الهيدروجين منخفض الكربون.. مصدر آمن للطاقة النظيفة ونافذة استثمارية واعدة

٦ أشهر فى كونا

من خالد المطيري

(تقرير)

الكويت - 26 - 12 (كونا) -– يتصدر الهيدروجين قوائم "الوقود النظيف" باعتباره مصدرا آمنا للطاقة ويؤدي دورا فعالا في عملية تحول الطاقة حيث لا ينتج عن احتراقه أية انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويكتسب الهيدروجين منخفض الكربون أهميته من كونه يتوافق مع الجهود الدولية الرامية للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وتحسين جودة الهواء وإيجاد مستقبل للطاقة منخفضة الكربون وصولا إلى الحياد الكربوني الذي سيخلق من جانبه فرصا للنمو الاقتصادي المستدام.
ولا يوجد الهيدروجين في الطبيعة كعنصر حر بل يتطلب إنتاجه من مصادر أخرى ومن ثم نقله وتخزينه قبل استخدامه في القطاعات الاقتصادية المختلفة وهناك أكثر من 17 طريقة لإنتاجه.
وأبرز أنواع الهيدروجين منخفض الكربون ما يتولد عن تقسيم الماء إلى هيدروجين وأوكسجين باستخدام الكهرباء المتجددة المنتجة من مصادر طبيعية كالرياح والطاقة الشمسية ويعرف باسم (الهيدروجين الأخضر) ولا ينتج عن هذه العملية أية انبعاثات أما النوع الثاني فهو (الهيدروجين الازرق) الذي يتم انتاجه من الغاز الطبيعي ثم التخلص من الانبعاثات المصاحبة له عبر تطبيق تقنية اصطياد واحتجاز الكربون.
وفي هذا الصدد تحدث عدد من المتخصصين لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) في تصريحات متفرقة اليوم الثلاثاء عن أسباب تزايد الاهتمام الدولي بمشاريع إنتاج الهيدروجين والعوائد الاقتصادية المتوقعة لتلك المشاريع فضلا عن الوقوف على الخطط الوطنية والاستراتيجية التي أطلقت أخيرا والرامية للوصول الى الحياد الكربوني.
وقالت مديرة برنامج تقنيات كفاءة الطاقة في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتورة فتوح الرقم إن الاستثمار في الهيدروجين "قطاع ناشئ" والكويت تمتلك مقومات كبيرة للاستثمار في انتاج الهيدروجين الأزرق والاخضر.
وأكدت الرقم أن تنمية هذا القطاع يسهم في تعزيز موقع الكويت كلاعب رئيسي في مجال الطاقة النظيفة على الساحة الدولية مشيرة إلى أن الكويت تتميز باحتوائها لموارد الطاقة المتجددة.
وبينت أنه يمكن للكويت استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومن ثم بناء قدرات إنتاج الهيدروجين التي تمكنها من تصديره للأسواق الدولية ما سيفتح أفقا جديدا لتحقيق الإيرادات للدولة وتعزيز دورها في قطاع الطاقة النظيفة.
وأفادت بأن العديد من الدول اتخذت خطوات رامية إلى خفض انبعاثات الكربون في ظل تزايد الاهتمام الدولي بأبعاد تغير المناخ موضحة أن الكويت قامت في هذا الصدد بإطلاق خطوة طموحة وملزمة نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 في قطاعي النفط والغاز تمهيدا لتحقيق الحياد الكربوني في الدولة ككل بحلول العام 2060.
وأكدت أن اتخاذ الكويت لهذه الخطوة يعكس التزامها بالمشاركة الفعالة في الجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتأقلم مع التحديات البيئية العالمية.
وفيما يتعلق بتحقيق الحياد الكربوني في قطاعي النفط والغاز ذكرت أنه سيتم التركيز على عدة جوانب أساسية تهدف إلى تقليل الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة.
وأضافت أن ذلك يشمل تخفيض حرق الغاز في عمليات التنقيب والإنتاج وتعزيز الاقتصاد الدائري وتخفيض الكربون والتركيز على تحسين كفاءة استخدام الطاقة في العمليات النفطية بالإضافة إلى الاستثمار في تلبية الاحتياجات الكهربائية من مصادر الطاقة الشمسية.
وأوضحت أن هذه الجهود تأتي تماشيا مع التعهد العالمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة الذي يهدف إلى زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 5ر1 درجة مئوية بحلول عام 2030.
وأشارت إلى أن رؤية الكويت لتوفير 15 في المئة من احتياجاتها للطاقة بحلول عام 2030 من الموارد المتجددة يأتي تماشيا مع التوجه العالمي لزيادة القدرة على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
وقالت الرقم إن هناك تعاونا بين عدد من الجهات المعنية داخل الكويت مثل وزارة الكهرباء والماء والطاقة المجددة والهيئة العامة للصناعة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وشركات القطاع النفطي حيث قامت بإطلاق مبادرات متعددة مثل ملصقات الطاقة للأجهزة والتدقيق في استهلاك الطاقة في المباني جنبا إلى جنب مع التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة وتطبيق كود البناء.
من جانبه قال خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) وائل عبد المعطي إن انتاج واستخدام الهيدروجين لا يعد أمرا جديدا بل على العكس فقد تم إنتاج الهيدروجين واستخدامه بكميات ضخمة منذ عقود بيد أن دوره الرئيسي لا يزال ينحصر على استخدامه كمادة خام في عدد من الصناعات مثل الأمونيا والميثانول.
