كيف ساهم المنتج فيصل بالطيور في تغيير المشهد السينمائي

٧ أشهر فى البلاد

بالنظر إلى الوراء في أي من اللحظات الرئيسية في تطور صناعة السينما السعودية المزدهرة الآن، من المحتمل أن تصادف اسماً كان له أثر كبير على الصناعة، حيث يظهر جلياً اسم المنتج السعودي فيصل بالطيور الذي شارك بشكل متكامل في كل خطوة على الطريق منذ أن رفعت البلاد الحظر المفروض على دور السينما في العام 2018 وبنى أول دار سينما لها في إثراء مع إدارته، ثم شغل منصب أول رئيس تنفيذي للمجلس السعودي للأفلام والذي تحول إلى “هيئة الأفلام السعودية” والذي من خلاله أعطى جيلًا جديدًا من المواهب الأدوات التي يحتاجونها لبدء رحلاتهم الإبداعية. 
صحيفة “arabnews” السعودية الناطقة باللغة الإنجليزية، ألقت مؤخرًا الضوء على هذا الدور الكبير في القطاع السينمائي السعودي ودور المنتج وكتبت أن بالطيور وبعد عامين من هذا الدور، لاحظ مشكلة تكمن في وجود مناطق معينة من المناظر الطبيعية تعاني من نقص الخدمات، وهي مناطق لم يتمكن القطاع العام من معالجتها بعد، مع طرح الأسئلة: من هم المنتجون الذين يمكنهم مساعدة الأصوات الجديدة على تحقيق رؤيتهم؟ أين كان الموزعون مخصصين لعرض الأفلام السعودية في دور السينما؟ وأين كانت السينما الفنية المخصصة التي يمكن أن تساعد في رعاية جمهور للمشاريع المتخصصة؟ وهكذا انطلق في مسار جديد على أمل مساعدة بلاده على تحقيق الحلم الذي كان يراوده أيضًا منذ أن كان طفلًا. 
يقول: “هذا مهم جدًّا بالنسبة لي، لأنني أنظر إلى الوراء وأشعر بالأسف لغياب قصصنا على الشاشة الكبيرة، وكل الأصوات الإبداعية التي لم نسمع عنها من قبل، لهذا السبب نعمل بجد 3 مرات الآن، أعلم أننا لن نستعيد ما فقدناه في تلك السنوات الـ 40 بدون دور سينما، لكننا نكتب القصة السعودية الآن، لذلك دعونا نكتبها بأفضل طريقة ممكنة. دعونا نكتب القصة السعودية ليسمعها العالم”. وأضاف: “السعودية مليئة بالمبدعين، مع عدد كبير من السكان الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا ولديها ثقافة متنوعة، ولكن من أجل جعل هذه الأصوات مسموعة، يجب أن يكون كل جزء من هذا العمل مزدهرًا محليًّا ودوليًّا، ولا يكفي الفوز بجائزة أوسكار لمرة واحدة، ولجعل هذا الأمر أخيرًا، ولتحقيق العدالة لهذا المشروع، نحتاج إلى بناء صناعة غنية مثل السعودية نفسها”. 

