«حل فإقالة فاستقالة».. ماذا يحدث داخل حزب الأكثرية البرلمانية؟

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

فى مساء الجمعة الأخيرة من العام الماضى عقد حزب المصريين الأحرار مؤتمره العام، واتخذ عدة قرارات أهمها حل مجلس أمناء الحزب، والذى بمقتضاه أصبح رجل الأعمال نجيب ساويرس خارج تشكيل الحزب بشكل رسمي، ثم بعدها بشهور تمت الإطاحة بالأمين العام لحزب المصريين الأحرار الإعلامي نصر القفاص، الذى دافع عن جبهة الدكتور عصام خليل ضد «ساويرس»، ومنذ حوالي أيام قليلة تقدمت رئيس لجنة حقوق الإنسان بحزب المصريين الأحرار، إيمان محمد إمبابي، باستقالة رسمية من منصبها بالحزب، الأمر الذى جعلنا نتسأل: ماذا يحدث داخل حزب الأكثرية البرلمانية؟.

فجرت إستقالة رئيس لجنة حقوق الإنسان بـ«المصريين الأحرار» إيمان محمد إمبابي، أزمة جديدة بالحزب، خاصة أنه لم يمضى سوى أيام قليلة على الإطاحة بالأمين العام لحزب المصريين الأحرار الإعلامي نصر القفاص، الذى دافع عن جبهة الدكتور عصام خليل، ضد مؤسس الحزب المهندس نجيب ساويرس، حيث نفى «القفاص» سحب الثقة منه فى البداية، مرجعًا الأسباب لخلافات في الأداء والمنهج بينه وبين رئيس الحزب، إلا أن «خليل» أكد فى بيان رسمى له سحب الثقة من الأمين العام للحزب، وفقًا للائحة النظام الأساسي، وقرر دعوة الهيئة العليا للانعقاد لانتخاب الأمين العام الجديد للحزب.

«ممارسات مريبة.. ولغز تمويل الحزب»

جاءت إستقالة «إيمان إمبابي» المسببة من كافة المناصب القيادية بحزب المصريين الأحرار، لما ذكرته فى نص الإستقالة عن وجود ممارسات مريبة لرئيس الحزب الدكتور عصام خليل، كاشفة عن سر خلافه مع الأمين العام للحزب، والذى يكمن في لغز تمويل الحزب الذي يصر رئيس الحزب على أن يكون له وحده.

وقالت إيمان فى نص استقالتها: «تمهلت كثيرا فى إعلان قرارى حتى أعرضه عليكم فى حالة من الهدوء وبعد تفكير عميق، فى ضوء ممارسات عديدة كنت شاهدا عليها، وصدمة مروعة فوجئت بها كما الرأى العام وحضراتكم جميعا، وأقصد بذلك تلك الطريقة التى تم بها إعلان تنفيذ قرار المؤامرة على الأمين العام للحزب، لذلك أستطيع الآن أن أتقدم باستقالتى من كافة المواقع، سواء كعضو هيئة عليا تشرفت بثقة المؤتمر العام الذى وضعنى فى مقدمة الفائزين، أو من المكتب السياسى الذى تشرفت بعضويته، أو من لجنة حقوق الإنسان التى أفاخر بأننى خلال فترة قصيرة قدمت من خلالها نشاطا لم تسبقنى إليه أى من الأحزاب المصرية، بل ومن عضوية الحزب نفسه».

واستطردت: «لكن تبقى كل تلك الاستقالات مشروطة بالعرض على المؤتمر العام والهيئة العليا، وأؤكد لكم أننى مستعدة لتقديم التفسير والتوضيح والشرح، إذا كانت داخل حزبنا ممارسة سياسية حقيقية، أما إذا كان الأمر مجرد أوراق وإجراءات ومستندات يتم تسديدها على الطريقة التى عهدناها من رئيس الحزب، فذلك أمر يخصه ويخصكم، وأريد أن أوضح أنه يصعب على شخصى وعقلى وتجربتى أن أتقبل ما يجرى داخل الحزب فى غرف مغلقة وبمفاجآت وإنفاق مالى مريب، فى ظل وضعى كرئيس لجنة لحقوق الإنسان تطالب بالشفافية، ليصبح أمر تمويل الحزب لغز كبير ليس لأحد الحق فى مناقشته أو محاولة تغييره بالعمل على جلب متطوعين جدد للإنفاق على الحزب، بالمخالفة للائحة الحزب التى تنص على أن كل تمويل يزيد على 250 ألف جنيه، يجب عرض أمره على المكتب السياسى، وهو الأمر الذى لم يحدث، فالمكتب السياسى لم ينعقد إلا لمرة واحدة، لم يدع رئيس الحزب لعقده بعدها».

