الأحد ٦ ديسمبر ١٩٦٤ أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم
أكثر من ٧ سنوات فى الراكوبة
كان الأحد الأسود الموافق 6 ديسمبر 1964 من أيام الفتن التي قال أفضل البشر إنها تقبل "كقطيع الليل المظلم". وطعن ذلك الأحد ثورة أكتوبر طعنة نجلاء لأنه عاجلها في أمنيتها البكر وهي الوصول إلى وطن جديد عن طريق مناقشة أخرى عنه حول مسألة الجنوب. وهي طعنة نجلاء مجربة. فما تفتحت شهية الناس لوطن مستقل في 1954 حتى وقع "تمرد" الفرق الجنوبية الذي راح ضحيته مئات المدنيين الشماليين من رجال ونساء وأطفال. فطمت البطن السياسية الشعبية. وتكرر الأمر في 2005 حين انفتحت الشهية مجدداً لحل وفاقي للجنوب تجلت في استقبال العقيد المرحوم جون قرنق الاستثنائي في الخرطوم. وأوقح ما في أيام الفتنة هذه هو استلالها عرق المحبة في الوطن الواحد من أوساط الناس لتصبح القضية بين سياسيين وعسكريين في لعبة الحكم. يعتزل الشعب القضية فيتقاذفها النادي السياسي تقاذف الكرة.
أعرض تحته صورة قلمية لمشهد من ذلك اليوم بقلم المرحوم جمال عبد الملك الكاتب السوداني من أصول مصرية جاءت في كتابه عابر سبيل الذي نشرت دار عزة بعد وفاته بإشراف بنته جيهان وقدمت له. وهي عند وقفته عن ألسن النار القائمة فوق دار النشر المسيحي القريبة من سينما كوليزيوم.
فإلى نص ابن خلدون:
وفي السادس من ديسمبر1964 وقعت أحداث دامية في الخرطوم أبرزت عجز حكومة سر الختم، وكانت حشود من أبناء جنوب السودان في العاصمة قد هرعت لمطار الخرطوم لاستقبال الوزير الجنوبى الذى كان أول جنوبي يتولى وزارة هامة وهي وزارة الداخلية، ولكن طائرة الوزير تأخرت فراجت إشاعة بأن وزير الداخلية قتل في مؤامرة دبرها الشماليون، واندفعت جموع الجنوبيين الغاضبين تحطم مباني المطار ثم اشتبكوا مع الشماليين خارج المطار في معارك دامية، وبعد أن اشتعلت الفتنة صار إخمادها عسيرا، ووقعت الحكومة في مأزق، فهي لا تستطيع طلب تدخل الجيش لقمع الفتنة بعد الهتافات المهينة التي ترددت في أكتوبر1964، والتعهدات التي طلبها المدنيون المجتمعون في دار أساتذة جام --- أكثر