«بلومبرج» عن مصر وإسرائيل «الغاز والإرهاب» حوَّلا الأعداء إلى أصدقاء

ما يقرب من ٨ سنوات فى التحرير

"في أحدث علامة على تحسن العلاقات، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري إسرائيل أمس الأحد لبحث الجهود المبذولة لاستئناف عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتعثرة، حيث تعتبر هذه أول زيارة علنية الأولى التي يقوم بها وزير خارجية مصري منذ تسع سنوات".هكذا علَّقت شبكة "بلومبرج" الإخبارية، في تقريرٍ لها بعنوان "اتحاد أعداء الأمس بسبب الغاز والإرهاب"، على زيارة شكري لإسرائيل، ولقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وإلى نص التقرير:

عندما تحول الرئيس السيسي من خطابه العادي حول إمدادات الكهرباء إلى مناشدات غير متوقعة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، شخص واحد فقط لم يندهش من ذلك وهو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

فالخطاب الذي بثه التلفزيون المصري في شهر مايو الماضي توج أشهر من العمل الدبلوماسي من وراء الكواليس بين مجموعة مكونة من مصر وتل أبيب ومعهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. 

فبعد أربعة أعوام تقريبًا من اتفاق السلام الذي غيَّر وجه الشرق الأوسط، حولت إسرائيل ومصر العلاقات الباردة إلى تحالف قوي، حيث شدَّدا التعاون الأمني إلى مستويات غير مسبوقة، كما وضعا الأساس القانونية لصفقة الطاقة بمليارات الدولارات، فاكتشافات الغاز في البحر الأبيض المتوسط والتهديد المستمر من المتشددين الإسلاميين غيرت الديناميكايات السياسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، في حوارٍ مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إنَّه في ذلك الوقت من الاضطرابات وعدم الاستقرار الذي يحيط بجميع أنحاء الشرق الأوسط، من المهم جدًا للدول المستقرة استمرار بعض أنواع التعاون بينها.

وفي أحدث علامة على تحسُّن العلاقات، زار شكري إسرائيل لبحث الجهود المبذولة لاستئناف عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتعثرة، حيث تعتبر هذه أول زيارة علنية الأولى التي يقوم بها وزير خارجية مصري منذ تسع سنوات.

وقال شكري - بينما يقف بجانب نتنياهو -: "زيارتي لإسرائيل هو استمرار لشعور مصر منذ فترة طويلة بالمسؤولية تجاه السلام عن نفسها وجميع شعوب المنطقة، وخاصة الشعبين الفلسطيني الإسرائيلي"، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي: "في ضوء التغيرات التي حدثت في العلاقات الإسرائيلية المصرية والتي تتضمن على دعوة الرئيس السيسي الهامة بتحقيق السلام مع إسرائيل وجميع الدول العربية".

هل هو بداية عصر جديد؟

في خطابه حول محطة الطاقة النووية في أسيوط، قال السيسي إنَّه يرى فرصة كبيرة لمستقبل أفضل بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث قال أشخاص مطلعون على المحادثات إنَّه تمَّ تنسيق بيان أعقب ذلك من قبل نتنياهو يؤيد التعاون مع مصر.

فعودة مصر كوسيط قوة رئيسي في المنطقة سوف يساعدها على تحسين صورتها الدولية، في الوقت الذي تكافح من أجل انعاش اقتصادها، فالمكافآت المحتملة سوف تخفف من المخاطر المتزايدة لهجوم المسلحين بسبب العلاقات المتقاربة مع إسرائيل، حيث أنَّ التقارب بين السيسي ونتنياهو ملحوظ بالنظر إلى الكراهية تجاه إسرائيل التي لا تزال تضرب بعمق في مصر.

فالحكومة في القاهرة وجماعات المجتمع المدني تسعى عادة للحفاظ على التعامل مع الإسرائيليين إلى أدنى حد ممكن، والاتصال الرسمي في كثير من الأحيان يكون سريًّا.

