«السحور بركة»

حوالي شهران فى الإتحاد

إعداد/ إبراهيم سليم 
حثّ النبي الصائمين على تناول وجبة السحور، لما فيها من التقوي على الصيام وسائر العبادات، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «السُّحُورُ ‌أَكْلَةٌ ‌بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ»، فطعام السحور مبارك، وموجب لرحمة الله تعالى وفضله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «فإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌الْمُتَسَحِّرِينَ»، أي تتنزل عليهم الرحمة والبركة، وقال الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى ‌السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ»، وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، فَقَالَ: «إِنَّهَا ‌بَرَكَةٌ ‌أَعْطَاكُمُ ‌اللَّهُ إِيَّاهَا فَلَا تَدَعُوهُ». ووقت السحر من الأوقات المباركة التي يحرص الصائمون على اغتنامها بالقيام والذكر والدعاء والاستغفار، وتناول وجبة السحور للتقوي على الصيام والطاعات، وللفوز برحمة الله تعالى واستغفار الملائكة الكرام، وقد خص الله بعض الأزمنة والأوقات بمزيد من البركات والأفضال، ومن تلك الأوقات وقت السحر، وقد حثنا النبي على اغتنام هذا الوقت بالطاعات والمستحبات، ومنها تناول وجبة السحور، فعَنْ أَنَس بن مالك قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌تَسَحَّرُوا، ‌فَإِنَّ ‌فِي ‌السُّحُورِ ‌بَرَكَةً».والسحر من الأوقات المباركة التي خصها الله تعالى برحماته وأفضاله، ويكون من الثلث الأخير من الليل حتى يطلع الفجر، أو هو ما قبل طلوع الفجر الصادق، وفيه يتجلى الله على عباده فيعطي السائلين، ويجيب الداعين، ويغفر للمستغفرين إلى أن يطلع الفجر، كما جاء في قول النبي: «إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ ‌هَلْ ‌مِنْ ‌دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ». كما أثنى الله على المتعبدين في ذلك الوقت، فقال: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ ‌بِالْأَسْحَارِ﴾، وقال أيضاً: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، «سورة الذاريات: الآية 18»، فدلّ على فضيلة العبادة والاستغفار في هذا الوقت المبارك، وكما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «السُّحُورُ ‌أَكْلَةٌ ‌بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ».أفعالٌ لا تضر بالصيام:قال الله سبحانه وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، «سورة البقرة: الآية 185». وعن عامر بن ربيعة، رضي الله عنه، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم»، (سنن الترمذي، 327). وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم»، (صحيح البخاري 1803).وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل، ويصوم»، (صحيح البخاري، 1926) ومعنى ذلك أن هناك أمور تشتبه على الصائم ويكثر السؤال عنها، وهي لا تضر الصيام ولا تؤثر على صحته، فالاكتحال والقطرة في العين والأذن والأنف لا تفطر الصائم إلا إذا وجد طعمها في حلقه فعليه القضاء.وأما الحجامة، فإنها لا تفطر الصائم، سواء احتجم هو أو حجم غيره، ويدخل في حكم الحجامة سحب الدم أثناء الصيام، فإنه لا يفطر.وكذلك الصائم إذا دخل إلى حلقه غبار الطريق أو الدقيق، وكذلك كل ما لا يمكن الاحتراز عنه أو ابتلع ريقه أو بلغمه أو استعمل السواك أو فرشاة الأسنان أو خرج منه القيء بغير إرادته فكل ذلك لا يؤثر على صحة صيامه.وكذلك الصائم إذا شم العطور وكل ما له ريح طيب، فإنه لا يفطر، وينسحب هذا الحكم على الصائم إذا شم البخور بغير تعمد، وأما الإبر التي يأخذها الصائم للعلاج فلا تفسد صومه، بخلاف الإبر المغذية التي تقوم مقام الطعام والشراب فهي مفطرة.والصائم إذا استحم أو سبح ولم يصل الماء إلى حلقه فصيامه صحيح، وكذلك لو أخر الغسل الواجب لما بعد الفجر فلا حرج عليه وصومه صحيح، ومنها التحاميل التي لا تصل إلى المعدة فهذه لا تفطر الصائم ولا يضر استعمالها في نهار رمضان، ويلحق بذلك بخاخ الربو والحبوب التي توضع تحت اللسان لمرضى القلب فهذه جميعها لا تفطر الصائم.والإسلام حرص على مراعاة أحوال الناس الضرورية والحاجية، والتيسير والتخفيف ودفع الحرج والمشقة هو مقصد مهم من مقاصد التشريع الإسلامي، كما راعى تقلبات الإنسان النفسية وحاجاته المختلفة أثناء الصيام.

شارك الخبر على