الإمارات وجهود إصلاح الأمم المتحدة

ما يقرب من سنتين فى الإتحاد

احتفل العالم يوم أمس، الرابع والعشرين من أكتوبر الجاري، بيوم الأمم المتحدة، الذي يصادف مرور 78 عاماً على دخول ميثاق المنظمة الدولية حيز التنفيذ، وممّا لا شك فيه أن الاحتفال بهذه المناسبة يُذكّرنا بضرورة تحقيق الأهداف الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، وفي مقدمتها السلم والأمن الدوليان، حيث لا يزال هذا الهدف بعيد المنال، وقد أقرّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالته بتلك المناسبة، بوجود انقسامات في العلاقات الدولية، وحثَّ دول العالم على نبذها وتحقيق الوحدة، قائلاً: «عالمُنا منقسم، ويمكننا بل ويجب علينا أن نكون أُمماً متحدة».ولعل الحرب الضروس الدائرة في قطاع غزة، والتي تحصد أرواح المزيد من الضحايا كل يوم، تُبرز الأهمية الحاسمة لإصلاح الأمم المتحدة التي عجزت عن إقرار تسوية سياسية تحقق السلام العادل والدائم للصراع العربي الإسرائيلي، الذي يمثل واحداً من أخطر الصراعات التي يشهدها العالم، في ظل عجز المنظمة الدولية عن تنفيذ العديد من القرارات التي اتخذتها في هذا السياق، وأبرزها قرار مجلس الأمن رقم 242، والذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل إلى خطوط الرابع من يونيو 1967، وهذا القرار هو الأساس لإقرار تسوية شاملة للصراع وتشكيل دولة فلسطينية مستقلّة، لكن إسرائيل رفضت على الدوام الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، فظل الصراع قائماً دون حل، ولم تتمكن الأمم المتحدة من إجبار إسرائيل على الانصياع لقرار مجلس الأمن في ظل اختلال موازين القوى داخل المجلس، والحاجة إلى إصلاح نظام القرار فيه.وتُعدُّ دولة الإمارات من أبرز الدول الداعية لإصلاح نظام الأمم المتحدة، وفي المقدمة منه مجلس الأمن، حتى يمكن للمنظمة الدولية القيام بدورها على النحو الأمثل، ليس فقط فيما يخصّ تحقيق الأمن والسلم الدوليين، لكن فيما يتعلق بالعديد من التحديات الأخرى التي يواجهها العالم، ومنها تلك الناجمة عن التغيّرات المناخية. وقد أكّد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، أكثر من مرة وفي مناسبات مختلفة «تأييد الإمارات العملَ الجادّ والمسؤول لإصلاح أجهزة الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والوكالات المتخصّصة والبرامج الإنمائية الأخرى». واستثمرت دولة الإمارات عضويتها الحالية في مجلس الأمن لتأكيد أهمية الإصلاح المنشود للأمم المتحدة، وعبّرت معالي السفيرة لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، في مناسبات عدة، عن أهمية هذا الموضوع، ومن ذلك تأكيدها «ضرورة إصلاح مجلس الأمن الذي يُعدّ مسألة أساسية، وحسّاسة في الوقت نفسه، لأنه يمسّ المصالح الأمنية الأساسية للدول الأعضاء». ويدور إصلاح مجلس الأمن حول الضرورة الحاسمة لحل معضلة حق «الفيتو»، والذي يُصنّفه بعضهم على أنه أكثر الأدوات القانونية غير الديمقراطية في الأمم المتحدة، في ظل منع الأعضاء الدائمين أكثر من 200 مشروع قرار، كان آخرها في 18 أكتوبر الماضي بعدما قدّمت البرازيل مشروع قرار يتعلق بالتطورات في غزة أيّده 12 عضواً من بينهم الإمارات، يدعو إلى وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن لسكان غزة، لكن الولايات المتحدة عارضته، واستخدمت حق «الفيتو» لإيقافه.وتهدف دولة الإمارات، من خلال رؤيتها وجهودها لإصلاح الأمم المتحدة، إلى تمكين المنظمة الدولية من القيام بدورها المنشود في التأسيس لعالم يسوده الأمن والاستقرار، ويكون قادراً على حشد الجهود الدولية لمواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها العالم، ولا يمكن التصدّي لها إلا من خلال تكتيل الجهود. 
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

شارك الخبر على