مولر.. أدمن الكحول وفقد الذاكرة وأعطاه مقاولًا قبلة الحياة
over 7 years in التحرير
«إنه على ما يرام في هذه الظروف، فلديه في الدار الرعاية الأمثل والاهتمام، يشعر بالراحة وكأنه في بيته، حتى وإن كانت إمكانياته الآن محدودة ما زلت أصل إليه ويكون سعيدًا عندما أجيء إليه، ويفرح عندما أمضي معه بعض الوقت».. بتلك الكلمات صرحت أوشي زوجة أسطورة الكرة الألمانية السابق جيرد مولر، لصحيفة «بيلد»، لتطمأن عشاق الساحرة المستديرة على نجمهم الذي يعيش في دار لرعاية المرضى، حيث إن أفضل هداف في تاريخ الكرة الألمانية يعاني من مرض «الزهايمر».
تصريحات زوجة جيرد مولرتتزامن مع الذكرى الخمسين لزواجهما حيث إنهما تزوجا في في عام 1967، وتعرض للإصابة بالزهايمر في أكتوبر عام 2015 حين كشف نادي بايرن ميونيخ، أن نجمه في السبعينيات الهداف الأسطوري مصاب بذلك المرض، وأنه تحت المراقبة الطبية منذ فبراير 2015، وأكد النادي البافاري حينها بان "المدفعجي" لن يستجيب إلى أي دعوة تتعلق بذكرى ميلاده، واختتم في بيانه: "وسائل الإعلام والجماهير حمت جيرد مولر في هذا الوضع الصعب واحترمت حياته الخاصة".
مولر الذي ولد في الثالث من نوفمبر لعام 1945، بدأ مشواره الكروي في سن التاسعة في مسقط رأسه بمدينة نوردلينجن، التي لا تبعد عن ميونيخ سوى ساعة ونصف بالسيارة، وببلوغه سن الـ 17 عامًا تدرج في جميع الفئات العمرية لنادي نوردلينجن، وخلال موسم 1962-1963 سجل لفريقه حصة هائلة من الأهداف بلغت 180 هدفًا، وذلك بفضل سلطة البطاطس التي كانت تعدها له ماما كاتارينا.
وبعد تألقه في نوردلينجن، انتقل مولر إلى بايرن ميونخ وهو في سن الثامنة عشر، وذلك عام 1964، وكان حينها العملاق البفاري ينافس في دوري الدرجة الثانية، وكان مدرب الفريق زلاتكو "تشيك" كاجكوفسكي يسخر منه ويقول "ماذا عساي أن أفعل برباع في فريقي؟". وبالفعل، كان مولر يبدو كحامل أثقال من أوروبا الشرقية بالنظر لضخامة الجزء العلوي من جسده وقصر ساقيه، بالإضافة إلى فخذيه الممتلئتين.
- مقاولًا أعطاه قبلة الحياة
وأبقاه كاجكوفسكي طوال عشر مباريات على دكة الاحتياط، إلى أن أقحمه في التشكيلة الأساسية للفريق بأمر من الرئيس السابق لنادي بايرن ميونيخ فيلهيلم نويديكر، الذي كان يعمل مقاولًا في مجال البناء، ولم يكن مولر ينتظر أكثر من ذلك، حيث تمكن في بدايته الأولى في البطولة الإقليمية في أكتوبر 1964 من هز شباك نادي فرايبورج مرتين، وكانت تلك أول انطلاقة في مشواره الكروي على مستوى الكرة العالمية، ومنذ ذلك الوقت أصبح مدربه كاجكوفسكي يناديه بلقب "مولر القصير البدين".
مولر مسيرته مع البارين كانت مليئة بالأرقام الرائعة قبل أن يرحل عن الفريق في 1979، بسبب خروجه من حسابات المدرب السابق لنادي بايرن ميونيخ بال سيرني حتى أنه تم استبداله لأول مرة في حياته قبل نهاية حقبه مع العملاق البافاري.
مولر فاز بلقب هداف الدوري الألماني (بوندسليجا) سبع مرات، وهو رقم لم يصل إليه أحد بعده حتى الآن، كما سجل في موسم 1971/1972 أربعين هدفا وحده، وهو رقم صامد أيضا للآن.
أما قصته مع بايرن فهي أسطورية فعلا، فقد خاض مع الفريق 453 مباراة سجل خلالها 398 هدفا، وخلال 15 عاما قضاها مع البافاري فاز بالدوري الألماني 4 مرات، ومثلها بكأس ألمانيا، وفاز بثلاثة ألقاب بكأس الأندية الأوروبية البطلة (حاليا دوري أبطال أووبا)، وكأس الإنتركونتيننتال وكأس الكؤوس الأوروبية.
مولر في أمريكا
في عام 1979 قبل جيرد مولر عرضًا مغريًا للسفر برفقة زوجته أوشي وابنته نيكول للعب في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أراد أن يبدأ صفحة جديدة في مشواره الكروي، ووقع مولر في 6 مارس 1979 لمدة سنتين ونصف لصالح نادي فورت لاودردال سترايكرز، الذي يلعب في دوري أمريكا الشمالية للمحترفين، وبلغ معه عام 1980 نهائي الدوري، إلا أنه خسره أمام فريق كوزموس نيويورك، الذي يلعب له زميله السابق فرانز بيكنباور، بنتيجة 3-0.
