غزة الحرب العبثية الجميع خاسر (حبيب البستاني)

٥ أشهر فى تيار

على بعد أيام من انتهاء العام وعلى مسافة أسبوعين من إنهاء الحرب على غزة شهرها الثالث، تبدو الأمور اكثر تعقيداً والرؤيا أكثر ضبابية، فلا حماس استطاعت حتى الآن من فرض الحل العادل للقضية الفلسطينية وذلك بالرغم من الانتصار العسكري المدوي في السابع من أكتوبر، ولا إسرائيل استطاعت من تنفيذ أطماعها وتحقيق أهدافها بإنهاء حركة حماس وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وذلك بالرغم من الحرب الهمجية والمجازر الغير مسبوقة التي يرتكبها يومياً جيش العدو بحق المدنيين.
ومع ارتفاع عدد القتلى من الشهداء المدنيين الذي جاوز العشرين ألفاً حيث شكلت نسبة الأطفال والنساء أكثر من 70%، وحيث تجاوز عدد المفقودين والمطمورين تحت الركام الثمانية آلاف، تزداد النقمة وتزداد مظاهرات الاحتجاج من حول العالم، ولم تجد إسرائيل من يدافع عنها ويحميها إلا السلاح ألأميركي والأساطيل الغربية، ولا سيما الفيتو الأميركي في مجلس الأمن الذي يحول دون إقرار وقف فوري لإطلاق النار، يحد من سقوط الضحايا البريئة ويمنع ارتكاب الإبادة الجماعية التي باتت على كل شفة ولسان، لا سيما اعضاء المنظمات الأممية والإنسانية حول العالم.
أميركا في مواجهة مع العالمتبدو الولايات المتحدة الأميركية وكأنها الدولة الوحيدة التي تسير عكس المواثيق الدولية والإجماع الأممي، وهذا ناتج عن الدعم اللامشروط الذي توفره للكيان الصهيوني في حربه الهمجية على المدنيين العزل، وذلك بالرغم من مناشدات الدولة العظمى لإسرائيل بالحد من استهداف السكان العزل والمنشآت المدنية من مدارس وجوامع وكنائس ومستشفيات وكل مراكز الإيواء بدون استثناء، وهكذا تبدو القنابل الذكية أكثر غباء من التقليدية فلا تصيب إلا المدنيين محدثة الأضرار الجسيمة والعدد الأكبر من الضحايا. ومن اللافت تصريح الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي قال أنه لا يوجد عضو واحد في مجلس الشوخ الأميركي باستطاعته إدانة إسرائيل والتخلي عن دعمها، لأن ذلك يعني وبكل بساطة أنه لن يكون باستطاعة هذا العضو العودة إلى مجلس الشيوخ في الدورات المقبلة، فالنفوذ الإسرائيلي واللوبي الصهيوني كبير لدرجة لا يستطيع أي مركز من مراكز القرار من التعبير بحرية عما يجري في غزة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولكن كل ذلك لن يستمر طويلاً إذ إن الغالبية العظمى من الشباب والمثقفين لا سيما في الجامعات الأميركية التي يرتادها نخبة المفكرين الأميركيين كجامعة هارفرد وغيرها، أصبحت لاتتوانى عن معارضة سياسة الرئيس بايدن المؤيدة لإسرائيل. وكان الحدث الأكثر دلالة من حول العالم هو فقدان مؤسسة ستارباك للقهوة الجاهزة أكثر من 12 مليار دولار من قيمتها السوقية وذلك نتيجة دعمها للجيش الإسرائيلي، مما اضطر هذه الشركة للقيام بحملة دعائية غير مسبوقة لتبييض صفحتها والدلالة على عدم دعمها لإسرائيل.
إسرائيل خسائر بالجملةمع وصول العمليات العسكرية في غزة إلى الحائط المسدود واستمرار تمتع حماس بحرية الحركة وحرية استعمال أسلحتها الصاروخية، وتزايد الخطر على كل المدن الإسرائيلية لا سيما تل أبيب، مما أدى إلى نزوح أكثر من 75 ألف مستوطن من المستوطنات الشمالية وغلاف غزة، بالإضافة إلى عبء قضية المحتجزين على الشارع الإسرائيلي، وهذا سيشكل حتماً تطوراً بارزاً ستكون له انعكاساته على مصير الحرب.أما في الإقليم فإن المنطقة تغلي على وقع الهجمات الصاروخية الحوثية التي باتت تشكل التهديد الأكبر للملاحة الدولية في البحر الأحمر، إشارة إلى ان حرب يونيو في العام 67 التي شنتها إسرائيل على مصر والدول العربية كانت من أسبابها تهديد الرئيس عبد ناصر بإغلاق مضائق تيران وباب المندب.
تبعاً لذلك وأنه وبالرغم من كل ما يقال عن إطالة أمد الحرب وتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية ورفض العدو لوقف إطلاق النار، فإن الأمور تتجه نهو هدنة حقيقية وعملية تبادل للمحتجزين والمعتقلين الفلسطينيين وذلك بالرغم من حماوة الميدان، وإلا فإننا قادمون على متغيرات لن يكون بعدها بمقدور الدول العربية وبقية العالم من الوقوف مكتوفي الأيدي متفرجين، فالشوارع تغلي وستفعل فعلها وحتى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لن تستطيع من الاستمرار في ذر راسها في الرماد.
 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على