فيصل بالطيور الذي عمل أيضًا كمنتج في السنوات التي سبقت انضمامه إلى العمل الحكومي، كرس نفسه منذ العام 2019 بكل إخلاص تجاه هذه المخاوف. يشغل حاليًّا منصب الرئيس التنفيذي لشركة Muvi Studios ذراع الإنتاج لأول عارض محلي في البلاد Muvi Cinemas، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة CineWaves Films، وهي موزع محلي مكرس لعرض الأفلام السعودية في دور السينما، ومؤسس سيني هاوس وهي أول سينما فنية مخصصة في الرياض، وعضو مجلس إدارة Manga Productions، وهي فرع فرعي من مؤسسة محمد بن سلمان مخصص لإنتاج الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو والقصص المصورة، يقول لعرب نيوز: “كنت أعرف أنه كان من الخطر القفز إلى القطاع الخاص، وهناك أسباب لوجود هذه الفجوات، فهي ليست أسهل جوانب العمل لتطويرها، لكنني قررت المخاطرة لأنه لم يكن هناك كيان في السوق يقول “أنا أؤمن بالسعودية”، هذا شيء نحتاجه: لنثبت للعالم أن الإيمان بالسعودية مربح ومستدام وسيجني فوائد ضخمة لجميع المعنيين”. 
إن فكرة أن عرض القصص السعودية على الشاشة الكبيرة يمكن أن يغير حياة شخص ما ليس مجرد حلم يراود بالطيور، بل هو واقعه، فعندما كان لايزال صبيًّا، سافر إلى أرامكو لحضور معرض للنفط، حيث كانوا يعرضون فيلمًا خاصًّا بتقنية 3D قاده في طريقه إلى أستراليا، حيث طور مهاراته قبل أن يعود إلى المملكة العربية السعودية منذ ما يقرب من 10 سنوات، يقول: “في المرة الأولى التي وضعوا فيها نظارات 3D على عيني، تغير شيء في داخلي، في تلك اللحظة، جعلني هذا الفيلم الوثائقي أشعر بالانغماس بطريقة لم أفعلها من قبل، في ذلك الوقت كنت أركز على التصميم الجرافيكي، لكنني جلستُ هناك وقلتُ لنفسي: “أحتاج إلى صنع هذه الأشياء”، واستغرق الأمر مني شهوراً للعثور على البرنامج وتثبيته، وكانت جميع الموارد باللغة الإنجليزية، ولذا كان علي تعلم اللغة الإنجليزية فقط لفهم الكتب، كان عالمي في ذلك الوقت صغيرًا بما يكفي للاعتقاد بأنني لن أسافر أبدًا، ولكن عندما تعلمت تسخير هذه الأدوات، بدأت رحلتي هذه”. 
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى حقق اقتراح فيصل بالطيور المحفوف بالمخاطر أول نجاح كبير له، وكان ذلك في ذروة الوباء العالمي في العام 2020، وبينما كان بقية العالم يسحب جميع إصداراته الرئيسية من جدول الإصدار، كان لديه فيلم سعودي يعتقد أنه لايزال بإمكانه العثور على جمهور بغض النظر عن الظروف “شمس المعارف” وهو فيلم كوميدي رائد من إخراج فارس جودوس وتوزيع CineWaves، يقول: “كان هذا حقًّا أصعب قرار، ولكن من المفارقات أنه عندما قرر الجميع أنه لا يمكن إصدار فيلم بنجاح أثناء الوباء، فُتحت المساحة لنا أخيراً، وقبل تلك اللحظة لم يكن هناك مجال للمحتوى المحلي في الجدول الزمني، ولم يكن الفيلم السعودي علامة تجارية بعد، لكننا دخلنا في شراكة مع الجميع في السوق، وحصلنا على 110,000 مشاركة، مما يجعله أكبر فيلم سعودي في التاريخ، وهو رقم قياسي لن يتم كسره حتى يأتي فيلم “سطار” بعد 3 سنوات”. 
منذ ذلك الحين، وسع بالطيور مهمته، بعد أن ساعد في إثبات أن الفيلم السعودي يمكن أن يجد جمهورًا كبيرًا، كان يفكر ليس فقط في ما يمكن أن تفعله السعودية لشعبها، ولكن للأصوات المحرومة في المنطقة.
أنتج الفيلم السوداني الناجح “وداعًا جوليا”، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرج محمد كردفاني، والذي حقق النجاح الكبير في مهرجان كان هذا العام، ومنذ ذلك الحين تم اختياره كأفضل فيلم روائي دولي في حفل توزيع جوائز الأوسكار للعام 2024، وهو ثاني فيلم في التاريخ يحصل على هذا الشرف، يقول: “أنا فخور جدًّا بمشاهدة العديد من الأفلام التي يدعمها صندوق البحر الأحمر في مهرجاني كان والبندقية هذا العام، لأنها تظهر أن الصناعة السعودية المتنامية تؤثر على الأفلام الإقليمية أيضًا، لهذا السبب أردت أن أشارك شخصيًّا في “وداعًا جوليا”، إحدى الركائز الأساسية التي نعمل عليها هنا هي خلق سوق يفيد المنطقة بأسرها، والارتقاء بالسينما العربية ككل”.  

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على