الأمراض والعلل في السينما العربية

حوالي سنة فى الإتحاد

كانت السينما العربية في بداياتها، وبعد سيطرة أفلام المقاولين عليها، وانتشار الجهل بين المشاهدين والمتلقين، ودخول غير المتخصصين في كتابة معظم أعمالها، ظهرت في حواراتها مبالغات وبدع و«كليشهات» أصبحت مع الوقت مسلمات، ولا أحد حاول مناقشتها أو تصحيحها، وكتبت سيناريوهات مشاهد فيها من السذاجة والاستهبال ومخالفة الحقائق العلمية، لكنها مشت على الناس، وهي كثيرة، بحيث إذا وجد أحد معترضاً عليها، لامه الناس الكثر، وربما اتهم بعدم الفهم أو التشاطر على الناس، من تلك الأشياء التي تستحضرها الذاكرة:- «آه يا ألبي..»! ويده على طرف صدره من جهة الشمال، هذا المشهد لم يخلُ منه فيلم، قديماً وحديثاً، لكنه من الناحية العلمية والطبية من الأخطاء التي لا تغتفر، فوجع القلب ليس مكانه أقصى جهة الشمال، إنما مكان آخر لم يعرفه كتّاب سيناريو الأفلام العربية، وأعراضه مختلفة، وله مؤشرات جسدية غابت عنهم طوال هذه السنين الطويلة من الإنتاج السينمائي.- «عنده شوية صداع.. أدي له كباية ليموناده سائعة»! وهو أمر بالتأكيد لا يخفف الصداع، بل يزداد مع أي شيء بارد، ويجعل الأمور تسوء.- «لازم يركز في المذاكرة أو البنت عليها امتحانات ثانوية عامة، كباية شاي أو ليمون علشان يبرد أعصابه»، ويجعل من تلميذة الثالث الثانوي مركزة في الدراسة، وهذا أمر لم يثبت علمياً، ولم يوص به أي من علماء التربية أو المستشارين التربويين.- تتذكرون مشهد الطبيب الذي يجري عملية في غرفة العمليات التي تبدو مثل غرفة في شقة مفروشة، وهو يعمّر سيجارته أو يخرج من باب غرفة العمليات مرهقاً لممر المستشفى، ويشعل سيجارة كانت في جيبه أثناء إجراء العملية التي يقول عنها الممثل الطبيب: كانت عملية دقيقة في المخ، وأنه عمل كل جهده، والباقي على الله!- ليس أسهل على الممثل العربي في السينما العربية إن كان دوره يتطلب منه أن يظهر مريضاً، فأبسط الحلول لديه لكي يقنع المشاهد «الكح» باستمرار أو أن يقبض جبهته أو أن يسقط فجأة على «الكنبة» الوثيرة، تماماً مثل الحامل في مشاهد السينما العربية، تظل قابضة خاصرتها، وتئن بلا وجع طوال الفيلم.- من المشاهد التي كانت توترني في السينما العربية، حين يلتقي البطل بالبطلة على طاولة في النادي أو في مقهى على النيل، ويطلبان كأسين من عصير البرتقال، لكنهما لا يشربانه أبداً، إما بسبب الزعل المفاجئ أو لأن الحديث الطويل أخذهما وهما يخططان لشراء شقة العمر، المشكلة هي أنه لا البطل ولا البطلة يضعان ثمن هاتين الكأسين، ولا يشكران ذلك النادل بالجاكيت الأبيض وربطة العنق.- من المشاهد المضرة في السينما العربية حين يريد المخرج أن يقول لك إن البطلة من عائلة أرستقراطية، يظهرها لنا وهي تلعب كرة تنس أرضي، طبعاً لا مهارة، ولا تدريب على إرسال «السيرف» بشكل صحيح، والوزن أكيد لا يساعد على تحمل أي جهد رياضي، والفانيلة البيضاء الرياضية تبدو ضيقة، وليست على المقاس، المهم في آخر المشهد فقط تمسح عرق الجبهة المحتمية بالباروكة على المجهود المضني، وختام الحوار: «أشوفك بعد بكرا في النادي.. أوعا ما تجيش، حازعل»!- من المشاهد في السينما العربية والتي كانت ضد البيئة، وضد الفكر المستنير، حين يريد المخرج أن يظهر الباشا أو الرجل الغني أو شخصاً عليه القيمة في المجتمع، فإنه يلبسه «robe de chambre» حريري على قميص وربطة عنق في الصالة، ويجعله يدخن «سيجار كوهيبي»، ويستمع لموسيقى كلاسيكية، ويجلس متزمتاً، متخشباً، ولعل أكثر من ظهر بتلك الهيئة «يوسف وهبي، وحسين رياض، وسراج منير».- طبعاً.. عادي تظهر ممثلة متقدمة في السن وهي تدرس في سنة أولى طب، أو يظهر ممثل  بدأ العمل في السينما وهو في الأربعين، متخرجاً من كلية التجارة، جامعة عين شمس.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على