تعديلات "الورقة الفرنسية" تتضمّن إعادة «انتشار» لا انسحاب... ماذا عن ملف الغاز؟

١٨ يوم فى تيار

قد تكون الساعات والايام المقبلة، حاسمة في تحديد اتجاهات الاحداث والتطورات الميدانية والديبلوماسية في لبنان والمنطقة، حيث الجميع في سباق مع الوقت، «والكباش» على اشده على اكثر من صعيد، لاحداث اختراق جدي في «جدار» رئيس حومة الاحتلال بنيامين نتانياهو واعضاء حكومته المتطرفين، الذين يحاولون التملص من استحقاق وقف النار في غزة، الذي بات اولوية اميركية، بعد انتقال «نيران» غزة الى جامعات الولايات المتحدة، حيث يتحول يوما بعد يوم الى «كرة نار» متدحرجة تعمّق الانقسامات داخل المجتمع الاميركي والحزب الديموقراطي عشية انتخابات رئاسية مصيرية.
وفيما تضغط ادارة بلينكن على نتانياهو «بسيف» المحكمة الجنائية الدولية، وتغري «اسرائيل» بالمقابل «بجنة «التطبيع مع السعودية، قررت طمأنة الجمهور «الاسرائيلي» القلق، بعد ان فقد الثقة بجيشه الذي لم يعد يردع احد، بقراراقامة قاعدة عسكرية اميركية ثابتة تتسع لـ23 الف جندي جنوب «اسرائيل».
في هذا الوقت، اوصى معهد الامن القومي «الاسرائيلي» بعدم توسيع الحرب مع حزب الله لعدم الجهوزية راهنا، وانتظار الفرصة المناسبة للقيام بذلك، وسط مخاوف جدية من قدرة حزب الله التدميرية ، وجهوزيته للانتقال من الدفاع الى الهجوم والدخول المفاجىء الى مستوطنات الجليل، وسط اقرار بنجاحه في فرض معدلة غزة – الشمال، ووضعه ملف التنقيب عن «الغاز» على الطاولة.
«الورقة الفرنسية»؟
وفيما لا تزال زيارة المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت «معلقة» على نتائج المفاوضات حول غزة، وهو سيرعى اي اتفاق خاص بالحدود الجنوبية بغض النظر عن الحراك الفرنسي، سلمت السفارة الفرنسية عند السابعة مساء امس رئيس مجلس النواب نبيه بري مضمون الورقة الفرنسية، للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب. ووفقا لمصادر مطلعة، فأن قصرالإليزيه أعد التعديلات على الورقة الأصلية، في ضوء ملاحظات المسؤولين اللبنانيين ومن خلفهم حزب الله، وتتضمن الورقة الفرنسية اتفاقا على مراحل، يبدأ بوقف الأعمال العسكرية بين حزب الله والجيش «الإسرائيلي» انسجاماً مع نص القرار 1701، وتأمين عودة سكان المستوطنات الشمالية وأهل الجنوب إلى اماكن سكنهم، وانتشار 15 ألف جندي من الجيش اللبناني بعد تعزيزه بالتجهيزات الكافية في جنوب الليطاني. وبعدها يجري إطلاق مفاوضات تثبيت الحدود وتشكيل لجنة تشرف على الترتيبات. ولم تتحدث الورقة عن مدى جغرافي لانسحاب مقاتلي حزب الله، وتركت النص مبهما بالحديث عن اعادة «انتشار» او «تموضع» للقوات المقاتلة.!
ثبات موقف المقاومة
من جهته، اختصرعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله موقف حزب الله من التفاوض الحالي، محددا ملامح «اليوم التالي» لوقف الحرب، واكد ان أي مبادرة خارجية تجاه لبنان هدفها إراحة حكومة نتنياهو لتركز كل جهدها على غزة، هي مبادرة محكوم عليها بالفشل، فالبحث عن الحل لا يكون بمعالجة النتائج، بل معالجة الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج، وما يحصل على جبهتنا الجنوبية من مساندة لغزة له سبب رئيسي، وهو العدوان الإسرائيلي على غزة، وسبب آخر هو منع العدوان على بلدنا، ولذلك من يريد إيجاد الحلول، عليه أن يذهب بالدرجة الأولى إلى الكيان الصهيوني، ويمارس الضغط عليه كي يوقف هذه المذبحة في غزة، وأما كيف يكون عليه الجنوب بعد وقف العدوان، فهذا ما يقرره الشعب اللبناني ودولته ضمن قواعد الحماية للجنوب، ومن ضمنها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وأيضا عدم المس بسيادتنا الوطنية.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان موقف حزب الله، جاء ردا على محاولة وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه في زيارته الاخيرة الى بيروت، انتزاع تعهد ان لا يتجدّد القتال جنوبا في حال تجدّد القتال في غزة، بعد هدنة مؤقتة، او طويلة الامد.
