قيادة حكيمة تحفظ لبنان وحقوق العرب (نصري لحود)

أكثر من ٦ سنوات فى تيار

نصري لحود -
 
عاد صوت لبنان مسموعاً في العالمين العربي والدولي عبر مواقف رئيسه العماد ميشال عون الذي اعاد بحكمته ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله عندما رفض في خطابه امام الأمم المتحدة، توطين اللاجئين او النازحين وطالب بإقرار حقهم في العودة، ثم عندما صان وحدة المكونات اللبنانية عبر موقفه الأبوي الجامع خلال ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري وعودته عنها، إلى كونه اول رئيس عربي استنكر ورفض قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب نقل السفارة الاميركية إلى القدس، وصولاً إلى خطابه التاريخي في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي (كان الرئيس المسيحي الوحيد فيها) والذي كان في نظرنا ونظر كل اللبنانيين خطاب شرعة دولية جديدة تنطلق من حق الدفاع عن القدس مدينة السلام والقداسة، وصولاً إلى جمع العرب على كلمة سواء.
 
ان يتحدث رئيس الجمهورية اللبنانية الماروني عن "سوء العلاقات بين بعض الدول الشقيقة والصديقة، وهو ما أرسى الحواجز النفسية بينها فتعمّقت الفجوات والشروخ وفُقدت روح التضامن، وتحوّل الصراع العربي- الإسرائيلي، والإسلامي- الإسرائيلي، صراعاً عربياً- عربياً، وإسلامياً- إسلامياً، من خلال تغذية الصراع المذهبي بين السنة والشيعة. قائلاً أن في التفرقة ضعفاً، وفي الضعف استفراداً، وليس عبثاً أن من أهم أمثالنا العربية "فرّق تسد". وان يقول إنه استشعر "خطورة المرحلة منذ بداياتها ونصح في كلمته في القمة العربية منذ أشهر بوقف الحروب بين الإخوة، والجلوس إلى طاولة الحوار وإلاّ ذهبنا جميعاً عمولة حلّ لم يعد بعيداً، سيفرض علينا".
 
هذا الكلام الكبير في معانيه والرسائل التي أطلقها في كل اتجاه، يعني ان لبنان الاصغر بين اشقائه العرب والعالم الإسلامي، بات بعد ترتيب بيته الداخلي وتحصين وحدته وسيادته عبر اعتماد سياسة النأي بالنفس، قادر على لعب دور الوسيط بين العرب والمسلمين، وهو ما عناه الرئيس عون عندما حذر من ان مزيد من التفرقة ستجعل العرب والمسلمين والمسيحيين في المشرق العربي سيذهبون فرادة عمولة حل سيفرض عليهم!
لم يتعود ميشال عون مذ كان ضابطاً في الجيش ان تكون الحلول مفروضة عليه وهو القائل "يستطيع العالم ان يسحقني لكنه لن يأخذ توقيعي" فهل يعمم قوله هذا على فلسطين والعرب والمشرقيين الذين بوحدته، لن يستطيع العالم لا سحقهم ولا اخذ توقيعهم على اغتصاب حقوقهم وثرواتهم الفكرية والمالية، ولا سلب القدس من فلسطين.
 
يبقى الاعتراف بدور الديبلوماسية اللبنانية التي استعادت دورها عربياً وعالمياً عبر "بوصلة" الوزير جبران باسيل الذي يتموضع في الدفاع عن حقوق لبنان اولا والعرب ثانياً، والذي قال في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاستثنائي الاخير كلاماً استثنائيا بحجم الموقف: "لست هنا باسم لبنان لأستنكر عملية سلب، ولا لأستذكر هوية عربية نحن من صناعها، ولا لأستفسر عن انتماء عميق يراد إضاعته في نزاعات الهائية، تريد تقسيمنا الى ملل ومذاهب، وتحويلنا أمة مفتتة يستسهل إهانتها وسرقة رموزها، واغتصاب أرضها، بدل أن تكون رابطة تشارك، يجمعنا فيها العلم والتطور والحوار.
 
لست هنا لاستصدار بيان عقيم، أو إدانة رمزية يمحى حبر ليلها ويستهزئ بها من سامعيها. نحن هنا، لأن عروبتنا لا تتنازل عن القدس، ونحن في لبنان لا نتهرب من قدرنا في المواجهة والمقاومة حتى الشهادة. نحن من هوية القدس لا نعيش إلا أحرارا وننتفض بوجه كل غاصب ومحتل وهويتنا لا تخطف، بل تعود لتتحرر فتنطلق من لبنانيتها الى مشرقيتها الى عروبتها".
 
ان السياسة اللبنانية الحالية داخلياً بموافقة كل مكوناته، وما نسمعه من سياسييه على منابر العرب والعالم، والدعم الدولي لاستقراره امنياً واقتصادياً، يعيد دور لبنان إلى ما كان عليه عندما بادر شارل مالك إلى المشاركة في وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم كان لبنان من مؤسسي الجامعة العربية واهم بنود تأسيسها "تحرير البلاد العربية غير المستقلة" اي فلسطين.
 
يمكن اعتبار لبنان اليوم، قائداً لمحور عدم الإنحياز العربي مع مطالبته باحترام العدالة والقوانين الدولية وشرعة حقوق الانسان، وصولاً إلى توحيد العرب في مواجهة اطماع الكيان الغاصب.
 
وبعد، الا يمكن اعتبار السنوات التي مرت على لبنان من فراغ وتعطيل دستوري ومن دون قائد من طراز ميشال عون اياماً سلبت من حياة لبنان والعرب؟
 
 

شارك الخبر على