وخاض مولر 80 مباراة بين 1979 و1981 في الدوري الأمريكي، بلغ فيها الشباك 40 مرة، وأنهى مسيرته الرياضية مع نادي سميث براذرز لاونج، ولم يضع فقط حداً لمساره الكروي في فلوريدا، بل افتتح أيضًا متجر ستيك هاوس أمبري، وبما أنه قرر البقاء نهائيًا في الولايات المتحدة الأمريكية باع كل ممتلكاته بمدينة ميونيخ، وفي النهاية اشتد عليه الحنين إلى الديار، فعاد في أبريل 1984 مع أسرته إلى ميونيخ حيث الأصدقاء القدامى.
مولر مع المانشافت
انضمام مولر للمنتخب الألماني لم يكن سوى مسألة وقت حتى فرض ماكينة الأهداف الألمانية نفسه على مدرب المانشافت هيلموت شون، الذي لم يجد بدًا من استدعائه للمنتخب الألماني نظراً لعروضه القوية.
وكانت مشاركته الأولى، سنة 1966، ضمن التشكيلة الأساسية للفريق ناجحة بكل المقاييس، حيث انتهت بالفوز خارج الميدان على المنتخب التركي بهدفين نظيفين.
وخلال نهائيات كأس العالم المكسيك 1970 ضرب جيرد مجدداً بقوة، حيث استحق لقب هداف البطولة بعد توقيعه على عشرة أهداف كاملة، كما شكل بصحبة أوفي سيلر ثنائياً هجومياً ناجحاً.
واحتفل مع منتخب ألمانيا بلقب بطولة أوروبا عام 1972 بعد الفوز في المباراة النهائية على الدب الروسي، كما توج بمونديال 74 مع المانشافت بعد الفوز على هولندا في النهائي (2-1).
وبعد أن أصبح بطل العالم سنة 1974 وهو في سن 28 أعلن اعتزاله اللعب دوليًا (بعد أن شارك في 62 مباراة وسجل خلالهم 68 هدفً)، وتقول بعض الشائعات أن السبب يعود لعدم دعوة زوجات اللاعبين لحضور الحفل الذي أقامه الاتحاد الألماني لكرة القدم إثر الفوز بالكأس العالمية، إلا أن الحقيقة هي عكس ذلك، حيث قال مولر "لقد أخبرت المدرب شون عن اعتزالي قبل النهائي بثلاثة أيام، لكنه طلب مني ألا أخبر أحداً عن الأمر إلى ما بعد المباراة النهائية، وهذا كل شيء لا أكثر ولا أقل"... أما السبب الحقيقي وراء ذلك فهو مكافآت الفوز باللقب العالمي، التي قال عنها مولر أنها "مضحكة".
التكريم
أقيمت مباراة تكريم أسطورة الكرة الألمانية في سبتمبر 1983 أمام 50.000 متفرج، حيث لعب خلال الشوط الأول مع بايرن ميونيخ، ثم ارتدى قميص المنتخب الألماني خلال الشوط الثاني الذي لم يلعب منه إلا بضع دقائق فقط، وانتهت المباراة لصالح بايرن ميونيخ بنتيجة 4-2، وعلى غير المعتاد لم يسجل مولر أي هدف.
مولر وإدمان الكحول
وبعد إسدال الستار على مشوار كروي حافل، مر مولر بأزمة حادة، حيث لم يستوعب انتقاله من قمة النجومية إلى حياة الظل، ولم يعرف ما عليه فعله، فبعد أن كان يقضي ساعات مع المعجبين ويلعب كرة القدم مع المشاهير، صار يبدد معظم وقته أمام شاشة التلفاز وفي الشجار مع زوجته، وزاد إدمانه على الكحول من حدة وضعه كما أقر بنفسه "لقد دمرت حياتي بنفسي".
لكن مولر كان محظوظاً، إذ ساعده أصدقاؤه في بايرن ميونيخ، وخصوصاً مدير الأعمال أولي هونيس، على الوقوف مجدداً على قدميه، وبعد قضائه أربعة أسابيع ناجحة بمدينة جارميش بارتنكيرشن للعلاج من الإدمان، وقع الهداف السابق عقداً لنادي بايرن ميونيخ عام 1992، وكانت مهمته هي البحث عن رعاة جدد وكذلك التنقيب على المواهب الجديدة بالإضافة إلى المشاركة في تدريب المهاجمين وحراس المرمى، وتحمل بعد ذلك مهمة تدريب فريق الشباب، ثم صار مدرباً مساعداً للفريق الأول، ونال سنة 1992 شهادة التدريب ودرب منذ موسم 1995-1996 فريق بايرن ميونيخ للهواة في الدوري الإقليمي الألماني.
وحظي مولر خلال مشواره بالعديد من الجوائز التقديرية، حيث تم اختياره أفضل لاعب في ألمانيا سنة 1967 عندما كان عمره 27 سنة، وبعد ذلك بعامين توج باللقب نفسه مرة أخرى، وبعدما أحرز جائزة الحذاء الذهبي في الأرجنتين 1970، كان أول ألماني يفوز بلقب أفضل لاعب أوروبي في السنة.