نبوءة «بلطية العايمة» تتحقق.. عودة أزمة أهالي «فينيسيا الشرق» بالإسكندرية

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

كتب: مايكل سمير- أحمد الزغبي

في مثل هذا الشهر منذ 9 سنوات، صدر فيلم «بلطية العايمة»، التي قدمت بطولته الفنانة عبلة كامل، والذي تدور أحداثه عن سيدة تقطن في منطقة طلمبات المكس بالإسكندرية ويصدر لها قرار إزالة لمنزلها، إلا أنها تحاول أن تواجه ذلك لتتمسك بمنزلها.

ووقعت «نبوءة الفيلم» على أرض الواقع اليوم الخميس، إذ شهدت «فينيسيا الشرق» وقفة احتجاجية لعدد من أهالي المنطقة الذين عبروا عن رفضهم الانتقال من منازلهم إلى وحدات الإسكان البديلة التي وفرتها لهم الحكومة.
 

بداية الواقعة، عندما وضعت الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة الدولة للتطوير الحضري والعشوائيات سابقًا، حجر الأساس لـ9 عقارات تحتوي على 215 وحدة سكنية تبلغ مساحة الواحدة منها 63 مترا، في أغسطس 2015، ضمن مشروع تطوير المناطق العشوائية، بعد تصنيف «ترعة الخندق» ضمن المناطق الخطرة على السكان في مستوى «ب».

وتكلف المشروع الإسكاني 22 مليون جنيه، وبعد الانتهاء المشروع في شهر نوفمبر الماضي، وإعلان القرعة وأسماء الفائزين، فوجئ بعض أهالي «ترعة الخندق» بعدم إدراج أسمائهم ضمن المستحقين لوحدات سكنية في القرعة، فنشبت أزمة امتدت إلى اليوم. 

فينيسيا الشرق
عندما تقع عينك على «فينيسيا الشرق» بمنطقة المكس بالإسكندرية، تشعر كأنك في مدينة البندقية بإيطاليا، للتشابه بينهما، حيث تتراص المراكب على شاطئي الترعة التي تلون السماء مياهها باللون الأزرق.

وتقع «فينيسيا الشرق» في حي العجمي، ويمتهن أغلب سكانها الصيد وتوارثوا المهنة أبًا عن جد، وهي مصدر رزقهم الوحيد، وتمر  ترعة الخندق التي تشق المنطقة، والتي تبدأ من بحيرة مريوط وتنهي بصبها في البحر المتوسط.

تاريخ الأزمات  
عدة سنوات من الأزمات تواجه صيادي منطقة ترعة الخندق بالمكس والذي تعتبر امتدادا لبحيرة مريوط، بدأ ذلك مع شركات تقوم بصرف مخلفاتها الصناعية في الترعة مما أدى إلى تلويثها، وكانت هناك العديد من القضايا بين الصيادين والشركات، آخرها ما تقدم به النائب هيثم الحريري بطلب إحاطة إلى المسؤولين حول صرف مخلفات المصانع في بحيرة مريوط، وتلوث المياه الإضرار بالثروة السمكية.

خطة إخلاء منطقة «ترعة الخندق» بدأت خيوطها تظهر أواخر عهد الرئيس المتنحي محمد حسني مبارك، بحجة تطهير المجرى المائي نتيجة للتلوث الذي تعرضت له من قبل الصرف الصناعي، والذي كان يقابل بالرفض من الصيادين، لرغبتهم في الإقامة بالقرب من مصدر رزقهم ومراكبهم.

وفي يوم 4 من شهر ديسمبر الجاري، أعلن حي العجمي بغرب الإسكندرية، أن بعد غد السبت موعد هدم الجانب الشرقي من المنطقة بالمعدات الثقيلة فور إخلائها من الصيادين والأهالي.

وفاجأ عدد من أهالي ترعة الخندق الأجهزة التنفيذية أمس برفضهم الانتقال إلى المساكن الحضرية الجديدة، بسبب بنود التعاقد عليها، وامتدت الأزمة بوقفات احتجاجية اليوم تدخلت القوات الأمنية لفضها.

محمد السيد، من أهالي المنطقة وأحد الرافضين للانتقال إلى الوحدات السكنية الجديدة، أوضح لـ"التحرير" أن الشقق إيجارها الشهري يبلغ 200 جنيه، بالإضافة لدفع فواتير المياه والكهرباء والغاز، مشيرا إلى أن أحد بنود التعاقد ينص على دفع غرامة 10 آلاف جنيه في حالة تغيير معالم الشقة التي تبين أنها حق انتفاع لمدة 50 عاما، أما في حالة عدم دفع الإيجار لمدة شهر سيتم طرد الأسرة في الحال خارج الوحدة.

وأيد موقفه إسلام مرسي، أحد سكان منطقة الخندق بالمكس، لكنه يوضح أنه تفاجأ بعدم إدراج اسمه ضمن المستحقين لشقق المشروع السكني البديل.

وقال إسلام: «قمت بتقديم تظلم ولم يبت فيه حتى الآن، يعني إحنا هنروح فين نترمي في الشارع؟».

وأكدت شادية محمد أنور أنها لن تخرج من منزلها قبل قبول التظلمات التي تقدمت بها للمسئولين، وهاجمت شادية مصطفى الطلخاوي نائب دائرة الدخيلة ومحافظ الإسكندرية، قائلة: «مش عايزنهم علشان مش حاسين بينا».

وتقدم 8 مواطنين بمذكرة تظلم لمحافظ الإسكندرية والمنطقة الشمالية وحي العجمي، لعدم إدراجهم من ضمن المستحقين لوحدات سكنية بالمشروع الحضاري الجديد، وعبروا عن خوفهم من أن يلاقوا مصير المجهول بإلقائهم في الشوارع بعد هدم منازلهم دون حل أزمتهم.

الرأي القانوني
في المقابل، قال المحامي علي القسطاوي، إن منطقة الخندق يسكنها الصيادون على أساس مهني، والمساكن البديلة لهم مساكن حق انتفاع لمدة 50 عاما، وسترجع للدولة مرة أخرى بعد انتهاء المدة.

ونوه قسطاوي إلى أن قرار إخلاء منازل الصيادين إداري، وتنص المادة (970) من القانون المدني بإنهاء التعدي على ممتلكات الدولة.

ولفت المحامي إلى أن القضاء أنصف في واقعة سابقة الأهالي على الحكومة، مبينا ذلك بقوله: «بعد صدور قرار من محافظ الجيزة بإزالة تعديات المباني في عزبة خيرالله، رأت محكمة القضاء الإداري أن المباني مقامة على أرض مملوكة للدولة وأن القرار صادر من جهة مختصة، إلا أن محكمة مجلس الدولة ألغت القرار واستندت في حكمها إلى أن هناك أزمة إسكان طاحنة ولا يجوز إخلاء المواطنين.

وواصل قسطاوي: «بيوت منطقة ترعة الخندق لا تقيم بها أسرة واحدة ولا هي ملك لشخص واحد، ولكن في الحقيقة يقيم بها عشرات الأسر، ويعيش بها الأب والأبناء والأحفاد»، مضيفًا أن عدد الوحدات السكنية في المشروع الجديد لا تكفي عدد أسر الصيادين والأهالي.

شارك الخبر على