أسامة خليل يكتب الزمالك والوزير العاجز.. وهدية المئة مليون جنيه للخطيب

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

دائما ولأول وهلة وللثانية والثالثة... والعاشرة، عندما نتحدث عن أزمة الزمالك المزمنة والتى بدأت منذ أكثر من ١٢ عاما أو نتصدى لبحث أسبابها وتحليل جذورها، نذهب جميعا إلى السبب القريب والسهل وهو إلقاء المسئولية على أبناء النادى وسلوكهم الشاذ وضعف ولائهم وقلة حيلتهم وهوانهم أمام مصالحهم الخاصة، ورعونة نجوم النادى، وجبن رموزه، وبلادة أعضاء جمعيته العمومية.. وأن البيئة الحاضنة للعمل داخل النادى هى التى تفرز هذا النوع من الصراعات والتناحر والخناقات التى يقترب بعضها من معارك الشوارع فى أسلوب الحوار المتدنى وقاموس الألفاظ البذيئة المستخدمة وغياب الاحترام بين جميع الأطراف.

وعن نفسى لا أختلف فى أن هذا التحليل البسيط أو المبسط للأزمة المزمنة فيه جزء كبير من الحقيقة والصحة...، ولكنه لا يقول الحقيقة كاملة ولا يغطى المسئولية عند جميع الأطراف. والطرف الذى يتم تغييبه دائما عن المشهد وإبعاده عن المسئولية هو الدولة والحكومة والقانون.

فكما هو معروف ومتفق عليه أن دور الدولة هو تنظيم العلاقة بين أعضاء المجتمع (أفراده ومؤسساته) من خلال قوانين تقوم الحكومة بتنفيذها والرقابة عليها، ولا تستطيع جماعة أو هيئة أو شركة أو مؤسسة أو ناد أو سكان فى حى ناءٍ فى قرية بأقصى جنوب الصعيد أن تفرض بيئتها وقوانينها أو سلوكياتها الشاذة أو سلطتها الخاصة على الناس بعيدا عن الدولة أو النظام إلا فى حالتين لا ثالثة لهما؛ الأول عجز الدولة والثانى غض الطرف. 

وفى حالة الزمالك المستعصية فإن دور الدولة والقانون غائب عن التدخل لفض الاشتباك ولا أظن أن غيابه قبل ثورة يناير أو بعدها يأتى عن ضعف أو قلة حيلة ولكنه عن عمد وقصد ويقينى أنه مقدّر لنادى الزمالك أن ترفع الدولة يدها عنه أو تغض الطرف عن التدخل لحسم صراعاته وفض نزاعاته بالقانون حتى يظل على هذه الصورة ويبقى داخل هذه الدوامة إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولا. 

وعندما أقول إن الدولة أو النظام أو الحكومة ممثلة فى وزير الشباب تغض الطرف فإننى أملك من الأدلة والبراهين والوقائع والأحداث التى تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه المنطقة وهذا النادى، مرفوع من خدمة تغطية القانون. ولأن الأمثلة كثيرة والوقائع تملأ مجلدات فإننى سأتعرض لواقعتين واضحتين وضوح الشمس وكاشفتين للدور المدمر الذى يلعبه المهندس خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، كى يبقى حال الزمالك على ما هو عليه تنفيذًا لأجندة خفية لا نعلم من وضعها ولمصلحة من استمرارها.

الواقعة الأولى: وهى واقعة مالية ثابتة ومخالفة صارخة وتدخل تحت نطاق سلطة الرقابة المالية والإدارية للوزير فى القانونين القديم والجديد، وهى قيام مجلس إدارة الزمالك بتحويل حسابات النادى وموارده الدولارية إلى حساب شخصى باسم هانى زادة، عضو المجلس، بدعوى أن هناك حكما قضائيا بالحجز على أموال النادى(!) وهى مخالفة كارثية ولا يحق لمجلس إدارة الزمالك أو جمعيته العمومية أو الوزير المختص أن يوافق على قرار أو تصرف يخالف القانون. ولكن الوزير -والذى من المفترض أنه المكلف والمؤتمن من قبل الدولة على إنفاذ القانون والمراقبة المالية على الأندية والاتحادات- وافق على هذا الإجراء. وهى رسالة واضحة وكاشفة وفاضحة، أن الوزير يريد للزمالك أن يبقى على حالته وأنه مستعد أن (يدوس على القانون) فى سبيل أن يستمر الحال على ما هو عليه فى الزمالك.

فإذا أضفنا إلى ذلك دعمه المالى اللا محدود وسلسلة من المواقف المائعة فى التعامل مع المشكلات الإدارية والرياضية التى يثيرها مسئولو الزمالك بشكل دورى ومنتظم، وأغلبها تثير الفتنة وتشحن الرأى العام وتستفز الجماهير، دون تدخل من الوزير فإننا سنتيقن أنه موقف متفق عليه، وربما يكون قرارا غير معلن من الحكومة، أن يظل الزمالك بعيدا عن سلطة القانون حتى تبقى أزمته استهلاكية لشغل الرأى العام، وأن يظل ما يحدث فيه حديثا يوميا للمصريين، يملأ أوقات فراغهم. 