تعرض توفيق عكاشة العضو السابق بالبرلمان لهجوم بحذاء في فبراير من قبل زميل له ثم طرد من البرلمان بعد لقائه مع سفير إسرائيل في القاهرة.

وقد سمحت عشرات الهجمات المسلحة بسيناء على أفراد الأمن المصري للسيسي للتقارب مع إسرائيل اليهودية، فإسرائيل استهدفت أيضًا من قبل مسلحين في شبه جزيرة سيناء وحركة حماس بقطاع غزة، والتي سمحت لهم بالقيام بعملياتهم العسكرية على طول الحدود المشتركة.

من جانبه، قال محمد كمال عضو البرلمان السابق، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: "هناك بالتأكيد مستوى عالٍ من التعاون غير المسبوق خاصة في مجال مكافحة الإرهاب بين مصر وإسرائيل.. مصر سوف تتعامل مع هذه المسألة بطريقة عقلانية على أساس المصلحة الوطنية".

تبادل الاستخبارات

السيسي عمل بحماس شديد افتقده أسلافه ضد الجماعات المسلحة والأسلحة التي تنتقل بين سيناء وقطاع غزة، حيث دمَّر وأغرق مئات الأنفاق عبر الحدود، وردت إسرائيل على مصر بذلك بمساعادات مالية بالإضافة لزيادة التبادل الاستخباراتي بحسب ما ذكره نائب رئيس الجيش الإسرائيلي.

فقد قال اللواء يائير جولان: "مستوى التعاون الذي وصلنا إليه لم نمارسه من قبل، هذا ليس حبًا ولكن اهتمامات مشتركة لن أصفها بمثل علاقتنا بالولايات المتحدة ولكن أعتقد أنها بداية جيدة".

فيما ذكر مسؤول إسرائيلي آخر - رفض ذكر اسمه - أنَّ بلاده قادت عددًا من هجمات الطائرات بدون طيار على المسلحين في سيناء خلال السنوات الأخيرة بمباركة مصر.

اتفاقيات الطاقة

تقارب السيسي مع إسرائيل يسبق فترة توليه الرئاسة، فعندما كان وزيرًا للدفاع ضغطت إسرائيل على الولايات المتحدة للإفراج عن المساعادت العسكرية التي تقدمها لمصر وعلقتها بعد الحملة التي قادتها القاهره ضد الإسلاميين، حيث دافعوا عن ذلك بأنَّها تستخدم لمواجهة التهديدات الأمنية في سيناء، بحسب ما ذكره المسؤول الإسرائيلي.

صفقات الغاز المحتملة تأخذ التعاون إلى مستوى آخر، فالإمدادات الإسرائيلية سوف تخفِّف من أزمة الطاقة حتى تتمكن مصر من تطوير حقلها الخاص الذي تمَّ اكتشافه في البحر المتوسط.

وبعد أن أنهت تل أبيب وتركيا قطيعتهما التي استمرت ست سنوات، وبدأ الاثنان محادثات حول إمدادات الطاقة، أرسل نتنياهو رسالة طمأنة للسيسي، حيث قال في مؤتمر صحفي بروما الشهر الماضي: "حقل ليفاثان الإسرائيلي يمكن أن يمد مصر أيضًا وهو الشيء الذي نعمل من أجل تحقيقه بالإضافة لتركيا".

من جانب آخر، يمكن تنشيط محطات تسييل الغاز الطبيعي المصرية لتحويل الغاز الإسرائيلي لتصديره لأوروبا والأسواق العالمية، كما ستتغاضى إسرائيل عن قيمة الغرامة الموقعة ضد بمصر بـ1.7 مليار دولار لتدفعها فيما بعد مقابل توقيع عقد الغاز.

فبالنسبة لمصر، الأمر أكبر من مجرد محادثات السلام.. تأكيد دورها القيادي في محادثات السلام يعتبر فرصة بعد الانتقادات التي وجهت ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك بالسماح باضمحلال دور مصر القيادي.

شارك الخبر على