انتحاري الكوستا يبقّ البحصة 'هذه رحلتي مع الحزام الناسف'

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

نفّذ ثمّ اعترض، بهذه العبارة حاول عمر العاصي المتهم بمحاولة القيام بعملية انتحارية داخل مقهى الكوستا في شارع الحمرا في مطلع العام الحالي الدفاع عن نفسه. يزعم المتهم صاحب الشخصيّة القويّة والبلاغة الملحوظة أنّه كان مضلّلاً وقد غُرّر به، ويقول أنّه كان يجهل أنّ وجهة السائق الحقيقية كانت بيروت، بل كان يظنّ أنّه متّجه نحو جرود عرسال أو إلى الأراضي السورية للقيام بعمل أمني ضد سرايا المقاومة أو "حزب الله". يصل الأمر بـ"انتحاري الكوستا" إلى اتّهام عناصر المخابرات بتوريطه في تلك "المسرحيّة" التي كان بطلها هو شخصيّاً و"حزامهم الزائف".منذ اللحظة الأولى التي وقف فيها العاصي أمام قوس المحكمة، بدا واثقاً من نفسه، يلقي التحية على هيئة المحكمة، يُثني على هذا السؤال أو ذاك، يوافق على جزء من إفادته الأوليّة فيما يصف غالبيتها بـ"الكلام الفاضي" الذي لا قيمة له.استهداف "سرايا المقاومة"يتحدث الممرّض الشاب الذي انتمى إلى مجموعة الشيخ أحمد الأسير عن رحلته الدينيّة وقراره الإلتزام الشرعي بعد إندلاع الأحداث في سوريا، يعترف بانتمائه إلى مجموعة شاهين سليمان (بعد أحداث عبرا) وتلقّيه تدريبات رياضيّة وعسكريّة فيها. يقرّ الموقوف أنّ سليمان طلب منه المشاركة في إحدى الخلايا النائمة للأسير من أجل "استهداف سرايا المقاومة وحزب الله" ومراقبة مقهى الـ "هوب هوب" لأنّ روّاده من السرايا والحزب. يومها أعطاه "شاهين" هاتف وبارودة ما لبث أن أحرق الشريحة وباع البندقيّة بعد اكتشاف أمر الخلايا . يضيف المستجوب "رحت معهم بالحياء" كون "شاهين" جاري وصديقي ويثق بي .الإلتحاق بـ "داعش"لا ينفي العاصي أنّ قناعة بالجهاد توّلّدت لديه بعد أحداث سوريا. قرّر حينها الإلتحاق بتنظيم "داعش"، راح يتابع فكره الجهادي والعقائديّ لاسيّما خطب أبو بكر البغدادي وأبو محمّد العدناني. أنشأ حسابًا على "تويتر" سمّاه أبو محمّد اللبناني راح ينتقد فيه المعاملة الدنيا التي تُعامل بها الطائفة السنيّة في لبنان وتعرّضها للإستحقار والسوء. يردّد الممرّض على مسامع هيئة المحكمة أنّه كان والحمدلله مجتهداً في صغره وكان يؤمن بالمستقبل الزاهر، لكن ما إن بلغ العشرين حتّى تبدّلت قناعته.يتذكّر يوم كان طالباً في الجامعة اللبنانية - قسم الفيزياء - أنّه كان يُجاهر بتأييده للثورة السورية، إلى أن أتى يوم وطًلب منه التوجّه إلى باب الكليّة حيث كان بانتظاره 20 شخصاً من "حزب الله" أشبعوه ضرباً. "تقدّمت بشكوى ضدهم أمام النيابة العامة يا حضرة القاضي والملف لا يزال في الأدراج.. الدولة ما جابتلي حقّي".التواصل السرّي قبيل العمليةتواصلت رحلة الشاب الإلكترونية وتعمّق بها أكثر فأنشأ حساباً آخر على تويتر بإسم "wisso" كان يتواصل من خلاله مع شاهين المذكور الذي طلب منه الذهاب إلى سوريا، لتبدأ بعدها رحلة التواصل السرّي مع "أبو الوليد مكّي" عبر تطبيق "تلغرام" والذي عرّفه عليه شاهين. سرعان ما تبدّلت الوجهة من سوريا إلى بيروت خاصة بعد اقفال المعابر السورية- اللبنانية من جهة والتركيّة السورية من جهة ثانية. علم العاصي أنّ "الوجهة ستكون لبنان".لم يقبل "عمر" بأن يتحوّل المسار إلى الداخل اللبناني، حسب قوله، فأبلغ "ابو الوليد" أنّه غير مستعد. حاول الأخير إقناعه مجدّداً بحجة أنّ الأمر سيكون محصوراً بـ "حزب الله" وأنّ التنفيذ سيكون في الجرود.حـ"بِقّ البحصة"سُئِل العاصي من قبل رئيس المحكمة العميد حسين عبدالله: "..بعد التفكير وافقت على تنفيذ عمليّة انتحارية لتفوز بالآخرة وبالعزّة والفردوس الأعلى. سألك "أبو الوليد" إذا كنت تعرف أزقّة بيروت فأجبته بالنفي فقال لك أنّه سيرشدك إليها. إروي لنا ما حصل يوم لبست الحزام الناسف وقصدت شارع الحمرا؟"