الواقعة الثانية: وهى الأخرى كارثية وتدين الحكومة وتكشف عجز الوزير وتشوه النظام وتكشف عورته وضعفه فى إنفاذ قرار الجمعية العمومية بانتخاب مجلس إدارة جديد، فأحد الفائزين بمنصب نائب الرئيس لم يأت على هوى رئيس النادى، فقرر أن يعطل رغبة الجمعية العمومية (واللى مش عاجبه يضرب رأسه فى الحائط) ويمتنع عن عقد اجتماع مجلس إدارة، وبعد شهر من الجدل تمخض الوزير خالد عبد العزيز فدعا إلى جلسة صلح فشلت طبعًا، فى حين غاب دور اللجنة الأوليمبية تماما وهى اللجنة المنوط بها -فى قانون عبد العزيز- الإشراف على شئون الأندية وفض نزاعاتها وغيابها عن التدخل خوفًا أو عجزًا، مما يعنى أن هذا القانون فاشل وأنه سقط فى أول اختبار. 

وهنا لا أريد أن أتحدث إلى الوزير خالد عبد العزيز، فمن الواضح أنه مغلوب على أمره وأنه ينفذ أجندة مفروضة عليه، لأنه لو كان هو اللاعب الرئيسى الذى يدير أزمة الزمالك لكانت قد تمت إقالته منذ زمن، باعتباره أظهر عجز الحكومة وقلة حيلتها وعجزها عن تنفيذ القانون فى نادٍ جماهيرى كبير وعظيم مثل نادى الزمالك. ولكننى أتوجه بالحديث لمن وضع أجندة التعامل مع أزمة نادى الزمالك، وهى أجندة وضعت قبل الثورة وما زالت مستمرة، فأقول:

أولا: الزمالك ناد كبير وله جماهيرية عريضة وواسعة فى مصر والوطن العربى وهو يقع على أولويات متابعات الرأى العام، والإبقاء عليه بهذا الوضع المزرى ينتقص من النظام السياسى لأنه بات واضحا للمواطن البسيط أن الدولة هى التى ترفض أن تُعمل القانون وأن القصة لم تعد مجرد سباب أو تطاول أو معارك ومشكلات رياضية، ولكنها قضايا فى صلب سيادة الدولة.

ثانيا: من المعروف أن الدولة حاليا فى مرحلة إعادة بناء لجميع مؤسساتها وهى تتصدى لمشكلات ضخمة ورثتها من نظام فاسد كان ينظر تحت قدميه، وكان يستخدم الزمالك ومشكلاته لإلهاء الرأى العام من حين لآخر، ومن ثم فإن استمرار استخدام الزمالك كبؤرة لتسلية الناس بمشكلاته يسىء إلى الدولة الناهضة. والأفضل أن يعاد كتابة الأجندة ويدخل الزمالك تحت مظلة القانون، ووقتها ستحل جميع مشكلاته ويبدأ فى نهضة رياضية. فالاستفادة منه كمنافس قوى على البطولات بات أهم من الاستفادة منه كوسيلة لإلهاء الناس، فإذا ارتقت الرياضة وارتفعت المنافسة فإنها ستخلق مناخا جاذبا لاهتمامات الناس، وبالتالى لإلهائه (إذا كان هذا هو الغرض المطلوب تحقيقه) ولكن الإلهاء هنا صحى ومفيد، ويؤكد أن الدولة جادة فى إغلاق الصورة الإعلامية الفاسدة للمؤسسات الرياضية.

هدية المئة مليون جنيه للخطيب 

سبحان الله!.. فى الوقت الذى يقوم فيه المتحدث الرسمى باسم الكذب فى الأهلى بالتشويه والتشهير بمجلس محمود طاهر، حتى يتم القضاء على فكرة أنه كان رجلا محترما أو حقق نجاحا، تأتى الرياح بما لا يشتهى الكذاب، حيث قرر نادى ويست بروميتش ألبيون الإنجليزى تفعيل بند شراء اللاعب أحمد حجازى وفقًا للعقد الذى أبرمه طاهر ويقضى بحصول الأهلى على ٥ ملايين يورو، أى ما يقرب من ١٠٠ مليون جنيه ستدخل فى خزينة مجلس محمود الخطيب الذى يجنى ثمار رجلٍ اتُّهم بالفشل فى إدارة الكرة وهوجم لقراره بإعارة أحمد حجازى، وهنا أريد أن أذكر أمرين للتاريخ:

الأول: أن الأهلى لم يدفع مليما واحدا فى التعاقد مع حجازى وأن علاء عبد الصادق المشرف على الكرة وقتها، رفض التعاقد مع اللاعب بالضبط كما رفض زيزو التعاقد مع على معلول، ولكن من الواضح أن محمود طاهر لم يكن بالسذاجة كى يعتمد على عقول وقف نموها الكروى قبل عشرين عاما أو على سماسرة يبيعون الهواء، بل كان لديه مستشارون فنيون أجانب مستواهم أعلى فى تقييم اللاعبين -وهذه قصة طويلة سأحكيها فى وقتها. 

ثانيا: بيع أحمد حجازى بهذا المبلغ يكشف الفارق بين.. كيف تسلم محمود طاهر فريق كرة لا يساوى لاعب فيه سنتًا واحدًا، وفريق يباع مدافعه بـ٥ ملايين يورو، فما بالك بالمغربى  «أزارو» أو التونسى، «على معلول»، أو النيجيرى «جونيور أجاى»؟! 
مبروك على «الخطيب» المئة مليون الأولى.

اقرأ أيضا:

أسامة خليل يكتب: الدبة التي قتلت الزمالك.. و«العقال» الذي اشترى الأهلي من طاهر

أسامة خليل يكتب: الفاسدون هم الأصل والمصلحون لا يعيشون طويلاً 

أسامة خليل يكتب: الخطيب والوزير المتحول وحكايته مع السيسي

أسامة خليل يكتب: السيسي ووزير التعاسة

 

شارك الخبر على