وأشار عبدالمعطي إلى أن هناك عقبات يجب العمل على تجاوزها لتحقيق اقتصاد للهيدروجين وخلق مستقبل واعد له مثل ارتفاع التكلفة التي يجب العمل على تقليلها مؤكدا ضرورة البدء في بناء البنية التحتية اللازمة لنقل وتوزيع الهيدروجين بما يسمح بتأسيس تجارة دولية له على غرار النفط والغاز.
وذكر أن الدول العربية كانت في صدارة المشهد العالمي للاستثمار بالهيدروجين ومشتقاته عبر الإعلان عن عدة مشاريع لإنتاجه بأنواعه سواء الأخضر أو الأزرق والمواد الحاملة له مثل الأمونيا الخضراء والزرقاء.
ولفت إلى أن اهتمام الدول العربية بالهيدروجين يأتي في المقام الأول من منطلق تصديره إلى الأسواق المحتملة في أوروبا وآسيا والظفر بحصة سوقية مهمة في التجارة الدولية له موضحا أن إجمالي المشروعات المعلنة للهيدروجين في المنطقة العربية وصل الى 82 مشروعا حتى نوفمبر الماضي.
وأضاف أن هناك عددا من المشاريع المعلنة داخل الدول العربية تقع ضمن المشاريع التجريبية التي تشكل اللبنة الأولى لبناء اقتصاد تنافسي للهيدروجين.
ولفت إلى وجود مشاريع أخرى تجارية بسعات إنتاجية عالية إذ تم إسناد عقود الهندسة والتوريد والإنشاء إلى شركات المقاولات وتوقيع الاتفاقيات التجارية الملزمة مع الشركاء لبيع إنتاج هذه المشاريع.
وقال عبدالمعطي إن الكويت تنتج الهيدروجين ضمن قطاع النفط وهو ما يعرف باسم الهيدروجين الرمادي الذي يتم إنتاجه من الغاز ولكن يستخدم كمادة خام (لقيم) ضمن مصافي التكرير ومجمعات البتروكيماويات.
وذكر أن الكويت من بين الدول التي تبنت رؤية استراتيجية طويلة المدى لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة وضمان استدامة مصادر الطاقة والحد من الانبعاثات الكربونية إذ أعلنت مؤسسة البترول الكويتية أخيرا استراتيجية المؤسسة 2040 واستراتيجية تحول الطاقة في الكويت 2050 وخصصت لهما 410 مليارات دولار.
وأوضح أن استراتيجية تحول الطاقة في الكويت 2050 حددت عدة خطوات جاء في مقدمتها إنتاج الطاقة المتجددة بداية من عام 2025 واستغلالها في عمليات الشركات التابعة للمؤسسة بحلول عام 2050 والوصول بحرق الغاز المصاحب إلى الصفر بداية من عمليات شركة نفط الكويت بحلول عام 2030 وتطبيقها في كافة الشركات التابعة لها بحلول عام 2040.
وبين أن الاستراتيجية تتضمن أيضا العمل على التقاط الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه محليا بحلول عام 2050 كما كان الهيدروجين الأخضر حاضرا من ضمن أهداف هذه الاستراتيجية إذ من المستهدف بناء أول مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2040.
من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة انرتك القابضة - المملوكة للهيئة العامة للاستثمار الكويتية - عبدالله المطيري إن الهيدروجين والطاقة يتمتعان بتاريخ مشترك طويل إذ تم تشغيل أول محركات الاحتراق الداخلي منذ أكثر من 200 عام وأصبحا جزءا لا يتجزأ من صناعة التكرير الحديثة.
وأضاف المطيري أن الهيدروجين خفيف وقابل للتخزين وكثيف الطاقة ولا ينتج عنه انبعاثات مباشرة من الملوثات أو الغازات الدفيئة ما أدى إلى تزايد عدد البلدان التي لديها سياسات تدعم بشكل مباشر الاستثمار في تقنيات الهيدروجين.
ولفت إلى أن وكالة الطاقة الدولية حددت هدفا لصافي الانبعاثات الكربونية بأن يصل إلى "الصفر" على مدى السنوات الثلاثين المقبلة ما يتطلب إعادة صياغة كبيرة للبنية التحتية العالمية للطاقة.
ورأى أن انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة على مدى العقد الماضي يوفر فرصة لهذه المصادر ليس فقط لتشغيل الاقتصاد الجديد القائم على التوسع في استخدام الكهرباء (الاقتصاد المكهرب) بشكل مباشر ولكن أيضا لدعم توليد الوقود الهيدروجيني الخالي من الكربون.
وذكر أن مشروع عمان للطاقة الخضراء (GEO) هو مشروع تطوير رئيسي للطاقة المتجددة يركز على إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصدير الوقود الخالي من الكربون للأسواق العالمية مع إمكانية توفير الطاقة الخضراء للسلطنة.
وقال المطيري إن هذا المشروع هو ثمرة تعاون مباشر بين ثلاثة صناديق سيادية هي الهيئة العامة للاستثمار الكويتية ممثلة بشركة انرتك القابضة والصندوق السيادي العماني ممثل بشركة (أوكيو) والصندوق السيادي السنغافوري ممثل بشركة (إنتركونتينتال إينرجي) إضافة إلى شركة (شل) الدولية.
وأفاد بأن المشروع يهدف لإنتاج نحو 25 غيغاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتجددة إذ من المقرر استثمار الطاقة التي سيتم إنتاجها من مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج أكثر من 8ر1 مليون طن من الهيدروجين الأخضر الخالي من الكربون سنويا. (النهاية) خ م / ه ث

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على