صراع بين الأزهر والأوقاف بسبب قوائم الإفتاء بالفضائيات.. لعبة القط والفأر

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

كشفت قوائم الإفتاء على الفضائيات المقدمة من قبل الأزهر والإفتاء ووزارة الأوقاف، إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الستار عن طبيعة التعامل بين المؤسسات الدينية فى التعامل مع ملف الدعوة، وذلك بالبعد عن التنسيق والعمل المنفرد من كل طرف.

حيث بادرت مشيخة الأزهر إلى ترتيب لقاء موسع بين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومكرم محمد أحمد، رئيس المجلس، فى مقر المشيخة بالدراسة، من أجل التنسيق بين الأزهر والإعلام للحد من ظهور غير المختصين على الفضائيات.

وبالفعل أسفر اللقاء الثنائي بين الطيب ومكرم، إلى إعلان المجلس عن قائمة للأزهر والإفتاء، ضمت 50 شخصية مخولا لهم حق الإفتاء على الفضائيات ومختلف وسائل الإعلام، تلك القائمة التى أعلن عنها المجلس خلال مؤتمر صحفى له، خلال الأيام الماضية، بعد مرور 24 ساعة من لقاء شيخ الأزهر برئيس المجلس الأعلى بمقر المشيخة بالدراسة.

وفى نوع من عدم التنسيق، جاءت قائمة وزارة الأوقاف للإفتاء، والتى قام بتسليمها وزير الأوقاف إلى مكرم محمد أحمد، بمقر المجلس، خلال لقاء جمع وزير الأوقاف برئيس المجلس، بمقر المجلس، حيث ضمت 136 شخصية.

غير أن قائمة الأوقاف، لم تقتصر على رجال الوزارة المؤهلين للإفتاء، بل احتوت على شخصيات أزهرية فى المقام الأول، والذين تم تجاهلهم من قبل مشيخة الأزهر رغم أزهريتهم، ويأتى فى مقدمة الشخصيات التى تجاهلها الطيب ورشحت من قبل وزارة الأوقاف، الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بالنواب، ورئيس جامعة الأزهر السابق، والدكتور أسامة الأزهري، مستشار الرئيس للشئون الدينية، والدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحرى، والدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر. 

موقف الأوقاف لم يقتصر على الدفع بشخصيات أزهرية استبعدت من قبل الأزهر لخلافات بينهم وبين المشيخة تجسدت فى كثير من الشواهد خلال الفترة الماضية، بل تعهدت الوزارة بالعمل على إعداد قائمة أخرى تضم جموع المشايخ الذين يقدمون برامج دينية على الفضائيات، أمثال الدكتور خالد الجندى، الداعية الإسلامى، والدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فى مشهد فسره المحللون بأن الأوقاف تتحدى الأزهر بالتأكيد أنها شريك أساسى فى الدعوة، وذلك بتقديم عدد من الشخصيات الأزهرية ضمن قوائم الأوقاف للإفتاء.

غير أن وزير الأوقاف، حرص على عدم تصدير المشهد على أساس وجود خلاف بين الأزهر والأوقاف حول قوائم الإفتاء على الفضائيات، فصرح قائلا "إن قوائم الأوقاف لا تتعارض ولا تتصادم مع قوائم الأزهر، بل تعد استكمالا لقوائم الأزهر والإفتاء للحد من ظهور أصحاب الفتاوى الشاذة".

فيما أكدت مصادر من داخل وزارة الأوقاف، أن وزارة الأوقاف أدركت أن مشيخة الأزهر لم تدرج بعضا من الشخصيات الأزهرية ضمن قائمتها للإفتاء والبالغ عددها 50 شخصية رغم تأهيلهم للإفتاء وظهورهم الكثيف على الفضائيات، نتيجة للعلاقة القوية بين تلك الشخصيات ومختار جمعة، وزير الأوقاف، الأمر الذى دفع الأخير "جمعة" إلى سرعة إعداد قائمة للوزارة وإدراج تلك الشخصيات ضمن قائمة الوزارة، كنوع من رد الفعل على تجاهل الطيب لهم، على حد تعبيرهم.

وأضافت المصادر التى فضلت عدم ذكر أسمائها للتحرير، أن هناك عددا من الشخصيات الأزهرية التى كان ينبغي أن تترشح من قبل الطيب وليس مختار جمعة، أمثال الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور أسامة العبد، مستشار الرئيس للشئون الدينية، وأحد أساتذة جامعة الأزهر، والدكتور عبد الله النجار، والدكتور الشحات الجندى، أعضاء مجمع البحوث، التابع رسميا للأزهر، وكذلك الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، مؤكدين أن هؤلاء جميعا على خلاف مع الأزهر ما بين خصومات شخصية وانتقادات لأداء الأزهر.