معادلة حزب الله ؟
اما الرواية حول التحركات الديبلوماسية، من الجانب «الاسرائيلي»، فكشفت بعض تفاصيلها صحيفة «هآرتس» التي اكدت ان «اسرائيل» لا تزال تتحدث عن بدائل للحرب الشاملة مع لبنان، ولفتت الى ان هدفها الرئيسي كان وما يزال أن يسود وضع أمني مختلف، يمكّن سكان شمال «إسرائيل» من العودة إلى بيوتهم بصورة هادئة وآمنة.
ولفتت الصحيفة الى ان حزب الله نجح في ان يملي معادلة غزة مقابل الشمال، إلى درجة أن المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين، الذي كان متفائلا جداً قبل شهر رمضان عندما اعتقد أن وقف النار في غزة على الباب، وقد اعترف أنه لا فائدة من مجيئه إلى المنطقة للمضي بالمفاوضات، اذا كانت الحرب في قطاع غزة ليست على وشك التوقف.
«كاريش»- قانا على الطاولة؟
ووفقا لصحيفة «هآرتس» أعطى حزب الله للحكومة اللبنانية تفويضاً لإجراء المفاوضات مع «إسرائيل» حول ترسيم الحدود البرية، بشكل يأخذ في الحسبان النقاط المختلف عليها، مع فهم بأن الجيش اللبناني سينتشر على طول الحدود المتفق عليها، وبذلك استكمال هذا الجزء من قرار 1701. ووفقا لمعلومات الصحيفة، يطلب حزب الله أيضاً بوجوب أن يشمل أي اتفاق مع «إسرائيل» ضمانات دولية لتطبيقه، إضافة إلى التعهد بإعادة إعمار جنوب لبنان، وكذلك استئناف التنقيب عن الغاز على طول الشاطئ في المناطق التي انتقلت الى سيطرة لبنان في إطار اتفاق ترسيم المياه الإقليمية. وقد ابلغ «الوسطاء» انه من غير المعقول أن تستخرج «إسرائيل» الغاز من حقل «كاريش»، في حين أن الشركات التي تعهدت بالتنقيب عن الغاز في لبنان أوقفت نشاطاتها.
«ورقة للمساومة»
هذه الطلبات، إضافة إلى امتناع حزب الله عن مهاجمة منشآت التنقيب في حقل «كاريش» أو إطلاق المسيّرات قربها، كما فعل أثناء المفاوضات على المياه الإقليمية، ربما تدل على أن حزب الله يعدّ ورقة مساومة قبل الخطوات الديبلوماسية، بحسب «هآرتس»، التي رأت ان حزب الله حقق في المواجهة مع «إسرائيل» فائدة سياسية في الساحة الداخلية، إلى درجة أن لا أحد يتحدث الآن عن نزع سلاحه، بل فقط عن انسحابه إلى خط الليطاني!.
لا ثقة بـ»توتال»
وفي السياق نفسه، تبدو «الثقة» مفقودة بين لبنان وشركة «توتال»، حيث افادت مصادر لبنانية ان الامر اثير مع سيجورنيه في عين التينة، وقالت انه لا جديد حتى الآن في شأن تسليم «مجموعة توتال إنرجي» تقريرها المنتظَر حول نتائج عمليات الاستكشاف والحفر في البلوك رقم 9، ويبدو انه باتت مرتبطة ايضا بوقف الاعمال القتالية على الحدود الجنوبية. وثمة شكوك كبيرة بعد ان حفرت في مواقع بعيدة عن الحدود البحرية مع شمال «إسرائيل» بمسافة 25 كلم، وبعد شهرين من الحفر، أعلنت أن النتائج غير مشجعة؟!
وبات واضحا خضوع الشركة للضغط الاميركي- «الإسرائيلي» الذي يمنع أي عملية استخراج أو استكشاف في المناطق المحاذية للحدود البحرية شمال «إسرائيل»، أو تلك المقابلة لـ»حقل كاريش» أو أي حقل ممكن اكتشافه في البلوكات «الإسرائيلية».
تجدر الاشارة الى أن «العقد الموقَع مع «توتال» أعطاها الحق الحصري في تحديد نقاط الحفر وتوقيته، وحان الوقت كي تاخذ الحكومة المبادرة، وتستفيد من الواقع الراهن للضغط على السلطات الفرنسية كي تعدل «توتال» سياستها، والتهديد الصريح بالذهاب الى خيارات اخرى.

شارك الخبر على