واشنطن ومنع اندلاع حرب بالشرق الأوسط
حوالي سنة فى الإتحاد
منذ هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر، كان للرئيس بايدن هدفان في الشرق الأوسط هما: دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والحؤول دون التصعيد وتطور الحرب بين إسرائيل و«حماس» إلى حرب إقليمية قد تجبر الولايات المتحدة على التدخل. ولمنع اندلاع حرب إقليمية، استخدمت إدارة بايدن سلسلة من التدابير على مدى الأشهر العشرة الماضية، من الدبلوماسية إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي إلى استخدام القوة العسكرية المميتة. وقد تمكنت حتى الآن من منع العديد من النزاعات منخفضة المستوى من التدهور والتحول إلى حرب تقليدية شاملة قد تفضي إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.
غير أنه منذ هجوم إيران غير المسبوق على إسرائيل في أبريل الماضي، وسلسلة من التطورات الخطيرة منذ ذلك الحين، تغيّر المشهد بشكل كبير. وقد لا تكون تكتيكات بايدن كافية هذه المرة.
اليوم، تتأرجح المنطقة مرة أخرى على حافة الهاوية. فالهجوم الذي استهدف في 27 يوليو بلدة في مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل 12 طفلاً ومن الواضح أن «حزب الله» اللبناني يقف وراءه (رغم أنه ينكر ذلك)، هو بالضبط من نوع الأحداث التي يسقط فيها ضحايا كثر وتدفع القادة إلى خطوات تصعيدية لا رجعة فيها.
وقد ردّت إسرائيل على ذلك باغتيال قائد كبير لـ«حزب الله» في جنوب ببروت، فتعهد «حزب الله» بالرد على ذلك. وبعد ذلك بيوم، قُتل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في بيت ضيافة حكومي في طهران في هجوم تقول إيران إن إسرائيل نفّذته، وتعهدت طهران بالرد أيضاً. إدارة بايدن لجأت مرة أخرى إلى تكتيكاتها لمواجهة هذه المشكلة. فأرسلت إلى المنطقة حاملة طائرات أخرى، وسربا آخر من الطائرات المقاتلة، وغواصة صواريخ موجهة تعمل بالطاقة النووية.
وتمارس حالياً ضغوطاً دبلوماسية لحشد كل الحلفاء والشركاء من أجل حث إيران على التراجع. غير أن منع اندلاع حرب بين الدول في الشرق الأوسط أمرٌ مختلف تماماً عما كان عليه قبل خمسة أشهر.
فجهود بايدن لم تمنع إيران من مهاجمة إسرائيل في الربيع، ومن الصعب تصور كيف يمكن أن تكون الخطوات نفسها كافية الآن. ذلك أن طهران لم تدفع أي ثمن كبير مقابل أفعالها، والولايات المتحدة لم تهدد بجعل إيران تدفع الثمن في حال قامت بمهاجمة إسرائيل مرة أخرى. المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون ربما ما زالوا يعتقدون أن إيران و«حزب الله» لا يسعى أي منهما إلى حرب شاملة. بيد أن كليهما يواجهان موقفاً حرجاً في أعقاب الضربات الإسرائيلية، وهناك خطر كبير من أن تتفوق غريزة الانتقام لديهما على البراغماتية.
وإذا تجاهلت إيران مرة أخرى الضغوط الدولية للتراجع، فمن المرجح أن تخطط لرد أكبر مما قامت به في 13 أبريل، رد يمكن أن يشمل هجمات مباشرة ضد إسرائيل أو هجمات منسقة مع وكلائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا. كما أن هناك خطر أن توجّه إيران تعليمات لـ«حزب الله» باستهداف إسرائيل أولاً في محاولة لمشاغلة الدفاعات الجوية الإسرائيلية واستنزافها قبل أن تشنّ هجوماً مباشراً عليها. غير أنه إذا كانت إيران ترغب في تجنب حرب أوسع، فإن ردّها سيتجنب البنية التحتية المدنية والمراكز السكانية.
والحال أن تنفيذ مثل هذا الرد -أي شيء أكبر من 13 أبريل، ولكنه دون السير نحو الحرب- ينطوي على مخاطر هائلة في إساءة التقدير أو الخطأ. يوم الثلاثاء الماضي، قال بايدن إنه يتوقع أن تمتنع إيران عن شنّ هجوم إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كما حذّر المسؤولون الإيرانيون من أن اتفاق وقف إطلاق النار هو وحده الذي سيحول دون عمل انتقامي من قبل إيران. غير أن احتمالات نجاح المحادثات تبدو قاتمة: فقد رفضت «حماس» أي تعديلات على إطار وقف إطلاق النار، كما تفيد تقارير بأن فريق التفاوض الذي أوفده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتهم هذا الأخير بتقويض المفاوضات.
دانا سترول*
* نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط من 2021 إلى 2023 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»