3 ملفات ساخنة أمام السلطة التشريعية
almost 2 years in البلاد
مع بدء دور الانعقاد للمجلس الوطني، تبرز 3 ملفات ساخنة يتوجب على أعضاء المجلس أن يتبنوا موقفًا جادًا عبر دراسة شاملة لهذه القضايا، ووضع حلول عملية، وواقعية تعالج تلك التحديات بفاعلية؛ بحيث يرى المواطنون ثمار جهودهم في معالجة تلك القضايا الشائكة؛ فتفاعل المجلس الوطني مع هذه الملفات يعكس التزامه بخدمة الوطن، وتحقيق المصلحة العامة، وهذه الملفات هي: ديمومة الصناديق التقاعدية، وملف البطالة، والدين العام.
وسنتناول كل ملف على حدة مبتدئين بمناقشة ملف ديمومة الصناديق التقاعدية الذي يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الدولة؛ حيث تلعب الصناديق التقاعدية دورًا حيويًا في تأمين الاستقرار المالي للمواطنين بعد التقاعد، وأي خلل يصيب هذه الصناديق يهدد استقرار الدولة إن لم يتم معالجته على الفور؛ فهي تُشكل تهديدًا محتملاً قد يحدث أزمة اقتصادية، واجتماعية خانقة، إذا ما انهارت، فستواجه الدولة تحديات كبيرة في توفير احتياجات المتقاعدين ماليًا، الأمر الذي يزيد العجز في ميزانيتها، ويهدد استقرارها؛ لذا يجب التعامل مع ديمومة الصناديق التقاعدية بحزم، وجدية، نظرًا لأهميتها الكبرى في النظام الاجتماعي، والاقتصادي للدولة.
وعلى رغم أهمية الصناديق التقاعدية وحاجة المتقاعدين إليها، إلا أن المشكلة الكبرى تكمن ليس في المزايا الممنوحة للمتقاعدين، أو في الزيادة السنوية، بل في ضعف إدارتها، وفشلها في اتخاذ قرارات استثمارية رشيدة؛ فإداراتها غير فعالة، وغير قادرة على الرقابة، ما يؤدي إلى تبديد الموارد، وانخفاض العوائد، كما أنها تفتقر إلى مبادئ الحوكمة السليمة، وهذا يؤثر سلبًا على استدامتها المالية؛ لذا من الضروري تحسين إدارة الأصول، وتعزيز الرقابة، والشفافية في عمليات الاستثمار، وتطوير الكوادر الإدارية، والاستثمارية لضمان استمرارية هذه الصناديق.
إن إصلاح الصناديق التقاعدية يُعَدّ عمليةً معقدةً، وشاملةً، ولكن لها تأثير إيجابي كبير على الدولة والمواطنين؛ فالإصلاح الفعّال يتطلب جهودًا حثيثة، ومدروسة، وليس مجرد حلولٍ مؤقتة؛ فيجب البدء أولًا بتحسين الجهاز الإداري، والاستثماري عبر اختيار أشخاص ذوي كفاءة عالية قادرين على إدارة الأصول التقاعدية بفعالية وشفافية، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضًا تعديل القوانين ذات الصلة، مثل تعديل المادة الرابعة من قانون رقم (3) لسنة 2008م المتعلق بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، لضمان أن يكون مجلس الإدارة مؤلفًا من أعضاء ذوي خبرة في إدارة الأصول المالية، وبالإضافة إلى ذلك، من المهم تعزيز آليات الرقابة، والمتابعة للالتزام بأفضل المعايير في إدارة أموال الصناديق التقاعدية، ووضع آليات فعّالة لمراقبة أدائها، وتقييم استدامتها.
في الختام، ينبغي على السلطة التشريعية أن تتخذ إجراءات جادة لمعالجة ملف ديمومة الصناديق التقاعدية؛ فإصلاح هذه الصناديق يُعَد أمرًا ضروريًا لضمان استقرار النظام الاجتماعي، والاقتصادي في الدولة، ولذا، يجب أن يتم التعامل مع هذا الملف بأقصى درجات الجدية، والاهتمام لتحقيق التقدم، والاستقرار في الصناديق التقاعدية، يتوجب على الحكومة، والسلطة التشريعية تكثيف التعاون، وتوجيه الجهود المشتركة.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي وضع رؤية استراتيجية شاملة لإصلاح الصناديق التقاعدية، وضمان استدامتها على المدى البعيد، حتى يمكن للمواطنين الاعتماد عليها في حياتهم المستقبلية، وتحقيق الأمان المالي بعد التقاعد.
محمود أحمد الشيخ علي الأنصاري