مصر جميلة.. وبعدين؟

ما يقرب من ٨ سنوات فى مدى مصر


أحمد خير الدين

قرر مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي برئاسة شريف إسماعيل منذ ثلاثة أيام زيادة الحملات المخصصة للدعاية الخارجية للسياحة، وتصحيح الصورة الذهنية عن مصر ونقل صورة صحيحة للدول المستهدفة.قبلها بيوم واحد فقط خرج التقرير الشهري لجهاز التعبئة العامة والإحصاء ليشير إلى انخفاض بنسبة 51.7 % في أعداد السائحين خلال شهر مايو، وهو مؤشر على فشل هذا النوع من الحملات التي بدأتها الحكومة قبل سنة، وأصرت فيها على تكرار نفس الاستراتيجية، التي كلَّفتها بحسب جريدة الحياة اللندنية ستة ملايين دولار، دون تقييم لجدواها.يشير التقرير إلى أن النسب الأكبر من تراجع السائحين تعود إلى دول روسيا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا، ويبدو من القراءة الأولى أن الأسباب متعلقة في البلد الأول بواقعة الطائرة الروسية التي سقطت في شرم الشيخ، وفي الحالة الثانية بسبب حظر السفر الذي فرضته بريطانيا في أعقاب ذات الواقعة، والثالثة بسبب تعليقات سلطات الأمن الألمانية وتحفظها على إجراءات الأمن في مطارات القاهرة، والتي استمر تجاهل الدولة لها وكتب عنها أحد المختصين في السياحة على صفحات جريدة أخبار اليوم، مطالبًا الدولة بالاستجابة لطلبات الألمان المتكررة وعدم تجاهل ملاحظاتهم والمهلة الزمنية التي منحوها لكم حتى لا تكون نهاية القطاع السياحي، أما الحالة الرابعة فكانت جزءًا من رد الفعل الإيطالي على جريمة قتل الباحث جوليو ريجيني.لم تُجدِ الإعلانات، بطريقتها الملحَّة على أن "مصر جميلة" و"هذه مصر"، في تغيير صورة ذهنية تترسخ كل لحظة بسبب ممارسات أمنية أو فشل اقتصادي أو عجز عن تطوير أدوات الاستفادة من مورد السياحة أو التراث الحضاري أو الطبيعة. مصر جميلة في الحملة الدعائية ، مثلها مثل اللافتات التي ارتفعت في ميدان تايم سكوير عن مصر. ربما تصلح عنوانًا لبطاقة بريدية في سبعينيات القرن الماضي، لا محور حملة لاستعادة قطاع حيوي بعد أزمة كارثية في عام 2016.ما الجدوى من المخصصات الإعلانية في الحملات المخصصة للعرض المحلي على الفضائيات المصرية؟ هل يحتاج المشاهد المصري، في هذا التوقيت، لمعرفة أن "هذه مصر"، أم أن الأولى أن تُوجَّه أموال هذه الإعلانات إلى حملات منظمة بشكل احترافي في مواقع إلكترونية وقنوات تلفزيونية عالمية، بدلًا من مرة وحيدة تظهر فيها جوانب من الدعاية وتُلتقط لها الصور بأخطائها الكارثية في الترجمة؟في بيان مجلس الوزراء دعا شريف إسماعيل وزراءه إلى الاهتمام في الخطاب الإعلاني بالمناطق الأثرية والسفاري. هل يعرف من يقول هذا حال المناطق الأثرية في مصر؟ هل زار مؤخرًا أهمها، وهو الأهرام، ورأى بعينه ما يفعله البائعون بالزائرين هناك؟ هل لاحظ أحد اقتصار البرامج السياحية على نفس المزارات دون تطويرها لتشمل مناطق جديدة؟ وهل تساءل أحد متى نضم تراث البلاد القبطي والإسلامي إلى نظيرهما الفرعوني، بدلًا من إهمال الثلاثة والاكتفاء بالأهرام وأبو الهول؟ وهل يعرف أحد، وما حادث المكسيكيين ببعيد، المخاطر والمحظورات التي يواجهها من يفكر في رحلات السفاري في الوقت الحالي؟السياحة الداخلية ليست في حاجة إلى تشجيع، وإنما تحتاج أكثر إلى رفق بالمواطن المصري وميزانيته لكي يستطيع أن يقضي وقتًا في أرضه، وتحتاج إلى إعادة النظر في أسعار رحلات الطيران إلى مدن الأقصر وأسوان والغردقة والجونة وشرم الشيخ، بدلًا من تحولها إلى خيار أغلى من الخروج إلى بيروت وقبرص وإسطنبول.في مارس من العام الماضي انتهت عمليات ترميم قصر الأمير محمد علي في منطقة قصر العيني، ومع افتتاحه تحول المكان إلى بقعة جاذبة للزوار المصريين، الذين أضافوه إلى حديقة الحيوان القريبة، كبرنامج متكامل من الترفيه، خصوصًا وأن التذكرة كانت في بداية الافتتاح رخيصة وفي متناول الميزانيات المحدودة. لكن منذ ثلاثة شهور قرر القائمون على الأمر رفع سعر التذكرة إلى عشرين جنيهًا للفرد بدون تصوير، أما إن فكر في التصوير بكاميرا هاتفه فعليه دفع خمسين جنيهًا، وعلى الأجنبي دفع مائة جنيهًا. هذا بالإضافة إلى إغلاق حديقة القصر وأحد الطوابق في سراي الإقامة.بعد شهور من الإقبال الكثيف والسعادة البادية من كتابات الأطفال والشباب والأهالي عقب زيارة المكان، لم أجد سوى شاب وفتاتين يتجولون مستائين من الأمر، وموظف يمشي خلفهم، لا ليخبرهم بتاريخ المكان وغرفه، ولكن ليتأكد من حصولهم على تذكرة تصوير وإلا حرر لهم محضرًا.لا السياحة الداخلية أولوية، ولا عوائدها تغني عن العملة الأجنبية، ولا الدولة نفسها اهتمت بها، بل استخدمتها كمسكِّن للعاملين في قطاع السياحة تعويضًا لهم عما أصابهم من أزمة تعددت أسبابها، أما السياحة الأجنبية فلن تستعيد عافيتها دون إجراءات حقيقية تعيد النظر في مسببات تراجعها على المدى القصير، لتعالج فقدان الثقة في إجراءات الأمن بشكل فعال وبعيد عن بيانات متحدث وزارة الخارجية أو زيارات رئيس مجلس النواب، وبخطة طويلة المدى تراجع أسعار المزارات ومستوى الفنادق وشبكة المواصلات الداخلية والطرق، وتضيف برامج سياحية جديدة تتجاوز ما يختصر السياحة في مزارين وشاطئ وحيد.السياحةقصر اﻷمير محمد علياﻷهرام

شارك الخبر على