واستدلت المصادر، على طبيعة الخلاف بين المشيخة، وتلك الشخصيات، إلى واقعة تجاهل تعيين الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس الجامعة إلى منصب رئيس الجامعة، رغم كونه أقدم النواب، والإتيان بالدكتور المحرصاوى، الذى لم يشغل منصب نائب رئيس الجامعة بل كان قائما بأعمال عميد كلية اللغة العربية، وكذلك الدكتور أسامة الأزهرى، الذى دخل فى خلاف مع الطيب حول الطلاق الشفهي، بسبب تأييده لعدم وقوعه، فضلا عن هجوم على أداء الأزهر فى ملف تجديد الخطاب الدينى. 

فكتب مقالًا بعنوان "أمر يدع اللبيب حائرًا"، وفيه قال: "الوطن يستنجد بالأزهر، ويلح عليه، ويطالبه، ويلمح ويصرح، ويستنهض ويشير، ويتألم ويستغيث، ويبقى الأزهر عند مستوى واحد من تسيير أموره وقوافله وجولاته وأجنحته في معرض الكتاب، دون القفز إلى مستوى الحساسية والجد والخطر الذي يحيط بالوطن".

وتابعت المصادر: "اختيار القوائم سواء بالأزهر أو الإفتاء أو وزارة الأوقاف، تم بناء على أهواء شخصية، فالاختيار تم بناء على أهل الثقة وليس الكفاءة، وأن كل فريق رشح أنصاره للإفتاء من أجل إثبات الوجود، وليس أهل الخبرة".

وأضافت المصادر أن تلك القوائم كشفت حجم الصراع الدائر بين الأزهر والأوقاف، وذلك بسعي تلك الهيئات إلى الدفع بقياداتها دون التنسيق مع الطرف الآخر، من أجل الاستحواذ على المشهد، الأمر الذى جعل تلك المؤسسات تنشغل بالاستحواذ بقدر ما يجب أن تعمل وفقا لمستوى التحديات الفكرية التى تحاط بالأوطان، من غزو للأفكار المتطرفة، معربين عن استيائهم لما وصل إليه الحال من تنافس وصراع بين المؤسسات هيمن على عقول الجميع، على حد قولهم.

وطالبت المصادر، الأزهر والأوقاف بسرعة وقف ذلك الصراع بين الطرفين، والعمل معا من أجل خدمة الدعوة، والنهوض بالخطاب الدينى، من أجل نشر الفكر الوسطى للحد من الأفكار المتطرفة، جنبا إلى جنب مع جهود الدولة فى محاربة الإرهاب من باب معالجة الفكر بالفكر، والتخلى عن لعبة القط والفأر.

وقالت الدكتورة سعاد صالح، إن قوائم الإفتاء على الفضائيات، عمل جاد يسهم بشكل كبير فى الحد من ظهور غير المؤهلين للإفتاء على وسائل الإعلام المختلفة، ويزيد من ضبط الفتوى عبر وسائل الإعلام، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت غزوا للأفكار الشاذة بالحديث بفتاوى مثيرة دون أساس لها.

وأضافت سعاد صالح للتحرير، أن هذا العمل الجاد افتقد إلى الكثير من العوامل التى كانت يجب أن تتوفر، خاصة فى الاختيار، مؤكدة أن الاختيار كان ينبغى أن يقوم على معايير وأسس علمية، تراعى فيها الثقافة والقدرات العلمية وفن ومهارة التعامل على الهواء، خاصة أن الفتوى ليست شهادة علمية فحسب، بل لا بد أن يكون صاحبها لديه خبرة فى التعامل مع الهواء والفضائيات، خاصة أن أغلب الأسئلة تكون بشكل مفاجئ، لذلك فعلى من يتصدر الإفتاء أن يكون على دراية بذلك.

وانتقدت صالح، افتقار القوائم للشخصيات النسائية، وأن قوائم المؤسسات لم تتضمن سوى ثلاث سيدات، فى حين أن المرأة نصف المجتمع، وأن هناك حرجا من بعض الرجال فى الإفتاء ببعض الأمور الخاصة بالنساء، الأمر الذى كان يستوجب على القائمين على وضع واختيار الشخصيات، مراعاة ذلك بالدفع بعدد أكبر من السيدات اللاتى يجدن الإفتاء والتأهيل العلمى والشرعى، والخبرة فى البرامج التليفزيونية.

شارك الخبر على