بين "المأمول والمخيب للآمال".. تتفاوت المواقف العربية تجاه قرار محكمة العدل الدولية بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة

٥ أشهر فى كونا

من محمد المطيري

(تقرير اخباري)

القاهرة - 27 - 1 (كونا) -- ما بين "المأمول والمخيب للآمال" تفاوتت المواقف العربية تجاه قرار محكمة العدل الدولية التي أكدت اختصاصها في النظر بالدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا على الكيان الاسرائيلي المحتل لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في قطاع غزة.ومرد هذه المواقف المتفاوتة إلى أن القرار الصادر من أعلى هيئة قضائية دولية لم ينص صراحة على وقف عدوان الاحتلال الاسرائيلي على غزة في يومه ال113 ودعا برغم ذلك الاحتلال الاسرائيلي إلى السماح بدخول المساعدات الانسانية فورا ورفع الحصار وحملة التجويع عن أهالي القطاع ضمن "تدابير مؤقتة" كما حددها ذلك القرار بنصه القانوني.ورأت مراكز حقوقية عربية أن القرار لم يرق للتطلعات التي كان يأمل العرب بها ومن أهمها الوقف الفوري للعدوان على غزة الذي خلف حتى الآن 27 ألف شهيد وحوالي 35 ألف جريح وآلاف المفقودين تحت أنقاض المباني المهدمة من جراء نيران آلة الدمار الإسرائيلية.وكان أبرز هذه المواقف المتحفظة الصادر عن لجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان (لجنة الميثاق) التي اعتبرت على لسان رئيسها المستشار جابر المري أنه "كنا تطلع أن يكون قرار محكمة العدل الدولية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار".وقال المستشار جابر المري في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) إنه على الرغم من أن الحكم الأولي يمثل انتصارا للقيم الإنسانية وحسما للجدل حول ما تمثله حرب غزة من انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني "فإننا كنا تتطلع لأن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة".وأضاف أن المحكمة في حالات مماثلة طالبت بوقف فوري للحرب في أوكرانيا موضحا أنه برغم ذلك فإن القرار بشأن غزة يعد الضمانة الرئيسية لتنفيذ التدابير الضرورية والطارئة التي أقرتها لحماية المدنيين الفلسطينيين في القطاع.وتساءل المستشار المري عن كيفية تنفيذ "أي تدابير مؤقتة من دون وقف إطلاق النار" وقال " لهذا كان يجب على محكمة العدل الدولية أن تصدر قرارا بوقف فوري لإطلاق النار وتصف ما يقوم به الاحتلال بأنه جريمة إبادة جماعية".وأضاف "الجرائم التي تقوم بها القوة القائمة بالاحتلال يشاهدها العالم يوميا على مدار ما يقرب من أربعة أشهر وراح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال".بيد أنه اعتبر القرار بداية المسار لإنفاذ قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بشأن توفير الحماية للشعب الفلسطيني ووضع حد للمجازر التي ترتكب ضده يوميا تحت مسمع ونظر العالم.وأكد بهذا الصدد ضرورة احترام وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة مشددا على اهمية التزام الكيان الإسرائيلي المحتل بالتنفيذ الفوري لكل التدابير التي وردت في قرار المحكمة.ولم يخف مسؤول حقوقي عربي آخر تحفظه تجاه القرار المذكور إذ "يعطي الكيان المحتل مساحة للإفلات من العقاب" على حد وصفه.وقال رئيس مركز (الجسر العربي لحقوق الانسان) الدكتور أمجد شموط في بيان بهذا الخصوص إن محكمة العدل الدولية لم توقف جريمة الابادة الجماعية برغم أنها أكدت في قرارها أمس أنها صاحبة الاختصاص في النظر بالدعوى التي طالبت فيها جنوب إفريقيا بوقف العدوان وإدانة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية قي القطاع.وقال شموط إن القرار جاء بصيغة سياسية ودبلوماسية ولم يكن بصبغة قانونية تفضي إلى حماية المدنيين وعدم استهدافهم.ورأى أن محكمة العدل الدولية "لم تتحرك كما كان متوقعا منها في تطبيق الاحكام والقرارات التي تخضع ضمن سيادتها وصلاحيتها وهي النظر في الدعاوى المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية".واعتبر القرار "مخيبا للآمال" ولا يرتقى إلى مستوى التحديات ومستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم غير الاخلاقية التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال ضد الفلسطينيين من أهالي غزة.وأكد أن القرارات الصادرة عن المحكمة كانت عبارة فقط عن "توصيف لواقع الحال" موضحا أنه "كان يتعين على المحكمة أن تكون أكثر صدقية وأكثر التصاقا بالحقوق وأكثر مهنية وحيادية في قراراتها كما كان عليها أن تتخذ قرارات ضمن إطار التدابير الطارئة أو المؤقتة أو الاحترازية بحسب ما جاء في المواد الخاصة باتفاقية منع جرائم الإبادة".وبرغم التحفظات الصادرة عن هذه المراكز الحقوقية فإن جامعة الدول العربية والبرلمان العربي رحبا بما أفضت إليه محكمة العدل الدولية وأكدا أن القرار هو حكم أولي يمثل انتصارا للقيم الإنسانية وحسما للجدل حول ما تمثله حرب غزة من انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بيان أمس بهذا الشأن إن الحكم يفتح الطريق لعمل دبلوماسي وقانوني مكثف على الصعيدين العربي والعالمي من أجل وقف الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة.وأضاف أن "التدابير الطارئة التي فرضتها المحكمة على إسرائيل بهدف منع أعمال الإبادة في غزة تمثل التزامات صارمة على قوة الاحتلال ويتعين عليها الانصياع لها وعدم خرقها".لكنه أكد "كان المأمول أن يفضي حكم المحكمة الأولي إلى وقف فوري وشامل للحرب العدوانية على غزة".ولم يخرج البرلمان العربي عن موقف الأمين العام للجامعة خصوصا فيما كان هو مأمولا من ناحية وقف العدوان فورا وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.وأكد البرلمان في بيان له أمس ترحيبه بصدور القرار عن محكمة العدل الدولية لكنه أيضا تساءل عن "أي تدابير مؤقتة يمكن الشروع فيها من دون وقف إطلاق النار".وجاء في بيان البرلمان أنه كان على محكمة العدل الدولية أن تأمر بوقف فوري لإطلاق النار كي يتسنى لمثل تلك التدابير المؤقتة ان ترى النور وتطبق.وطالب البرلمان المجتمع الدولي بالزام القوة القائمة بالاحتلال تنفيذ كل التدابير التي جاءت في قرار محكمة العدل الدولية كما أن مجلس الأمن الدولي يتحمل مسؤولياته القانونية والسياسية في فرض تنفيذ تلك التدابير التي أقرها أعلى جهاز قضائي في الأمم المتحدة. (النهاية)

م م

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على