الهدايا الكثيرة... هل تنفع الطفل؟

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

الإحتفال بعيد الميلاد مع الأطفال يمكن أن يكون أحد أفضل التجارب على الإطلاق، إلّا أنّ العديد من الأسَر حوّلت هذا العيد وغيره من احتفال زاخر بالحب، إلى مهرجان للتسوّق ومباراة في الاستهلاك والإسراف. 
يقدّم الأهل في العيد أكواماً من الهدايا للأطفال، قد لا تنفعهم وليسوا فعلاً بحاجة إليها. وينشغل الجميع بنفسه وما يحمله من تلال الهدايا، ويتوارى الإحساس المشترك بالعيد والاحتفال الجماعي.
 
لماذا؟
ينفق الآباء والأمهات أموالاً طائلة على لعب الأطفال كل عام، بحسب موقع "هافينغتون بوست". وكثيراً ما يُرسلون لأبنائهم بهذه الهدايا رسائل خاطئة. وغالباً ما يلجأ الأهل إلى إعطاء الطفل بعض الألعاب فقط لإلهائه والحفاظ على هدوئه، أو يرون في الهدايا تعويضاً للأطفال عن عدم قضاء الوقت معهم، فيريح الأهل ضمائرهم من خلال تلبية كافة احتياجات صغارهم.
 
هدايا كثيرة تُرهق الأطفال
تؤكد عالمة النفس، سفينيا لوثج، أنّ "الإكثار من الهدايا يُرهق نفسيّة الطفل. فالطفل الذي يحصل على 10 هدايا مثلاً لا يفرح بأيّ واحدة منها، لأنّ الفرح يَتشتّت ويتبدّد داخله فلا يعرف إلى أيّ منها يوَجّه فرحته".  
من جهته، يرى طبيب الأطفال، هربرت رينز بوليستر، أنّ هدايا عيد الميلاد لا ينبغي أن تكون الجزء الرئيس في هذه الليلة، "عندما نعطي الأهمية الأكبر للهدايا، فإننا نورِث الأطفال الاستغراق في الماديّات وإهمال المشاعر الأخرى". ويحذّر رينز بولستر من أنّ ذلك قد يُفسد على الأطفال فرحة العيد، التي يترقبونها.  
ماذا يحتاجون فعلاً؟
حتّى نفهم ما الذي يفعله جبل الهدايا في نفسية الأطفال، يجب أن نعرف أولاً ما الذي يحتاجه الأطفال حقاً في تربيتهم. يشدّد المحاضر في علوم التعليم الأساسي وأستاذ علم النفس التربوي، آرمين كرينز، على أنّ "أكبر هدية يمكن أن تمنحها لطفلك هي مصاحبته ورعايته وتَفهّم نفسيته".ويذكّر بأنّ "الأطفال بحاجة دائماً إلى نَبع عاطفي لا يَنضب، فأهمّ ما يجب أن يكتسبه الطفل في سنوات عمره الأولى هو اليقين والثقة بالنفس والتأكّد من أنه محبوب، وذو قيمة كبيرة لوالديه، يقدّره الآخرون ويحترمون شخصيته".  
ويؤكد كرينز: "إذا كانت هذه العلاقة العميقة والصلبة غير موجودة بين الأهل والأطفال، فإنّ الأطفال يكتسبون أفكاراً من قبيل: "أنا ليس لديّ قيمة إلّا بما لديّ"، أو "إذا لم أحصل على الهدية التي طلبتها، إذاً أنا ليس لي قيمة".ويضيف: "إنّ غياب التوازن بين الاحتياجات العاطفية من جهة وكمية الهدايا من جهة أخرى، يوَلّد لدى الطفل شعوراً بالحاجة إلى الإشباع المادي فقط، ويتنامى هذا الشعور ليطغى على ما عداه من المشاعر الأخرى". ومن بين الاحتياجات العاطفية المقصودة هنا، أن يشعر الأطفال بالاحترام، والحب، والتقدير، وأنّ آباءهم يُنصتون إليهم، ويهتمّون بهم وبمشاعرهم ويُقدّرون اهتماماتهم.ويُتابع الطبيب النفسي: "الأطفال يستعيضون عن هذا الخلل بتَجميع الهدايا والأشياء المادية"، وذلك، يَسري أيضاً على الكبار. وفي النتيجة، سرعان ما تفقد الهدايا مع الوقت أهميتها لدى الأطفال، أو يَصبّون اهتمامهم بالكامل على هذه الهدايا ولا يُظهرون أي ّاهتمام بالبيئة المحيطة بهم.
 
دوّامة الرغبة تجعل الأطفال أنانيين
يوضح كرينز: "لدى العديد من الأطفال غرفة مليئة بالألعاب، ومع ذلك يردّدون: إننا نشعر بمَلل شديد". في المقابل، يشعر الأطفال بحب والديهم إذا ربطتهم بهم علاقة قوية، ويصبحون أكثر إبداعاً وقدرة على الخلق والابتكار.  
كيف يمكن أن يقدّم الوالدان الهدايا لأطفالهم بشكل صحيح؟
تنصح عالمة النفس سفينيا لوثج بأنّ "الأقل يعني الأكثر"، أي كلما قَلّت الهدايا وزاد الحب نَمت الشخصية ونَضجت. وتضيف: "أسعد لحظة لدى الطفل هي عندما يحصل على هدية يستطيع اللعب بها مباشرة، من دون الحاجة إلى إعادة تركيبها بنفسه. على سبيل المثال، إذا وجد طفل يبلغ من العمر 3 سنوات لعبة المتجر التي كان يحلم بها جاهزة أمامه، فلن يفارقها طوال المساء".  
من جهته، يرى كرينز "أنّ قيمة الهدايا تكمن في قدرتها على تحفيز التطوير والإبداع، وفي نفس الوقت تحقيق المتعة الدائمة". كما ينصح الآباء "بأهمية ابتكار أفكار جديدة، والتفكير الجيّد في أنواع الهدايا التي يقدّمونها لأطفالهم". و"يوصَى كذلك بالألعاب التي تعزّز من قدرتهم على التواصل مع الآخرين".  
إلى ذلك، ينصح كلا الخبيرين رينز بوليستر وكرينز الآباء والأمهات بإعطاء أبنائهم بعض الهدايا التي يصنعها الأب أو الأم بأيديهما، أو أن تكون الهدية عبارة عن بعض "المنَح" العاطفية واللحظات السعيدة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على