واسيني الأعرج الفائز بجائزة نوابغ العرب الإمارات مركز إشعاع ثقافي عالمي

٤ أشهر فى الإتحاد

ساسي جبيل (تونس)
قال الروائي والأكاديمي الجزائري واسيني الأعرج، الفائز بجائزة نوابغ العرب - فرع الآداب والفنون في دورتها الأولى، في حديث لـ «الاتحاد»: إن الفوز بهذه الجائزة مفخرة حقيقية وفي الدورة الأولى بالذات، فهذه الجائزة التي تعتبر رديفاً لنوبل عربياً، هي رد عظيم على الأنانية الغربية لمنطقة منتجة بقوة وتظل الجائزة تذهب بعيداً عن العرب. لقد أصبح للعرب اليوم جائزتهم التي يتنافسون عليها. وربما كانت حتى أهم من نوبل رمزياً لأن مصدرها الأساسي هو الثقة في وجود هذه الطاقات الخلاقة عربياً، والتي تحتاج إلى نزع الغبار عنها وإظهارها إعلامياً.وأضاف الأعرج: هذه الجائزة التي تم إطلاقها بمبادرة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، تقيم الدليل على ما تحظى به الثقافة من اهتمام في رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت اليوم مركز إشعاع ثقافياً عالمياً.وأكد: أنا ممتن لهذه اللفتة الكبيرة من سموه ومباركته لي بفوزي بجائزة نوابغ العرب، فئة الأدب والفنون، وذلك يحملني مسؤولية كبيرة تجاه الكتابة التي تشكل بالنسبة لنا، نحن الكتاب، صوتنا العميق الذي لا يمكن إلا أن يكون صادقاً وقريباً من الذين لا صوت لهم. لقد منحتنا الأجيال التي سبقتنا إبداعات ارتقت بالثقافة العربية نحو ما هو إنساني وكبير، وأثرت في الرؤى التي حكمت حقباً بكاملها عبر التاريخ. ارتفع ابن خلدون بعلم الاجتماع نحو آفاق التخصص والتمايز والدقة. ومنح ابن رشد حلقات البحث الفلسفي والفكري عند العرب وفي أوروبا فرصاً للسجال والخروج من غطرسة محاكم التفتيش. ولم يكن ابن طفيل في «حي بن يقظان» حينما منح التخييل مداه أمام التخييل الغربي، بلا قيمة، بل مؤثراً وفعالاً في ثقافة الآخر.نشوء الرواية وفي سياق حديثه لـ «الاتحاد» أكد الأعرج أنه لم يقطع أو ينقطع عن العمل الأكاديمي. مؤكداً أن أغلب جهوده الأولى تمت في جامعة الجزائر المركزية، حيث أسس العديد من البحوث التي تهتم بالرواية بوصفها أهم قناة ناقلة للثقافات والمعارف والبنيات الجمالية العربية والعالمية. ومنها بحث «المجتمع وجماليات الأشكال الأدبية» الذي تركه لاحقاً لنواة طلابية كان قد كونها وواصلت جهودها من بعده.وأضاف: عندما انتقلت إلى فرنسا بدعوة من المعهد العالي الفرنسي، الذي تخرج فيه كبار المنظرين للنقد العالمي الجديد، رولان بارث، وتودوروف تزفيطان، وجيرار جنيت، وجاك ديريدا وغيرهم. برفقة البروفيسور دانييل ريغ واضع «قاموس لاروس فرنسي - عربي- فرنسي» لاروس، أسّست حلقة بحث «صيرورة نشوء الرواية العربية الجديدة»، داحضاً الرؤية التي ربطت النشوء بـ 1914، أي بالمثاقفة التي سرقت أكثر من عشرة قرون من السردية والتخييل العربيين، فأعدت تاريخ الأدب إلى نظامه الطبيعي. وألفت العشرات من الدراسات والأبحاث المنشورة في كبريات المجلات العربية، بالعربية والفرنسية، كان آخرها كتاب «المنجز السردي العربي القديم/ في ضوء المناهج النقدية الحديثة». وقد التحقت منذ أكثر من ربع قرن بجامعة السوربون التي أرأس اليوم قسمها العربي ضمن كلية اللغات الأجنبية التطبيقية.سيرة مضيئة واسيني الأعرج يعتبر من القلة القليلة التي ربطت بين الجهد الأكاديمي المعرفي، والممارسة الإبداعية الروائية التي فاز فيها بالعديد من الجوائز العالمية والعربية (جائزة الشيخ زايد للآداب 2017).على مدار أربعين سنة امتلك الروائي الجزائري مدونة تتجاوز الثلاثين رواية نحتت بفضل الجهد الإبداعي علاقة متينة بالمجتمع العربي، ومدت جسوراً مع المشكلات الإنسانية الكبرى، كالحروب، والمياه واختلال الطبيعة، ومستقبل الإنسان على الأرض، وتمت ترجمتها إلى أكثر من عشرين لغة من الفرنسية إلى الإنجليزية والإسبانية والإيطالية، والألمانية، والسويدية وإلى الصينية والفارسية وغيرها، وهي ما جعلت منه كاتباً عالمياً بامتياز. ونظراً لتماسها بالظروف الإنسانية الصعبة، فقد حولت بعض أعماله مسرحياً وسينمائياً.خاصيتان أساسيتانهناك خاصيتان أساسيتان امتاز بهما الروائي واسيني الأعرج، الأولى، أنه أخرج النص من الدوائر المغلقة، وحول الرواية إلى بحث ميداني استقصائي مثل عالم الآثار، ينقب ويبحث عن حقيقته التاريخية/ الإبداعية، ويعتبر رائداً في هذا المجال برواياته مثل «كتاب الأمير، ومي/ ليالي العصفورية، عازفة البيكاديللي، وحيزيا» وغيرها. أما الخاصية الثانية، فقد غير الرؤية إلى التاريخ، فأخرجه من القداسة المفرطة وحوله إلى مادة بحثية إبداعية. ويدين الجيل الجديد من الروائيين العرب له اليوم بالكثير بتوجههم نحو التاريخ كممارسه فنية/ تاريخية كما فعل في روايته «كتاب الأمير». متخطياً بذلك العتبات التي شيّدها جورجي زيدان للرواية التاريخية.

شارك الخبر على