وأكملت: «بصفتى عضوا فى الحزب كنت أنتظر أن يأتى اليوم الذى يناقش فيه مؤتمرنا العام ميزانيته بالتفاصيل ويتم إعلان مصادر تمويله وأساليب إنفاقه فى علانية أمام أصحاب الشأن – نحن كمؤتمر عام للحزب – لكن يبدو أن ذلك هو بيت القصيد، فتلك المسألة يبدو أنها ستستمر لغزا مادام أصحاب الصوت العالى يتكسبون ويتربحون ويمسكون بخناق الحقيقة لقتلها، وما تلك الزوبعة التى أثيرت على مدار الأسابيع الماضية، بتلك المسرحية الهزلية ضد الأمين العام، إلا عنوان لمسألة إقرار الميزانية التى تنص اللائحة على ضرورة اعتمادها من الأمين العام بنهاية السنة قبل عرضها على المؤتمر العام للحزب».

«إستقالات جماعية»

شهد «المصريين الأحرار» خلال الفترة الأخيرة عددا من الاستقالات الجماعية في أمانات الحزب بالمحافظات، بسبب ما ذكروه عن وجود بعض التجاوزات من قيادات الحزب وبعض الممارسات الخاطئة، حيث قدم عبدالناصر يوسف، عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، استقالته من الحزب، معلنًا استقالة أعضاء هيئة مكتب مركز أسيوط بالكامل، وتبعته أمانة مركز منفلوط التى استقالت بكامل هيئتها أيضًا، بجانب أغلب أعضاء مركزى «القوصية، البداري».

«اللهم لا شماتة»

رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، كان له تعليق وقت صدور قرار سحب الثقة من الأمين العام للحزب والدعوة لانتخاب أمين عام جديد قائلاً: «اللهم لا شماتة»، الأمر الذى يؤكد وجود صراع بين جبهتين بحزب المصريين الأحرار.

يذكر أن خلافًا وقع داخل حزب المصريين الأحرار فى نهاية ديسمبر العام الماضى، بين مجلس أمناء الحزب وساويرس من ناحية، ورئيس الحزب الحالى الدكتور عصام خليل بجانب عدد آخر من قيادات الحزب من ناحية أخري، وذلك بسبب تعديلات المؤتمر العام للحزب للائحة الداخلية للحزب ودور مجلس الأمناء بالحزب.

وانتهت تلك التعديلات بإلغاء مجلس الأمناء بالحزب بشكل نهائي، ما دعا المجلس وساويرس لعقد سلسلة من الاجتماعات والمؤتمرات اعتراضًا علي تلك القرارات، وتحريك عدد من الدعاوي القضائبة ببطلان تلك القرارات، في حين واصل خليل وعدد من قيادات الحزب خاصة من نواب البرلمان المضي في قراراتهم، الأمر الذي أدى إلى انقسام الحزب إلى جبهتين، لتنهي لجنة شئون الأحزاب الأمر بعد 6 أشهر بالموافقة علي قرارات المؤتمر العام للحزب.

«تدخل الأجهزة الأمنية»

يقول الدكتور حسن نافعة، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الأزمات المتلاحقة بالأحزاب جاءت نتيجة تدخل الأجهزة الأمنية فى عمل تلك الأحزاب على حد قولة، مشيرًا إلى أن هذا التدخل وحده لا يفسر عمق هذه الإنقسامات، لأن الأحزاب فى مصر لا تزال هشة وضعيفة والنخبة مصابة بأمراض عديدة، وذلك بسبب غياب الحياة السياسية والحزبية لفترة طويلة جدًا تمتد لحوالي 70 عام منذ ثورة 1952.

وأضاف نافعة، فى تصريح لـ«التحرير» أن الأحزاب لم يطرح أماهمها خوض أى انتخابات حرة بإستثناء فترات قليلة جدًا، لافتًا إلى أن الحياة السياسية والحزبية فى مصر تحتاج إلى دعم الدولة، وأن يكون صانع القرار فى السياسية المصرية مؤمن بالتعددية الحقيقة وراغب فى مساعدة تلك الأحزاب على النضوج وإحياء الحياة السياسية.

«قتل الأحزب وإذاحتها من الطريق»

وأشار استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن مصر تعيش حالة من التجريف والفراغ السياسي لم تشهدها من قبل، بما فى ذلك أيام زمن «السادات ومبارك»، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة يراد فيها قتل الأحزب السياسية، وإذاحتها من الطريق خاصة الأحزاب التى من الممكن أن يظهر بها أى وجوه معارضة للقيادة السياسية.

واستطرد: «مصر مقدمة على حالة من الفراغ السياسي الذى سيؤدى إلى أمور غير متوقعة، وحدوث اضطرابات سياسية بشكل كبير خلال الفترة القادمة».

 

شارك الخبر على