جهود الإمارات لإنهاء الحرب وإعمار غزَّة
about 1 year in الإتحاد
تماهياً مع سياساتها المرتكزة على تعزيز السلام ومناهضة توظيف «الأدوات الخشنة» لتسوية الصراعات في المنطقة والعالَم، أدانت دولة الإمارات كافة الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، مطالِبةً بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزَّة. وشددت وزارة الخارجية الإماراتية عبر مختلف بياناتها بهذا الشأن على أن الأولوية العاجلة تتمثل في الحفاظ على أرواح المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق. وترتكز مواقف دولة الإمارات حيال الحرب الجارية في غزَّة على عدد من المحددات، أبرزها ضرورة تفعيل القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تمنع سفك الدماء، وتُقر الحماية الكاملة للمدنيين والمؤسسات المدنية وتضمن عدم تحولها إلى هدف للصراع، إضافة إلى استثمار علاقات الإمارات الدولية من أجل حشد المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على إسرائيل لإنهاء تصعيدها العسكري بالأراضي الفلسطينية، وهو ما جسدته العديد من التحركات الإماراتية مؤخراً، ومنها مباحثات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مع مارك روته، رئيس وزراء هولندا، في 10 يونيو 2024، بشأن تطورات الأوضاع في قطاع غزَّة وتداعيات الأزمة على الاستقرار والأمن بمنطقة الشرق الأوسط والعالَم.وبالتوازي مع ذلك، سعت دولة الإمارات إلى تفعيل أدوار المؤسسات الإقليمية والدولية، حيث استثمرت عضويتَها السابقة في مجلس الأمن الدولي، ودورَها في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي اجتماعات مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية وتكتل «بريكس»، من أجل تأكيد رسوخ موقفها حيال ضرورة إنهاء الحرب في غزة.وقد تجسدت هذه المواقف في كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، في أول اجتماع تشارك فيه دولة الإمارات كأحد أعضاء «بريكس»، إذ أكد سموُّه أن دولةَ الإمارات أرست دعائمَ سياستها الخارجية على أساس الالتزام بالقانون الدولي، والمبادئ الدولية ذات الصلة، مثل احترام سيادة الدول، وحل الأزمات بالطرق السلمية، مطالباً بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزَّة، إلى جانب إيصال المساعدات الإنسانية بسرعة ومن دون عوائق إلى الفلسطينيين، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين.وفي الواقع، فإن مواقف دولة الإمارات بشأن الحرب الجارية في قطاع غزة، وتحركاتها السياسية والدبلوماسية تستهدف تحقيق الآتي:إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، حيث أكدت الإمارات عبر مختلف المؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة، ضرورةَ بذل كل جهد ممكن لحماية المدنيين، ووضع نهاية فورية لهذا الصراع، تزامناً مع حفاظ الدولة على تصدرها إقليمياً ودولياً الجهودَ الإغاثية للنازحين الفلسطينيين، والحد من فرص استثمار الحرب في قطاع غَّزة لخدمة أجندات الجماعات والتنظيمات الراديكالية في المنطقة لتعزيز أيديولوجيات متطرفة من شأنها أن تُبقي الإقليمَ والعالم عالقين في دوامات من العنف، وضرورة التعاطي بيقظة مع تزايد مؤشرات تمدُّد الصراع إقليمياً، إذ حذرت معالي نورة الكعبي، وزير دولة، في 07 يونيو 2024، من أن هناك خطراً حقيقياً يُنذر بتمدد الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزَّة إلى المنطقة، مشيرةً إلى أن الإمارات تسعى «بلا هوادة»، لضمان وقف إنساني لإطلاق النار، مُضيفةً: «بينما نواصل العملَ لوقف هذه الحرب، لا يمكننا أن نتجاهل السياق الأوسع وضرورة خفض درجة حرارة المنطقة التي تقترب من نقطة الغليان».وفي ضوء تمرير مجلس الأمن الدولي «خطة بايدن» للتسوية بغزَّة في 10 يونيو 2024، تبرز أهمية استباق هذه الخطة بإعلان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، عن مشاركة دولة الإمارات في إعادة الإعمار في غزَّة، تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في موقف يعكس ارتكاز سياسات دولة الإمارات دوماً على دعم عمليات البناء وجهود الإعمار وتوفير البيئة الإقليمية المواتية للتعايش السلمي، بما يعزز جهودَ التنمية المستدامة ويُرسي الاستقرارَ الإقليمي ويحفظ الأمنَ الدولي.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية