الإمارات توسع شراكاتها الدولية عبر «بريكس»
حوالي سنة فى الإتحاد
انعكاساً لسياساتها القائمة على التعاون وتوطيد علاقاتها الدولية، أقامت دولة الإمارات العربية المتحدة، على مدى العقود الماضية، علاقات قوية مع مختلف دول العالم، كما نسجت تحالفات وانخرطت في تكتلات عالمية ترتكز أهدافها على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، ومن ضمن تلك التكتلات مجموعة «بريكس»، التي انضمت إليها دولة الإمارات اعتباراً من مطلع يناير 2024، بعدما صادقت الدول الخمس المؤسسة للمجموعة على انضمامها خلال قمتها الـ 15 التي عُقدت بمدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا (22-24 أغسطس 2023).وتأتي مشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في القمة الـ 16 التي تستضيفها مدينة «قازان» الروسية (22-24 أكتوبر 2024)، مدفوعة بحرص دولة الإمارات على تعزيز التعاون مع دول المجموعة التي تمثل نحو 45% من سكان العالم، و25% من الحجم الكلي للصادرات العالمية، ويشكل الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء مجتمعةً نحو 29% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتستحوذ على أكثر من 16% من حجم التجارة العالمية.وتعد دولة الإمارات شريكاً طويل الأمد لـ «بريكس»، حيث شاركت في منتدى «أصدقاء بريكس» في يونيو 2023 في كيب تاون، والذي يُعدُّ، بدوره، جزءاً من اجتماع وزراء خارجية المجموعة. كما انضمت الإمارات إلى بنك التنمية الجديد في أكتوبر 2021، بعد تأسيسه في عام 2015 لحشد الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول النامية والناشئة وفي دول المجموعة.لذلك، فإن مشاركة صاحب السمو رئيس الدولة، في قمة «بريكس» الأولى بعد توسعة المجموعة لتشمل 9 دول، تشير إلى رغبة دولة الإمارات في تعزيز العمل الجماعي ودعم أداء «بريكس»، انطلاقاً من الحرص على التعددية في دعم السلام والتنمية لتحقيق رفاهية وازدهار الشعوب والأمم في جميع أنحاء العالم، بما يتسق مع رؤية «نحن الإمارات 2031»، التي تهدف إلى تعزيز دور الإمارات كشريك استراتيجي في تعزيز التعاون الاقتصادي العالمي، وتطوير الفرص والإمكانات المتاحة لتوسيع حركة التجارة، ودعم الاستقرار المالي والتعاون المشترك، بما يدعم أهداف التنمية المستدامة.ومما لا شك فيه، أن توظيف ديناميكية التحركات الإماراتية في إطار «بريكس» من شأنه أن يعزز قدرة المجموعة على إرساء توازن بين أولويات السياسة العالمية واحتياجات دول الجنوب العالمي، إذ تسعى الإمارات إلى دعم تلك الجهود من خلال التبادل المعرفي للإسهام في بناء هيكل اقتصادي ومالي عالمي يحقق أعلى معايير العدالة والتوازن والتمثيل والشمولية، ويرتكز على المبادئ التي يرسيها نظام التعددية الاقتصادية.وانطلاقاً من تأكيد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، على أن أولويات دولة الإمارات تتضمن تعزيز الحوار البنَّاء من خلال منصات فاعلة تمثل اقتصادات الدول النامية والناشئة، فإن مشاركة دولة الإمارات في أنشطة وتفاعلات «بريكس» تحمل آفاقاً واعدة في جميع المجالات، وبالأخص الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، الأمر الذي من شأنه تعزيز البرامج والخطط الطموحة التي تعمل الإمارات والمجموعة الدولية على تنفيذها لتحقيق التنمية الشاملة والرفاهية، وتعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف، على نحو يدعم قضايا الأمن والسلام والتنمية.ويمكن القول، إن الثقل الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي الذي تتمتع به الإمارات، إقليمياً وعالمياً، إضافة إلى روابطها الوثيقة مع جميع دول مجموعة «بريكس»، سواء الدول المؤسسة أو الدول التي انضمت حديثاً للمجموعة الدولية، من شأنهما أن يعززا أهمية «بريكس» ويطوِّرا التفاعل بين دولها في العديد من المجالات، ومن ضمنها السياحة والطاقة والبنية التحتية والمشروعات اللوجستية والتغير المناخي والتنمية المستدامة، إضافة إلى أن ذلك يعزز القدرة على التعامل بمرونة مع المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.وفي ظل انفتاح «بريكس» على ضم أعضاء جدد على نحو يُسهم في تعزيز ثقلها الدولي بشكل أكبر، فإن ذلك التوجه من شأنه أن يرسِّخ مكانة المجموعة عالمياً وأيضاً طموح وخطط دبلوماسية الإمارات في توسيع شراكاتها الدولية وتنويعها مع العديد من القوى الإقليمية والدولية اتساقاً مع «مبادئ الخمسين»، التي تمثل المرجعية لدولة الإمارات ومؤسساتها خلال الأعوام الخمسين المقبلة، وكذلك وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات لبناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية