الحروب ليست طبيعة بشرية

٥ أشهر فى الإتحاد

فليعذرنا السيد عبدالرحمن بن خلدون الذي زعم أن الحروب بين البشر ظاهرة بشرية، فنقول له للأسف سيدي، لقد أخطأت، عندما بررت نشوب الحروب، ولصقتها بطبيعة البشر، ونؤكد له أن الحروب ليست إلا ثقافة، ومتى ما نقيت هذه الثقافة من براثن ورواسب النفس البشرية، يستطيع الإنسان أن يعيش مع أخيه الإنسان من دون تحريك النيران إلى مضارب الآخرين.وأعتقد وأنا على يقين، لو عاصر السيد ابن خلدون قيام اتحاد الإمارات، لما تجرأ ونسب الحروب إلى الطبيعة البشرية، ومن يقرأ تاريخ قيام اتحادنا المجيد، سوف يأخذ العبر والدروس، لما للثقافة من دور محوري في تعايش الإنسان مع الإنسان، وبناء مجتمع يقوم على الحب والتسامح والولاء، لأهمية أن نكون معاً على دروب الخير والوفاء، والانتماء إلى كيان واحد تسوده جداول التعاون والتضامن، بل أقول إنه منذ أن صرخ الفلاسفة معتبرين أن الحروب لا تشتعل إلا في المجتمعات البدوية، أما الحضارية فهي مجتمعات متحركة باتجاه السلام والتطور والنمو الاجتماعي والاقتصادي، ونرجع هذه المفاهيم إلى عقدة «التفوق» والكبرياء المزعوم، بأن تلك المجتمعات أكثر التصاقاً بمفاهيم الحب من غيرها في المناطق والمجتمعات الصحراوية، وما يدحض هذا القول هو ما شهدناه من ممارسات تلك الدول التي تدعي الحضارة، حيث إنها بعد ما قامت بثوراتها من أجل «الديمقراطية» أصبحت كالحيتان الجائعة تتوجه إلى بسط النفوذ والسيطرة على غيرها من الدول الأضعف، وهذا يبين ما لدى تلك الدول من رواسب ثقافية قديمة، ويؤكد مصداقية الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي أبدى امتعاضه من الرواسب التاريخية، حين أوضح أن «الأفكار المسبقة مفسدة للعقل»، وهي حقيقة هذا الصراع بين البشر، حيث تصبح الثقافة رأس الحربة في تدمير العلاقات بين الدول وهي الثقافة العدائية، بل وثقافة الكراهية والحقد، مما يجعلنا نؤكد أن تضخم الأنا والإحساس بخيال مريض، يقول دوماً إن «دينه أفضل من دين الآخرين»، وإنه الأحق في العيش من سواه، كونهم رعاعاً، وشعراء!؟ اليوم ونحن نشهد هذه الفوضى العارمة التي تعم الشرق، والغرب، إنما هي المعضلة الثقافية والتي تحتاج إلى تدخل ذوي الضمير الحي لأن يقوموا بواجباتهم الإنسانية، ويقدموا الحلول الثقافية ذات النبوع الواعية، وذات المصادر القيمية النابعة من إدراك أننا أبناء الأرض جميعاً، علينا تقع مسؤولية حماية الأرض من الغوغاء والشعوذة، وأصحاب الرؤوس الخاوية إلا من الشوفينية، وكراهية الآخر.واليوم نشهد الدور الريادي الذي تطلع به الإمارات وتؤديه ببراعة واقتدار، وهي تدعو العالم إلى كلمة سواء، ويا ليت.. يا ليت العالم يستفيد من درس دولة قامت ونشأت على أسس راسخة، مبنية على القيم الإنسانية العالية، قيم المحبة والتسامح ورفض كل ما يشغل النفوس من بؤر الحقد والتفرقة بين البشر، وخلق الحواجز النفسية المريعة التي تخالف كل الشرائع السماوية، وتقف على مفارق الطرق، دون الإيمان بأن الإنسانية بحاجة إلى وقفة ضمير تزيل عن كاهلها هذه المآسي والمآزق الثقافية الأليمة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على