يردّ العاصي: "ح بقّ البحصة.. أعطاني أبو الوليد كلمة السرّ وهي "اللي صبر بيوصل". في 23 كانون الثاني الماضي وتحديداً بعد صلاة العشاء، التقيت بسائق سيارة "سوزوكي فضيّة اللون" قرب جامع الحريري في صيدا. كان الظلام يعمّ المكان، أعطيته كلمة السرّ فأشار لي بالصعود. صعدت في المقعد الأمامي، مشى قليلاً ثمّ توقف وتناول حزاماً ناسفاً من ضمن أربعة أحزمة ناسفة كانت مرمية على المقعد الخلفي، ألبسني إيّاه وخلال الطريق طلب مني أن أتوكّل على الله وأكون أمني وطبيعي وأوصلني إلى مقهى الكوستا حيث تفاجأت بالمكان بعدما ظننت ان وجهتنا سوريا".وبسؤاله "ألا تعرف طريق بيروت من طريق البقاع"، أجاب : "بلى لكنّني ظننت أن السائق كان يموّه في الطريق".مسرحية مخابراتيبدي "انتحاري الكوستا" ملاحظاته على ما جرى معه ويقول: "أنا شكيت أن السائق من المخابرات"، وعلمت لاحقاً أنّ ما حصل معي مسرحية بدليل أنّه :ألبسني الحزام بشكل طبيعي ومن دون أي ارتباك، كما أنّه كان يحمل ثلاثة أحزمة أخرى موضوعة على العلن في السيّارة.السائق أوصلني من صيدا إلى الحمرا على عكس ما ذُكر في التحقيق أمام المخابرات من أنّني أخذت تاكسيات بشكل متقطّع.لقد عبرت السيارة حواجز الجيش اللبناني من دون أن يتم توقيفها ومن دون أن يُبدي سائقها أي خوف أو قلق.لديّ قناعة بأنّ الحزام كان مزيّفاً بدليل أنّ شريطه وقع في الطريق ولمّا أخبرت السائق أنّ الشريط فلت قال لي "أوصله أنت".. أنا درست "الفيزياء" أعرف أن للجسم حرارة وللجو حرارة وللمواد المكوّن منها الحزام حرارة أيضاً ومن المحتمل أن ينفجر في أي لحظة.إلى مقهى الكوستايتابع المستجوب افادته: "أوصلني السائق قبيل مقهى الكوستا بـ 50 متراً، دخل أحد المفارق وقال لي: "تنزل مقهى الكوستا وتفجّر نفسك، هذا المقهى يقصده عناصر من "حزب الله" . "حاولت الإعتراض فقال لي: "نفّذ ثمّ اعترض". طبعاً أنا لدي عقل - يتابع العاصي روايته – نزلت من السيّارة ، دخلت المقهى، طلبت القهوة والشوكولا، بقيت ربع ساعة لأتأكّد من ابتعاد السائق عن المكان، تحدّثت خلالها مع المضيفة، لم أسمع لهجة أي زبون تدلّ على أنّه شيعي أو من "حزب الله"، سمعت أصوات أشخاص لهجتهم سوريّة، علمت أنّ روّاد المقهى بمعظمهم من "الطريق الجديدة" ومحسوبون على أهل السنّة، حاولت الإنسحاب والعودة إلى منزلي أحسست بخبطة على رأسي، وقعت أرضاً ولمّا استيقظت أيقنت أنّني في قبضة الأجهزة الأمنيّة".كلام السيّدهنا سأله رئيس المحكمة: "إذاً أنت شرعت بالتنفيذ لكنّك غيّرت رأيك في اللحظة الأخيرة، لكنّ النيّة كانت موجودة لديك بدليل وجود وصيّتك المكتوبة؟"، أجاب المتهم: "أنا وجدت المشهد خلاف ما أخبرني السائق، هناك أناس أبرياء. لديّ عقل فقرّرت الإنسحاب. لقد سألني المحقّق في وزارة الدفاع سؤالاً ذكيّاً وهو لو وجدْت من كنت تنوي تفجيرهم فهل كنت فعلت، أجبته: "السيّد حسن نصرالله قال: لبنان اليوم ليس ساحة قتال أو معركة وأنا أًكرّر ما قاله اليوم. كانت وجهتي سوريا وليس بيروت". أما عن الوصيّة التي كتبتها فكل مسلم من واجبه أن يكتب وصيّته كلّ يوم قبل أن ينام وهذا ما أفعله أنا".وردّا على أسئلة النائب العام القاضي رولان الشرتوني ووكيلة الدفاع المحامية فاديا شديد، نفى المتهم أن يكون على استعداد لتنفيذ عملية انتحاريّة جديدة وقال: "أنا مظلوم، انجرّيت لفخ نصبوه لي وأنا بدّي حقّي"، وخلُص إلى طلب عرض الأدلة التي تثبت براءته من داتا الإتصالات والكاميرات والسيّارة المستأجرة واحضار صاحبها وسائقها، وعليه تقرّر إرجاء الجلسة إلى 6 آذار المقبل لعرض الوثائق المتوفّرة ومتابعة إستجواب العاصي.
المصدر : سمر يموت - لبنان 24

شارك الخبر على