أحسن ممثلة بـ«القاهرة السينمائي» أهدي جائزتي للمناضلين في حياتهم (حوار)

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

استسلمت للمغتصب لحماية ابني.. وإنسانية «في سوريا» جمعت سينمائيين من جنسيات متعددة

ذكرياتي مع الحرب في لبنان تؤلمني وساعدتني لتقديم مشاعر أهل سوريا 

عائلة تقع تحت الحصار في سوريا، يتم حصار منزلها ومنزل جيرانها، ويسعون لحماية أطفالهم من الحرب الدائرة بالخارج، إذ يحوّل القنّاصة الساحة لمنطقة قتال، ويقتحم اللصوص المنازل لترويع أهلها، ويستغل مجموعة منهم هذه الفرصة لاغتصاب النساء أمام ذويهن، هذا ملخص قصة فيلم «في سوريا»، الذي شاركت في بطولته الفنانة اللبنانية دياماند أبو عبود، وحصلت عن دورها فيه على جائزة أحسن ممثلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث نافس العمل في قسم المسابقة الرسمية مع 15 فيلمًا.

«دياماند» كشفت في حوارها مع «التحرير» عن كواليس هذه التجربة السينمائية، التي قدمت في 85 دقيقة جانبا من معاناة أهل سوريا تحت الحصار، خاصة أن فريق عمله ينتمي إلى جنسيات متعددة من بلجيكا وفرنسا ولبنان.

حدثينا عن تجربتك مع «في سوريا»؟

مشاركتي فيه جاءت خلال تصويري فيلما لبنانيا بعنوان «طالع نازل»، مع المخرج محمود حجيج، وكان بين فريق العمل مدير التصوير فيليب فان ليو، لم نكن يعرف أحدنا الآخر، وهو أعجب بأدائي واهتمامي بعملي، وأوضح لي أن إعجابه هذا دفعه ليفكر في تقديم عمل لأنه مخرج أيضًا، وأرسل إليَّ سيناريو الفيلم، مشيرًا إلى أنني مُرشحة لتقديم دور «حليمة»، وقرأته وأعجبني بشدة، وخلال فترة عملنا على تفاصيلها، ومن ثم بدأنا التنفيذ.

وهل توقعت حصولك على جائزة أحسن ممثلة من «القاهرة السينمائي»؟

تمنيت أن يحصل الفيلم على أي جائزة من المهرجان، ليكون «ضميري مرتاح» بأنني عملت واجبي بشكل مضبوط، وقدمت عملي كما يجب، وأوصلته بالطريقة المطلوبة، وسعادتي كبيرة بحصولي على جائزة أحسن ممثلة في أول مشاركة لي بـ«القاهرة السينمائي»، وأهديها لكل شخص في العالم يناضل يوميًا ليظل موجودًا، ويحافظ على حياته، وذلك بغض النظر عن الظروف التي يعيشها، فقد تكون ظروفا إنسانية عامة، وليست فقط ظروف الحرب، وكذلك لكل شخص يعنيه موضوع الفيلم.

أحد أبرز مشاهدك صعوبة في الفيلم كان الاغتصاب.. كيف كانت كواليسه؟

صحيح، وكان يوم تصويره الأصعب بين الـ28 يوم تصوير للعمل ككل، وأجده مشهدا قاسيا جدًا في تنفيذه، حتى عندما أتذكره أشعر بأذى نفسي كبير، لكنه جاء وفقًا لتسلسل درامي للعمل السينمائي، كل مشهد يأتي بعده آخر، أسهم في بناء الهيكلة الدرامية للشخصية، حتى نصل بها إلى هذه النقطة، والتي تلاها تداعيات عديدة، وكنّا حريصين على أن لا يخرج بشكل «فج»، إنما تعرف المشاهد على ما يجري من دون حدوث شيء، وذلك عبر نظرات عيوني وملامح وجهي، وهذه لقطة ذكية ومهمة من مخرج الفيلم، وكانت المهمة كبيرة عليَّ، لذا كنت «قلقانة جدًا»، وسعيت مع فريق العمل ليكون كل شيء جاهزا في اللوكيشن قبل التصوير، ولم يتبق سوى تجهيزي نفسيًا.

