قضبان مشفرة..

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيففي فيلم تختلط في فهمه المشاعر. قدّم المخرج سبيك جونز رؤية لمستقبل اتضح أنه أقرب مما نظن. فبرنامج الذكاء الصناعي طوّر شخصية نسائية أقرب ما تكون للواقع في عواطفها وتفاعلها وذكاء ردودها. يستطيع برنامج الكمبيوتر الناطق ذلك، الذي اتّخذ من صوت الممثلة المعروفة سكارليت جوهانسون صوتاً له، أن يتفاعل مع مزاجك. ويحفظ يوميات عنك وبالتالي يتابع اهتماماتك معك.عندما انفصل ثيودور عن زوجته أصبح شديد العزلة والكآبة. وبدأ في الحديث مع البرنامج لإشباع فضوله لا أكثر لكن العلاقة تطوّرت بينهما لحب جارف. أحب ثقافتها "كانت قادرة على قراءة مجلدات في دقائق" وأحب تمحورها حوله وطرافتها وقدرتها على مجاراته في كل شيء. كانت متاحة له في كل وقت ولم تكن تستطيع التواصل معه إلا برغبته "وهو أمر يحبه الرجال على ما يبدو في كل عصر" في المقابل ادّعت هي حبه. حتى جاء اليوم الذي وجد أحدهم يكلم جهازه في القطار وتراءى له أنه يكلمها فسألها عن عدد الأشخاص الذين هي في علاقة معهم الآن فأجابت بأنهم 856 شخصاً ولكنها لم تحب إلا 180 شخصاً منهم فقط ومنهم ثيودور بطل قصتنا!رغم حزنه وصدمته، لم يكن البطل قادراً على التحرر من حبه وتعلّقه بها، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه الشركة المطورة للبرنامج إيقافه لسبب مجهول وهنا بكى ثيودور وانتحب كالطفل وكأنه فقد أمه وذهب يطلب المواساة من صديقته في عودة للتواصل الإنساني الذي تخلى عنه لوقت طويل.الفيلم الذي أُنتج في العام 2013 توقع أن تدور هذه الأحداث بعد 100 عام ولكن شاشات التلفزة تعرض اليوم روبوت نسائياً قادراً على النطق والتفاعل مع المشاعر الإنسانية بل ومحاورة ومجادلة البشر وإحدى هذه الآلات قد حصلت مؤخراً على الجنسية السعودية كما تعرفون. وقريباً جداً ستنتشر تلك الروبوتات وستحفر مكانها بيننا مؤذنةً ببدء عصر جديد ستخترق فيه الآلات حياتنا أكثر وأكثر وستسود فيه العلاقات البشرية بعد أن اخترقتها بفعل الأجهزة الذكية.الفيلم الذي وصف بـ"الرومانسي" كان في قاموسي فيلم رعب؛ لأنه قدّم نظرة على مستقبل مظلم ستذوب فيه علاقاتنا أكثر وأكثر. لقد تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي لوسائل هدم اجتماعية. وتحوّلت هواتفنا لقضبان مشفرة نتوارى خلفها مفضّلين مشاهدة الحياة عن عيش تفاصيلها. هذا هو الغزو الصامت، الاستعمار الجديد الذي نعيش تحت ظله مستسلمين غير مبالين بالنتائج.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على