تقرير حديث لوزارة الخزانة أن استثمارات الطاقة النظيفة تتم في الغالب في المقاطعات التي تقل فيها معدلات الدخل المتوسط ومعدلات التخرج والتوظيف عن المعدلات الوطنية الإجمالية. على سبيل المثال، 75% من الاستثمارات الخاصة المرتبطة بقانون خفض التضخم تتم في المقاطعات التي يقل فيها متوسط دخل الأسر عن المستوى الوطني».
ثالثا، بالنظر إلى عدد المشاريع الجارية في الولايات «الجمهورية» وحجم استثمارات القطاع الخاص، سيكون من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، إبطاء العملية أو عكسها. يستمر تمويل قانون البنية التحتية حتى السنة المالية 2026، وقانون الرقائق والعلوم حتى السنة المالية 2027، وبرامج التمويل الرئيسية لقانون خفض التضخم حتى سبتمبر 2026. لا يمكن تصور أن «الجمهوريين» سيوقفون تمويل السنوات الأخيرة لهذه البرامج التي أثبتت نجاحها الساحق، خصوصاً تلك التي دفعت القطاع الخاص إلى الالتزام بالتزامات طويلة الأجل لسنوات قادمة. حتى بالنسبة لرئيس منتخب معادٍ للطاقة النظيفة، فإن وقف برنامج يخلق فرص عمل وأثبت نجاحه في جميع أنحاء البلاد سيكون تصرفاً غير حكيم.
وأخيراً، فإن الفوائد واسعة النطاق المستمدة من هذا المشروع الضخم - للأفراد والمجتمعات والأمن القومي والحكومة نفسها (من خلال زيادة الإيرادات الضريبية) - توضح مدى تفوق هذا النهج على اقتصاد يخفض الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى.
في ظل هذا النهج الأخير، تذهب المدخرات الضريبية للشركات إلى كل شيء من إعادة شراء الأسهم إلى زيادة تعويضات الرؤساء التنفيذيين إلى الاستثمار الأجنبي. (وعلاوة على ذلك، فإن تكلفة التخفيضات الضريبية تزيد من الدين الوطني بمعدل أكبر كثيراً من نهج القطاعين العام والخاص). يقدم الجمهوريون حوافز مؤقتة وينتهي بهم الأمر إلى المزيد من الديون والمزيد من التفاوت في الدخل. إذا كنت تريد رؤية اقتصادية تخدم بشكل مباشر مصالح الأميركيين من الطبقة العاملة والمتوسطة، فإن نهج «الديمقراطيين» كان بلا شك متفوقاً.
والدليل سيظهر في غضون بضعة أشهر، عندما يبدأ ترامب وأتباعه من شعار ماجا (لنجعل أميركا عظيمة مجددا) بالتفاخر بالاقتصاد نفسه الذي ينتقدونه الآن. فقط تذكر أن النمو الهائل، وخلق فرص العمل، والمزايا الدولية - بما في ذلك البنية التحتية الجديدة، ومصانع التصنيع، والوظائف المنتشرة في أميركا الجمهورية - هي نتيجة لأجندة كان معظم «الجمهوريين» - وخاصة أتباع «ماجا»- يعارضونها بشدة.
*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على