قطاع الفضاء وتعزيز عملية التنمية المستدامة
ما يقرب من سنتين فى الإتحاد
يمثل «أسبوع الفضاء العالمي 2023» الذي يصادف الفترة من 4 إلى 10 أكتوبر الحالي، والذي يركز في نسخته الحالية على الفضاء وريادة الأعمال، فرصة مناسبة للحديث عن قطاع الفضاء في دولة الإمارات الذي يشهد تحولات وقفزات نوعية ويقطع أشواطاً كبيرة في سنوات قليلة، فبعد نجاح أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، خاضها رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، تُواصل الدولة العمل على إنجاز المزيد من المهمات الفضائية التي تحقق تطلعاتها في الاستكشافات العلمية.
وفي الواقع، فإن اكتشاف الفضاء وكواكبه ومجرّاته هو حُلم إماراتي تزامن مع تأسيس دولة الاتحاد على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتسعى دولة الإمارات من خلال هذا الحلم، وما حققته من إنجازات مهمة في قطاع الفضاء، إلى إعادة إحياء تاريخ الأجداد العرب حين كانوا يقودون إسهامات الحضارة البشرية في مجالات علوم الفلك المختلفة. وتُولي القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اهتماماً كبيراً بالاستثمار في الفضاء وتأهيل الكوادر الوطنية ومواكبة الثورة العلمية والتقنية لدعم طموحاتها الكبيرة في هذا المجال، ويتأسس هذا الاهتمام على إدراك عميق بأهمية قطاع الفضاء في دعم عملية التنمية المستدامة، من خلال بناء قطاع فضائي إماراتي قوي ومستدام، يحمي المصالح الوطنية والقطاعات الحيوية، ويسهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية النوعية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية، ويوطّد ثقافة الابتكار، ويرسخ دور دولة الإمارات ومكانتها إقليميّاً وعالميّاً.
وممّا لا شك فيه أن قطاع الفضاء في دولة الإمارات قد عزّز مكانته البارزة من خلال دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز جاذبية الدولة للاستثمار، فقد نجحت الإمارات في بناء قطاع فضائي رائد يضم قرابة 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية، وخمسة مراكز بحثية لعلوم الفضاء، وثلاثة برامج جامعية في العلوم الفضائية لتخريج الكوادر الوطنية المؤهلة.
وفي إطار جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم الاستثمار في قطاع الفضاء، أطلقت الدولة العديد من المبادرات الحيوية، وهنا يمكن الإشارة على نحو خاص، إلى تأسيس صندوق استراتيجي متخصص لدعم قطاع الفضاء وتنميته في يوليو 2022، وهدف هذا الصندوق، الذي تبلغ قيمته 3 مليارات درهم، هو دعم تأسيس شركات وطنية في قطاع الفضاء، ودعم المشاريع الاستراتيجية الوطنية والبحثية الجديدة، وتطوير قدرات الكوادر المواطنة في مجال تكنولوجيا الفضاء.
وتعكس الإحصائيات الرسمية هذه الجهود وما تعطيه الدولة من اهتمام خاص لدعم قطاع الفضاء في الدولة، حيث ارتفع إجمالي الإنفاق في قطاع الفضاء الوطني في 2021 بنسبة 6.61% مقارنة بالعام السابق، وفي الشهر الماضي، أعلنت شركة «الياه سات» عن حصولها على عقد قيمته 18.7 مليار درهم من الحكومة لتوفير خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، تتولى بموجبه توفير سعة فضائية على الأقمار الصناعية والخدمات المُدارة على مدى 17 عاماً.
وتراهن دولة الإمارات بشكل كبير على قطاع الفضاء كركيزة أساسية لتعزيز عملية التنمية المستدامة، وقد حققت الكثير من الإنجازات الحيوية في هذا السياق التي ستعزز قوة اقتصادنا الوطني، وهي في الوقت نفسه تُكسب نموذجنا التنموي المزيد من الجاذبية والتميز.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.