الإمارات وطموح الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي

over 1 year in الإتحاد

فيما تمثِّل شهادة عالمية على سعي دولة الإمارات نحو تعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي ومسابقة الزمن لتحقيق الريادة في قطاعاته المختلفة، ناقش المعهد الأميركي لأبحاث السياسة العامة في واشنطن، في مقال هذا الأسبوع، جهود دولة الإمارات في التحوُّل إلى قوة عالمية في الذكاء الاصطناعي، كطموحٍ يأتي لتحقيق التقدُّم والتنمية المستدامة في مختلف المجالات، وبما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطني على المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة.
وسلَّط المعهد الضوء على المبادرات الرائدة في الذكا ء الاصطناعي لدولة الإمارات، وذكر من بينها إطلاق حكومة الإمارات استراتيجيةً وطنيةً للذكاء الاصطناعي، وإنشاء مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة بإيعازٍ من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليكون المجلس مسؤولاً عن تطوير وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات المرتبطة بتقنيات واستثمارات وأبحاث الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة في إمارة أبوظبي.
وذكر المعهد الأميركي تطوير معهد الابتكار التكنولوجي، المركز العالمي الرائد في البحث العلمي وذراع البحوث التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، نموذجه اللغوي الضخم «فالكون»، وهو الأمر الذي أسهم في تعزيز قدرات الدولة، وبصورةٍ كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتبعاً للمعهد، فإن الإجراءات التي تتخذها دولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي تمثِّل نهجاً متعدد الأوجه يدمج بين التوجهات نحو تعزيز التنمية الوطنية وبين التأثير العالمي، ويقدّم هذا النهج الذي يتضمن استثماراتٍ حكوميةً كبيرة، وترحيباً بمشاركة العالم ضمن مبادرات الدولة مفتوحة المصدر نموذجاً فريداً يتناقض مع النماذج السائدة في الغرب، والتي تحركها اتجاهات السوق والربحية.
ويشير المعهد تحديداً إلى أن التزام دولة الإمارات بالذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر يهدف إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى حلوله ومشاركة العالم في ابتكاراته، لكنه في الوقت نفسه يضع نواتج الدولة التكنولوجية في منافسةٍ مباشرة مع النماذج المملوكة من قبل عمالقة التكنولوجيا الراسخين، مثل «أوبن إيه آي» و«غوغل»، وغيرهما.
ومن بين ما أكَّده المعهد الأميركي حقيقة أن توجهات دولة الإمارات نحو الذكاء الاصطناعي، بدءاً من الأبحاث العلمية والاستثمارات المحلية والعالمية، وانتهاءً بالبنية التحتية المتقدمة، تعكس طموحاً واضحاً في إعادة تعريف مكانتها العالمية في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وهو أمر قد يغير في المستقبل المنظور ميزان القوى العالمي في الريادة التقنية.
وفي حين يرى المعهد بأن طموح دولة الإمارات لتأسيس نفسها مركزاً عالمياً لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يُظهر استفادتَها استراتيجيّاً من التكنولوجيا لتحقيق نفوذ جيوسياسي، فإن الطموح المشروع للدولة يسلط الضوء أيضاً على تحديات التنقل في سياسات التكنولوجيا العالمية، خاصة مع ما يرتبط بالتنافس التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين.
ومع إشارة المعهد إلى أن جهود دولة الإمارات في الذكاء الاصطناعي تأتي كأحد مسارات الانتقال من الاقتصاد القائم على النفط إلى الاقتصاد القائم على المعرفة والتكنولوجيا، فإنه يؤكِّد بصورةٍ جلية إيجابيات شراكة العالم مع دولة الإمارات في الحلول الذكية، نظراً لما تتيحه الإمارات من إمكانية الوصول إلى نظام بيئي تكنولوجي متقدِّم وسريع التطور، وموقعٍ استراتيجي يمثِّل جسراً بين الأسواق الآسيوية والأفريقية.. وهي أمورٌ توفِّر للشركات العالمية، خاصةً الأميركية منها، بيئةً جاذبةً وأسواقاً جديدةً وفرصاً لشراكات مثمرة في أبحاث الذكاء الاصطناعي ومشروعات تطويره.
من الجدير بالذكر أن المعهد الأميركي لأبحاث السياسة العامة هو مركز أبحاث تأسس عام 1938، ويقع مقره في العاصمة واشنطن، وتركِّز أعمالُه على دراسة الحكومة والسياسة والاقتصاد والمجتمع، ويُعدُّ منظمة مستقلة غير ربحية، وبعض موظفيه كانوا تاريخيّاً من بين المهندسين الرئيسيين للسياسة العامة والخارجية لعدد من رؤساء الولايات المتحدة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

Share it on