دكانة «المفوّضية السامية» المشبوهة تتمادى في وقاحتها رسـالة تأنيب لوزير الداخلية وتهديد للبنان

حوالي شهر واحد فى تيار

الأخبار: رلى إبراهيم-
ما من شك في أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت تتحمّل، لأسباب مشبوهة، مسؤولية مباشرة عن كثير من الفوضى التي تحيط بملف النازحين السوريين في لبنان، بحجبها داتا النازحين عن الأجهزة الرسمية اللبنانية، ووضعها العصي في دواليب أي محاولة للتنسيق مع الحكومة السورية لتنظيم إعادة طوعية للنازحين، عبر تخويف هؤلاء من «الاضطهاد» الذي ينتظرهم في بلادهم.
 
ورغم التوصية التي خرج بها مجلس النواب الأسبوع الماضي حول الملف ودعوته الأمم المتحدة إلى الالتزام بالمعاهدات والاتفاقات الدولية الموقّعة مع لبنان، واصلت المفوّضية تعدّيها على السيادة اللبنانية وتجاوزها لصلاحياتها وصولاً إلى إطلاق تهديدات وقحة ضد إدارات رسمية لبنانية، إذ أرسل ممثل مكتب المفوّضية في بيروت ايفو فرايسن، قبل ثلاثة أيام، كتاب «تأنيب» إلى وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي بسبب الإجراءات التي تتخذها البلديات لتطبيق القانون على النازحين المخالفين، وأبدى انزعاجاً من احتجاز القوى الأمنية مركبات ودراجات نارية لنازحين لا يحملون رخصاً.
 
وبالتأكيد ما كان فرايسن لـ«يتفرعن» لو وجد من يردّه، ولولا خنوع الدولة منذ سنوات وسماحها للمفوّضية بفتح «دكانة» لها على الأراضي اللبنانية. لذلك، لم يجد ممثلها حرجاً في توجيه الرسالة الحادّة اللهجة إلى وزير الداخلية والبلديات يطلب فيها رفع القيود عن النازحين متجاهلاً تماماً مذكّرة التفاهم الموقّعة بين المفوّضية والمديرية العامة للأمن العام اللبناني عام 2003، والتي نصّت على اعتبار لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء، وعلى قيام المفوّضية بدور لإعادة النازحين إلى بلادهم ضمن مدة معينة أو مساعدتهم على العبور إلى بلد آخر.
وأعرب فرايسن في رسالته عن «قلق» المفوّضية من زيادة التدابير التي تؤثّر على إقامة السوريين، والتي أدّت إلى توترات في عدة مناطق خلال الأسابيع الماضية، مشيراً إلى اعتماد بعض البلديات إجراءات صارمة أسفرت عن زيادة معاناة العائلات السورية النازحة المقيمة في لبنان منذ سنوات، مشيراً، باستياء، إلى تبلّغ المفوّضية بـ«أكثر من 100 إجراء بلدي جديد خلال شهر نيسان تستهدف النازحين السوريين فقط»، وتلقّيها «أكثر من ألف اتصال بشأن تحديات يواجهها السوريون على الأرض».
 
وأبدى فرايسن انزعاجاً من فرض قيود على استخدام المركبات والدراجات النارية من دون رخص في الشمال، ومن تلقي مواطنين سوريين إشعارات إخلاء من قبل البلديات.
 
و«لفت انتباه» وزير الداخلية إلى وجود مخطط لإخلاء جميع اللاجئين في منطقة الكورة بشكل قسري، ما يؤثر على حوالي 2500 شخص، بمن فيهم من يقيمون في مجمع الواحة والمناطق المحيطة به.
 
وفيما تشير الرسالة إلى أن المفوضية تدرك مخاوف محافظ الشمال مبدية استعدادها والمنظمات الأخرى للتواصل معه والبحث في سبل التغلب على التحديات، لكنها ما تلبث أن تهدد ضمنياً، مشيرة إلى أنه «ينبغي لأي تدابير متخذة أن تعطي الأولوية لحماية ورفاهية الأشخاص الأكثر ضعفاً بما يتماشى مع الأطر المحلية والدولية المعمول بها».
 
وبعد شرح مفصل لحقوق الإنسان نصح فرايسن لبنان بالامتناع عن عمليات الإخلاء القسري تطبيقاً للصكوك القانونية الدولية، وأبدى رأيه بطريقة معالجة الإخلاء الذي «يجب أن يتم عبر المحاكم لأنه لا يحق للمالك إخلاء المستأجر من دون أمر قضائي (…) ولطالما جاءت الأحكام الصادرة عن القضاة اللبنانيين في هذا الاتجاه». ولمزيد من الإفهام، أشار إلى أن القانون اللبناني «يعاقب على مثل هذه الإجراءات استناداً إلى المادة 429 من قانون العقوبات»، من دون أن ينسى «كل الاحترام لوزارة الداخلية وتقديره لحكومة وشعب لبنان».
لا تزال المفوّضية تتجاهل طلب لبنان تسلّم الداتا الخاصة بالنازحين
على الأثر، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب صباح أمس استدعاء ممثل مكتب المفوّضية، وهو ما كان يجب أن يحصل منذ سنوات وصولاً إلى طرده.
 
وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي أرسل مستشاره للشؤون الخارجية زياد ميقاتي إلى الوزارة لحضور لقاء بو حبيب - فرايسن، وأبلغه بضرورة الطلب من الأخير سحب الرسالة الموجّهة إلى وزير الداخلية وتسليم داتا النازحين للبنان.
 
وبعد اللقاء، أعلن وزير الخارجية أنه أبلغ ممثل المفوضية بـ«ضرورة سحب الرسالة واحترام أصول التخاطب مع الوزارات والإدارات اللبنانية المختصة، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية والمغتربين لجهة كونها الممر الإلزامي لكل مراسلات المفوّضية وفقاً للاتفاقيات، والمعاهدات، والأعراف الدبلوماسية».
 
وذكّره بضرورة تطبيق مفوّضية الأمم المتحدة نفسها لمذكّرة التفاهم الموقّعة مع المديرية العامة للأمن العام في عام 2003 طالباً تسليم داتا النازحين كاملة من دون إبطاء في مهلة أقصاها نهاية الشهر الجاري للمديرية العامة للأمن العام، وفقاً لمذكّرة التفاهم الموقّعة في 8 آب 2023، مع وزارة الخارجية والمغتربين.
 
وفي حال «عدم التقيّد والتمادي في تجاوز حدود الاختصاص، ستكون الوزارة مضطرة الى إعادة النظر في تعاملها مع المفوّضية أسوة بما اتخذته دول أخرى من إجراءات في حق المفوّضية لدى قيامها بتجاوزات مماثلة».
 
فيما قالت مصادر وزارة الداخلية لـ«الأخبار» إن رسالة المفوّضية «لن تؤثر على الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة، والوزير مستمر بتطبيق الإجراءات وفقاً للقانون».
 
وفي وقت لاحق، أعلنت المفوّضية سحب الكتاب الذي «تمّ توجيهه وفقاً للإجراءات المتّبعة مع النظراء الحكوميين المعنيين وبما يتماشى مع المسؤوليات المنوطة بالمفوّضية عند بروز قضايا تتعلق بالفئات الضعيفة في لبنان، بما فيها اللاجئون».
 
وشدّدت على «أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة للاجئين للمساعدة على تخفيف الضغوط في لبنان، بما في ذلك من خلال تهيئة ظروف مؤاتية في سوريا للعودة»، مجدّدةً «التزامها بالتعاون بشكل بنّاء مع الحكومة اللبنانية».

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على