الهوية والشخصية السودانية في مرآة التراث الشفاهي ..

أكثر من ٦ سنوات فى الراكوبة

تتردد وتتناقل من حين لآخر روايات شفاهية عن تاريخ السودان الحديث والمعاصر لا أساس لها من الحقيقة التاريخية: إنها روايات يرويها ويحكيها الرواة منقولة عن جيل لآخر ومن شخص لآخر، منحولة موضوعة. صحيح أن في طيات بعضها مثقال ذرة من الحقيقة (kernel of truth ) ولكن تضيف إليها سلسلة الرواة "لشيء في نفس يعقوب" لغرض سياسي أو ثقافي أو اجتماعي ما يعلق بها تحويرا ومسخا تكبر مثل هذه الروايات بمرور الزمن ككرة الثلج بإضافات وتضخيم أثناء عملية السرد والنقل والتداول، فالإشاعة مثلا وهي شكل من أشكال الروايات الشفاهية عن أخبار وأحداث الحاضر يتناقلها الناس آناء الليل وأطراف النهار مضافا إلى أصلها وجذرها أو محذوفا منها. والإشاعة عند السودانيين تكاد تحل محل الحقيقة في غياب أو تغييب الحقيقة وهي ملح وشمار المؤانسة والونسة في المجتمع السوداني !
ومن ناحية أخرى تنسب بعض هذه الروايات كل عظيم مرموق من الأحداث أو الشخصيات في تاريخ البشرية القديم والمعاصر لأصل ومنبع سوداني ورده لجذور سودانية! جاء مثلا في بضع روايات وفي كتابات مؤرخين هواة أن سيدنا موسي نوبي من شمال السودان وأن مقرن النيلين الأبيض والأزرق ليس سوى مجمع البحرين، وأن لقمان الحكيم سوداني! وهناك من زعم أن الرئيس براك أوباما من أصول قبلية سودانية جنوب غرب السودان وأن اسمه الأصلي بركة ابو أمنه ..... هذا ما قاله وكتبه في صحيفة سودانية أستاذ" بروفيسور" في التاريخ الحديث بإحدى جامعاتنا الناشئة!! وهذا القول ربما وفقا لمنهج العقيد معمر القذافي رحمه الله وهو يؤصل للعروبة وللتاريخ العربي بأن الروائي الإنجليزي الأشهر شكسبير إنما هو العالم العربي شيخ الزبير!!( عفوا وليام شكسبير ).
إن من آفات تاريخنا الشفاهي وتراثنا الشعبي القولي ـ الشعر والغناء والدوبيت، والأمثال والقصص ـ التعلق والتشبث والتنسيب والانتساب لكل عظيم في تاريخ العالم حدثا كان أم زعيما عبقريا وذلك لتضخيم الذات السودانية الوطنية واصطناع البطولات وصناعة الأ --- أكثر

شارك الخبر على