خطوة كبيرة على طريق تعزيز العمل الإنساني

٦ أشهر فى الإتحاد

في إشارة حافلة بالدلالات إلى الأهمية التي يحتلها البعد الإنساني في فكر القيادة الإماراتية، والرغبة في قطع خطوات أكبر على طريق تنظيم تقديم المساعدات الإنسانية، وتنسيقها، وتعزيز إمكاناتها، وضمان تحقيقها أفضل النتائج المطلوبة، يأتي المرسوم الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الخميس 4 يناير 2023، بتشكيل «مجلس الشؤون الإنسانية الدولية»، برئاسة سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس مكتب الشؤون التنموية وأسر الشهداء في ديوان الرئاسة. ويتولى المجلس مهمة الإشراف على جميع القضايا والمسائل المتعلقة بالشؤون الإنسانية الدولية.وتتضح هذه الأهمية في طبيعة المواقع الرفيعة التي يشغلها أعضاء المجلس، من وزراء ورؤساء هيئات كبرى، تتصل مهامهم بشكل وثيق بالشؤون الإنسانية، ويمتلكون خبرات طويلة في هذا المجال، ويُدركون دقائقه وتفاصيله، على النحو الذي يتيح لعملهم المشترك تحقيق أفضل النتائج الممكنة، والوصول بالعمل في مجال الشؤون الإنسانية إلى المستوى الذي تطمح إليه القيادة الرشيدة.ويتيح هذا التشكيل تنفيذ المهام المنوطة بالمجلس، وهي تبدأ من إعداد ومراجعة السياسة العامة للشؤون الإنسانية الدولية، بوصفها المظلة الشاملة التي تنطلق منها المهام التالية، ومنها الإشراف العام على منظومة الشؤون الإنسانية الدولية، ومتابعة إعداد وتنفيذ الخطط والمبادرات والمشروعات ذات العلاقة، ووضع تصوُّر مستقبلي للشؤون الإنسانية الدولية، وتحديد الأطر العامة لتنفيذه من قِبَل الجهات المختصة.ويُعدُّ تشكيل المجلس وتنظيم عمله على هذا النحو واحداً من التطبيقات المستمرة لـ«مبادئ الخمسين»، وترجمتها واقعاً ملموساً، فقد احتلت المساعدات الإنسانية مكانة مهمة في هذه المبادئ، حيث نص المبدأ التاسع منها على أن «المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً. ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة».وتجدر الإشارة إلى أن «مجلس الشؤون الإنسانية الدولية»، الذي يتهيأ لأداء دوره السياسي والإنساني، يمثل حلقة في سلسلة طويلة من الجهود التي بدأت مع تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بل إلى ما قبل ذلك، حيث بدأ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان آل نهيان، طيب الله ثراه، في منتصف الستينيات، تقديم المساعدات للدول المحتاجة في الوقت الذي كانت فيه إمارة أبوظبي لا تزال تخطو أولى خطواتها على طريق التنمية، وتحتاج إلى كل الموارد المالية لتنفيذ الخطط الطموحة، لكن ذلك لم يمنعه، طيب الله ثراه، من المضي على هذا الطريق انطلاقاً من دوافع أخلاقية وإنسانية بحتة، وقيم وتقاليد دينية وموروثات مجتمعية عميقة الجذور بين أبناء الدولة منذ مئات السنين.وأصبحت السياسة الإنسانية منذ تأسيس الدولة جزءاً ثابتاً من بنية الفكر السياسي الإماراتي، ومن شخصية الدولة التي تمتلك سجلاً مضيئاً في هذا المجال، فقد احتلت لسنوات عدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي، بنسبة 1.31% من إجمالي دخلها وهي ضعف النسبة العالمية المطلوبة، والتي حددتها الأمم المتحدة بـ0.7%. وقد بلغ حجم المساعدات الخيرية والإنسانية التي قدمتها لمختلف دول العالم نحو 350 مليار دولار حتى نهاية عام 2023. ويزيد عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج الإنسانية للإمارات على 178 دولة.كذلك يُعدُّ تشكيل «مجلس الشؤون الإنسانية الدولية» تأكيداً لما أوردته وزارة الخارجية في بيانها الصادر في 31 ديسمبر 2023، حول رؤية دولة الإمارات لدورها المستقبلي، والذي ينص على مواصلة الدولة سياستها في «دعم تنمية الإنسان عبر تعزيز جهود القضاء على الفقر، ومواصلة المشاريع التنموية في الدول النامية التي تساهم في دعم الاستقرار والازدهار والتنمية، ودعم الشعوب المتضررة من الأزمات والكوارث»، وما أعظمها من مهمة تبعث على الفخر والاعتزاز.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

شارك الخبر على