مصرف الإمارات المركزي وتعزيز ركائز الاقتصاد الوطني
أكثر من سنة فى الإتحاد
فيما يشير إلى تواصل جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز تنافسية اقتصادها، أجرى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات المركزي، أول عملية دفع عبر الحدود للعملة الرقمية للمصرف المركزي (الدرهم الرقمي) مباشرة مع الصين، وذلك بقيمة 50 مليون درهم عبر منصة «إم بريدج» في 30 يناير 2024، خلال الاحتفال بذكرى مرور 50 عاماً على تأسيس المصرف المركزي وحفل تخريج الدفعة الأولى من المواطنين الملتحقين بـ «برنامج إثراء» للتوطين في القطاع المالي.كما تم إطلاق منصة التمويل المفتوح «أوبن فاينانس» والهوية المرئية لوحدة تسوية المنازعات المصرفية والتأمينية «سندك»، كأول وحدة مستقلة لتسوية المنازعات المصرفية والتأمينية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى إطلاق شركة «أو آند إس» التابعة لشركة «عملات» المتخصصة في طباعة الطوابع الضريبية.يُعدُّ إصدار «الدرهم الرقمي» خطوة مهما تنطوي على العديد من المزايا الاقتصادية، ومنها خفض تكلفة إنجاز المعاملات، وتحسين مستويات كفاءة نظم المدفوعات، وتسهيل المدفوعات عبر الحدود، وزيادة مستويات الشمول المالي، وتحسين إدارة السياسة النقدية بتوفير وتحليل البيانات الضخمة عن المعاملات وتَركُّزاتها، وبالتالي إمكانية تحليل ورسم السياسات بكفاءة عالية، فضلاً عن مواكبة التطورات الاقتصادية عالمياً والحفاظ على تنافسية الاقتصاد الوطني، حيث أصدرت بعض الدول بالفعل عملات رقمية (جزر البهاما وجامايكا ونيجيريا)، وتدرس نحو 100 دولة أخرى فرص إصدار عملات رقمية، وفي مقدمتها البرازيل والصين ومنطقة اليورو والهند والمملكة المتحدة، مع تقليص مخاطر منافسة العملات المشفرة نظراً لكونها غير مضمونة وغير خاضعة لرقابة البنوك المركزية.وتأتي العملة الرقمية للإمارات كإحدى المبادرات التسع لـ «برنامج تحوُّل البنية التحتية المالية»، الذي أطلقه المصرف المركزي في فبراير 2023، وهي: المنظومة المحلية لبطاقات الدفع، ومنصة اعرف عميلك الإلكترونية، والتمويل المفتوح، والتكنولوجيا الإشرافية، ومركز الابتكار، ومنصة المدفوعات الفورية، والسحابة المالية، وكذلك التميز وتجربة العملاء. ويسعى البرنامج إلى تسريع التحوّل الرقمي في القطاع المالي، ضمن استراتيجية أكثر شمولية ليصبح المصرف المركزي من بين أفضل المصارف المركزية في العالم، وتمكين دولة الإمارات لتصبح مركزاً مالياً ومنصة للتميُّز في الابتكار والتحول الرقمي، بحيث تسهم تلك الجهود بحلول عام 2026 في إنشاء منصة هامة لدعم رؤية «نحن الإمارات 2031» و«الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي»، فضلاً عن تعزيز الاستقرار النقدي والمالي وحماية المستهلك عبر وجود بنية تحتية مالية قوية.وفي إطار الجهود سالفة الذكر، فمن الضروري التأكيد على الدور الحيوي لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في تعزيز أداء الاقتصاد خلال فترات الأزمات، وقد برز ذلك بوضوح خلال جائحة «كوفيد-19»، حيث أطلق في مارس 2020 خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 100 مليار درهم، وتم رفعها في أبريل 2020 إلى ما يفوق 256 مليار درهم، لتمكين البنوك من تقديم الدعم للشركات الكبيرة والصغيرة في الدولة لحماية رؤوس أموالها والمحافظة على السيولة في السوق المحلية، وقد استفاد منها نحو 1500 شركة و10000 منشأة متوسطة وصغيرة الحجم.وتأتي جهود المصرف المركزي بما يتسق مع توجهات الدولة والمبادئ الواردة في «وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات»، التي تُعدُّ خريطة طريق، تحدد ملامح ومرتكزات المرحلة القادمة من اقتصاد الدولة، ومن بين هذه المبادئ: اقتصاد منفتح على العالم بلا قيود، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي، وأفضل نظام مصرفي لتعزيز زخم النمو الاقتصادي، وحماية استقرار أنظمة الدولة المالية، وهو ما يسهم في تعزيز ركائز النمو المستدام وتنافسية الاقتصاد الوطني إقليمياً وعالمياً.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية