متحف لإيهاب شاكر

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

نحن نستحق أن يكون لنا متحف يعرض لوحات فنان عظيم كإيهاب شاكر ويحمل اسمه على الدوام. فهو لا يقل مطلقًا فى قيمته الفنية عن خوان ميرو الذى أقامت له إسبانيا معرضًا دائمًا لأعماله يحمل اسمه فى حياته. إيهاب شاكر الفنان العبقرى والإنسان المدهش، أطال الله عمره وشفاه ومتعه بالصحة هو ورفيقة دربه الكاتبة الكبيرة سميرة شفيق، لم يقدم لنا فقط لوحاته بديعة التكوينات الأسطورية، المشحونة برؤيته الفلسفية بالغة العمق للحياة، بل قدم لنا أيضًا تراثًا هائلًا من رسوماته المذهلة لكتب الأطفال، التى تجعله يستحق مكانة رفيعة فى ذلك المجال لم يبلغها أحد من قبل.

وزارة الثقافة يمكنها تحقيق ذلك الإنجاز، لتقوم على الأقل بترميم بعض انهياراتها السلوكية التى تجلت فى طباعة كتب ملفقة تؤكد أحقية السعودية فى استعادة تيران وصنافير، ونشر ديوان لشويعر يتغنى بعبقرية السيد رئيس الجمهورية، وغيرها من صور الإنفاق السفيه الكثيرة المستفزة التى تستنزف إمكانياتها المتواضعة فى مجالات لا تمت للثقافة بصلة. 

كائنات إيهاب شاكر الأسطورية المدهشة التى شاهدناها فى معرضه الرائع ليلة الثلاثاء الماضى، هبطت من إطارات لوحاتها وتجولت بيننا مفعمة بالحياة فى قاعة أفق، لتحتفى معنا بمبدعها العبقرى الجميل، الذى صنع لنا بها أفقًا واسعًا ترى منه الأجيال القادمة جزءًا من خصوصية وطنها الاستثنائية، وكيف يصنع أبناؤه مع جدهم النيل شريطًا حضاريًّا راقيًا يخترق الصحراء القاحلة فقيرة العقل، قاسية القلب، التى أنجبت وأد البنات، والتى لا تنقطع محاولاتها الدائمة لكى تنقل لنا قيم التعالى الأجوف والصلف وعدم التسامح وقتل المخالف فى المعتقد.

مهما نسيت فلا يمكن أبدًا أن أنسى لهفة إيهاب شاكر وسميرة شفيق على نشر بعض حلقات أراجوزهما الرائع فى مجلة قطر الندى إبان رئاستى لتحريرها. رغبة منهما فى مساعدتى على الوصول بها إلى مستوى راق يستحقه أطفالنا لإنارة عقولهم، دون النظر إلى أى اعتبارات مادية، بينما كان بإمكانهما نشر تلك الأعمال فى دور غير مصرية، تتلهف على اقتنائها بمقابل يستحيل أن تدفع "قطر الندى" عشر معشاره، وفى وقت كان يتم فيه علاج فناننا الكبير بالخارج على نفقته الخاصة.

لن يكون من الصعب التوصل إلى اتفاق يرضى هذا الفنان العظيم، لجمع أعماله فى متحف صغير يضمها، يحمل اسمه، ويمنحنا قيمة جديدة تضاف إلى تراثنا الحضارى الذى يتمنى البعض مقايضة جزء يسير منه بكل ما يملكه من نفط لم يجعله أكثر من مستهلك لإبداعات الآخرين.

صديقى الحبيب إيهاب.. صديقتى الحبيبة سميرة.. ربنا يخليكم لينا.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على