القدس والسلام

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

ريتشارد هاسبعد مرور 50 عاماً على الحرب التي دامت لستة أيام - نزاع يونيو 1967، الذي لا يزال، كأي حدث آخر، يحدد الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية. وبعد انتهاء القتال، احتلت إسرائيل الضفة الغربية وغزة والقدس، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.وفي ذلك الوقت، ظن العالم أن هذه النتيجة العسكرية مؤقتة. وقد اعتُمد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، الذي كان يُعد خلفية للحل الدبلوماسي لمشكلة الفلسطينيين الذين لا دولة لهم، بعد خمسة أشهر من انتهاء الحرب. ولكن، كما هو الحال في كثير من الأحيان، ما بدأ بشكل مؤقت قد استمر.وبذلك قد أعلن الرئيس دونالد ترامب مؤخرا عن قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة لم تتخذ موقفا حول الوضع النهائي للقدس بما في ذلك «الحدود المُعينة للسيادة الإسرائيلية» هناك. وأوضح الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة ستؤيد حلا يُرضي الدولتين إذا وافق عليه الطرفان. وقد اختار عدم البدء في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب، على الرغم أنه كان بإمكانه إعادة تســمية القنصلية الأمريكية في القدس.إن محاولة تغيير سياسة الولايات المتحدة لم تقنع الكثيرين. استبشر معظم الإسرائيليين خيرا بالموقف الأمريكي الجديد، لكن معظم الناس في العالـــم العربي وخارجـــه أصيــبوا بخيبة أمل وإحباط.لماذا اختار ترامب هذه الفترة لإقرار هذا الإعلان؟ إنها مسألة تخمين فقط ؟ أشار الرئيس إلى أن ذلك كان مجرد اعتراف بالواقع وأن فشل سياسة أسلافه في القيام بذلك لم يحقق أي مزايا دبلوماسية. هذا صحيح، على الرغم من أن سبب فشل الدبلوماسية على مدى عقود لم يكن له علاقة بالسياسة الأمريكية تجاه القدس، بل كان له علاقة بالانقسامات بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتباينات في المواقف بين الجانبين.وقد نسب آخرون الإعلان الأمريكي إلى الســـياســة الداخلية الأمريكية، وهو استنتاج يؤيده فشـــل الولايات المتحدة في المطالبة بأي شيء من إسرائيل (على سبيل المثال، وقف بناء المســـتوطنات) أو تقديم أي شيء للفلســـطينيين (على سبيل المثال، دعم مطالبتهم بتحرير القدس). وعلى الرغم من أن القرار قد أثار العديد من ردود الفعل العنيفة، فإنه يعتبر فرصة ضــائعة أكثر من الأزمة التي خلقها.لقد أثار هذا البيان الكثير من الجدل، قد تكون له عواقب وخيمة، والدليل على ذلك أن إدارة ترامب قد أمضت جزءاً كبيراً من سنتها الأولى باحثة عن خطة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد يؤدي هذا الإعلان إلى إضعاف إمكانيات هذه الخطة المحدودة أصلا.ويبدو أن إدارة ترامب ترغب في إعطاء دول أخرى، وبخاصة دول الخليج على وجه الخصوص، دورا محوريا في صنع السلام. إن هذا النهج يدل على الرأي القائل بأن دول الخليج والحكومات العربية الأخرى أكثر اهتماما بتهديد إيران من أي شيء له علاقة مع إسرائيل. ونتيجة لذلك، فهم مستعدون لوضع عدائهم الطويل الأمد تجاه إسرائيل جانبا، وهي دولة تشاطرها إلى حد كبير نفس وجهة النظر إزاء إيران.ومن شأن إحراز تقدم في القضية الإسرائيلية الفلسطينية أن يوجد سياقاً سياسياً في البلدان العربية يسمح لها بالقيام بذلك. إن الأمل في إدارة ترامب يكمن في استخدام دول الخليج لمواردهم المالية لإقناع الفلسطينيين بالموافقة على تحقيق السلام مع إسرائيل حسب شروط ستقبلها إسرائيل.والمشكلة هي أن الخطة الوحيدة التي من المرجح أن توافق عليها الحكومة الإسرائيلية ســتقدم للفلســـطينيين أقل بكثير مما طالبوا به تاريخيا. وإذا كان الأمر كذلك، فقد يقرر القادة الفلسطينيون رفض التوقيع على خطة ستعمل على إحباط الكثـــيرين من شعبهم وتركهــم عرضـــة لحركـة حمــاس والجماعات الأخرى.قد يكون الخليجيون مترددون في اشتراكهم في خطة يعتبرها الكثيرون بمثابة تنازل.إن مشكلة ترامب وجاريد كوشنر، صهره الذي يقود السياسة الأمريكية في هذه المنطقة، هي أنه من المرجح أن تثبت بعض دول الخليج أنها ليست شريكا دبلوماسيا قويا عكس ما كان يعتقد البيت الأبيض.كل ذلك يعيدنا إلى قضية القدس. قال ترامب إن الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل: «خطوة طال انتظارها لدفع عملية السلام إلى الأمام والعمل من أجل التوصل إلى اتفاق دائم». ويبدو أن المزيد من الإجراءات تُظهر أن إعلان ترامب سيكون له تأثير معاكس.رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على