وكيف وجدت تقرير «حليمة» استسلامها لمغتصبها بعدما عقدت اتفاقًا معه أن يحميها وابنها من باقي المغتصبين؟

أجده قرارًا محوريًا، إذ غلبتها غريزة الأمومة، وكان ممكن أن تترك طفلها لهم وتختبئ منهم، لكنها رفضت ذلك، وقامت بالتضحية بنفسها لأجل حماية البيت والعائلة كلها، وتحمّلت الألم النفسي الذي عاشته.

وهل كان لأحد معارفك حكايات مشابهة لتلك التي عاشتها الشخصية؟

لا أعرف امرأة مرّت بنفس ظروف «حليمة»، لكنني شخصيًا مررت بظروف الحرب، التي تدفعنا للاختباء في منازلنا، وذلك خلال الحرب في لبنان، وهذا جعلني أعلم جيدًا معنى الاحتجاز داخل المنزل غير قادرين على الخروج منه، وذهني يحمل الكثير من صوري مع أهلي بهذه الأوضاع تؤلمني كلما تذكرتها، الشخص الذي يعيش ظروفا مثل هذه لا يمكن أن يكمل حياته كأي شخص عادي، إنما تترك هذه الذكريات في نفسه مكانا حساسا بداخله.

وهل استمرت حالتك مع هذا الفيلم بعد انتهاء تصويره أم تخلصت منها سريعًا؟

لا، أنا دائمًا على وعي بأن هذا تمثيل، وبعيد بدرجة ما عن الحقيقة، فالممثل هو أداة تشارك في اللوحة الفنية، في نفس الوقت جسمي وعقلي وإحساسك وخيالك تم وضعهم في ظروف معينة تخص المشروع الذي يعمل عليه، لكنني لست «حليمة»، وأدرك ذلك جيدًا، بالفعل أشعر بأحاسيسها، لكنني بمجرد أن أنهيت التصوير خرجت من حالتها، خاصة أنني كنت أحضر لفيلم جديد.

وكيف ترين اجتماع سينمائيين من جنسيات مختلفة لتقديم فيلم عن الحرب في سوريا؟

صحيح أننا ننتمي لجنسيات متعددة، فالمخرج بلجيكي، وفريق العمل من فرنسا ولبنان، لكننا اتفقنا على قضية واحدة لأنها لمستنا، فالإنسانية تجمعنا بغض النظر عن الجنسيات، وأرى أن هذا هو دور السينما والفن عموما بتقديم تناول مختلف لكل الموضوعات والقضايا بعيدًا ليس فقط عن الجنسيات، لكن أيضًا عن الجانب السياسي، وما أثار إعجابي أيضًا بـ«في سوريا» أنه قدم الحرب بدون أن نشاهدها، إنما شعرنا بها من قلق العائلة والجيران ويومياتهم.

شاركت أيضًا في بطولة فيلم «القضية 23».. هل تهتمين بتقديم الأفلام التي تطرح موضوعات ذات جانب سياسي؟

أهتم بالمشاركة في أفلام تقدم قضايا مهمة ومؤثرة إنسانيًا، والأكثر من ذلك أنني ربما أعمل في فيلم أختلف مع صاحبه في وجهة نظره السياسية، لكن المهم هو كيفية طرحه لها بالشريط السينمائي، فتلمسني وتعني لي كممثلة وإنسانة، والحمد لله حصد «القضية 23» عدة جوائز، منها نجمة الجونة الفضية من مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى، التي كنت أتمنى حضور فعالياتها لكن للأسف تأخر «الفيزا» حال دون ذلك، والعمل يحكي عن شخص لبناني وأحد اللاجئين الفلسطينيين بلبنان ينشأ بينهما خلاف يصل للمحكمة، وأجسد فيه شخصية المحامية للطرف الفلسطيني.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على