«بريكس» وحرص الإمارات على تعزيز العمل الجماعي الدولي

about 1 year in الإتحاد

انعكاساً لاستراتيجية دولة الإمارات المرتكزة على تعزيز جسور التعاون السياسي والاقتصادي على الصعيد الدولي، شارك سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، في اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة «بريكس» (10 - 11 يونيو) بمدينة نيجنينوفغورود الروسية، برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي ترْأس بلادُه «بريكس» خلال عام 2024. وقد اكتسب هذا الاجتماع أهميةً خاصة، بوصفه الاجتماع الأول لوزراء خارجية دول «بريكس» بعد توسيعها عام 2023، بضم 5 دول منها دولة الإمارات، في توسُّع هو الأكبر منذ انعقاد قمتها الأولى عام 2009، حيث أضحت تضم 10 دول (روسيا، والهند، والصين، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، ودولة الإمارات، ومصر، وإيران، والسعودية، وإثيوبيا).
وجاء هذا الاجتماع في إطار التحضير للقمة السادسة عشرة لـ«بريكس» المقرر عقدها بمدينة «قازان» عاصمة جمهورية تترستان الروسية في أكتوبر المقبل. وقد تناول عدداً من الملفات، أبرزها: الأزمات في غزة وأوكرانيا، والتغير المناخي، وإمكانية تنسيق السياسة الخارجية للدول الأعضاء في إطار مؤسسات الأمم المتحدة، وفي القلب منها مجلس الأمن الدولي، وتحسين النظام النقدي والمالي الدولي، وتطوير منصة لتسوية المبادلات التجارية بالعملات الوطنية، ومواجهة سياسات الحماية التجارية.وقد أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال مشاركته في الاجتماع، تطلعه إلى أن يشكل انضمام دولة الإمارات إلى مجموعة «بريكس» محطة مهمة في مسيرتها، وحافزاً قويّاً لتعزيز علاقاتها الثنائية مع أعضاء دول المجموعة، من خلال نهج يستهدف تحويل الأزمات والتحديات إلى فرص، والانفتاح على الشراكات الاقتصادية الخارجية.
وانطلاقاً من إيمان دولة الإمارات بضرورة تعزيز العمل الجماعي الدولي، وفقاً لمبدأ المعادلات التي يخرج منها الجميع رابحين، فقد دعا سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى التعاطي الإيجابي مع الجهود العالمية لتحقيق الإصلاحات المنشودة في منظومة العمل الدولي، وتعزيز مشاركة الدول النامية والفقيرة في المؤسسات الدولية والاقتصادية، وذلك لمساعدتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة أعباء ارتفاع معدلات المديونية والفقر.
واستثماراً لإرادة التعاون في إطار مجموعة «بريكس»، دعا سموه إلى تطوير مبادرات استراتيجية في مجالات السياحة والطاقة والصناعة والنقل والتعليم والاقتصاد الأزرق، وابتكار نماذج ناجحة للتعاون متعدد الأطراف لمواجهة مخاطر تغير المناخ، والأزمات البيئية، وتقديم حلول عملية لتحقيق انتقال عادل ومنطقي في مجال الطاقة، وحماية الأرض، وهي مجالات تتمتع فيها دولة الإمارات بميزات نسبية، أكدتها استضافتها الناجحة لمؤتمر الأطراف «COP28» نهاية العام الماضي، والذي شكلت مخرجاته نموذجاً ناجحاً للتعاون وتضافر الجهود في مجال مواجهة تغير المناخ، ووضع أسس راسخة لتطوير هذا التعاون واستدامته.
وفيما يتعلق بالأزمة التي يشهدها قطاع غزة، فقد دعا سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في القطاع، والإسراع بإيصال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، مؤكداً اتساق ذلك مع مبادئ السياسة الخارجية لدولة الإمارات، القائمة على أساس الالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتسوية الأزمات بالطرق السياسية والدبلوماسية.
ومن المؤكد أن الإمكانات الكبيرة التي تتيحها مجموعة «بريكس» أمام دولة الإمارات تفسر حرص الدولة على تكثيف انخراطها في فعاليات المجموعة ومؤسساتها، وخاصة «بنك التنمية الجديد». فالمجموعة التي أصبحت رقماً مؤثراً، خلال السنوات الأخيرة، تضم قوى عالمية كبرى مثل الصين وروسيا، ودولاً رائدة في قاراتها مثل جنوب أفريقيا والبرازيل. ويبلغ عدد سكان دول المجموعة - بعد توسيعها - نحو 3.5 مليار نسمة (يمثلون 45% من سكان العالم، يعيشون على 25% من مساحة اليابسة).
ويمثل الناتج المحلي الإجمالي لدول المجموعة 28.3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي لعام 2023. وتنتج المجموعة نحو 44% من النفط العالمي الخام، وتستحوذ على قرابة 20% من تجارة العالم. وهذه الإمكانات مرشحة بقوة لزيادات كبيرة، في ضوء تطلع نحو 30 دولة للانضمام إلى مجموعة «بريكس»، ومن أبزرها فنزويلا وتركيا ونيجيريا.
* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

Share it on