وسط كارثة درنة.. قصص بطولية لسلاسل بشرية من الجنود

٧ أشهر فى البلاد

الساعة الثانية بعد منتصف ليل 11 سبتمبر في درنة شرقي ليبيا.. الأمطار تهطل بغزارة والسيول تحاصر مجموعة من جنود "اللواء 166" داخل ميناء المدينة، وبطريقة ما وصلت إليهم سيارة إطفاء على متنها رجال من هيئة السلامة الوطنية دعوا الجنود للمغادرة معهم، لكنهم تمسكوا بالبقاء في مواقعهم.

قبل ذلك بساعات، بدأت قوات اللواء في معاونة الهلال الأحمر الليبي في درنة خلال توجيه رسائل لتنبيه السكان قبيل العاصفة الكارثية، وفتح مقره لإيواء من لا يملكون مسكنا.

أخذت الأمطار تهطل بغزارة طيلة الساعات اللاحقة، وارتفع منسوب المياه بشكل كبير ليبدأ اللواء في استقبال استغاثات كثيرة من داخل المدينة، ورغم كل الصعوبات توجه أفراده إلى الأماكن المتضررة لمعاونة بقية أجهزة المدينة في نجدة العالقين.

ولم يترك الجنود لحظة، بحسب أحد ضباط سرية المهام الخاصة باللواء الذي فضل عدم ذكر اسمه، وأصيب بكسر في ذراعه خلال مهمته بالمدينة المنكوبة، التي فقدت الآلاف من سكانها خلال فيضانات قاتلة.

وبدأ أفراد اللواء بالتحرك وسط المياه التي غمرت مناطق بأكملها، وحين تعطلت مركباتهم اضطروا إلى تنفيذ عمليات إنقاذ راجلين في أصعب الظروف، وذلك عبر "تشكيل سلاسل بشرية" من عدة أشخاص حتى الوصول إلى الشخص أو العائلات العالقة، سواء في منزل أو داخل سيارة، وفق مصادرنا.

اجتياح السيول

مع انهيار سد "أبو منصور" الذي يحمي درنة، اندفعت المياه كسيل عارم لتقطع في دقائق مسافة 13 كيلومترا التي تفصل بين السد والمدينة، وفي هذا الوقت كان رجال اللواء منتشرين في مقرهم بمنطقة شيحة وأماكن أخرى استجابة للاستغاثات.

المياه غمرت العديد من السيارات العسكرية، ورغم ذلك أصر أفراد اللواء على البقاء في مواقعهم، بحسب شهادة فتحي أمغيب الكريمي‏، أحد أفراد هيئة السلامة الوطنية في درنة.

ويضيف الكريمي أن الجنود توجهوا إلى منطقة الميناء بعد رصد زملاء لهم هناك من أجل إخراجهم، إلا أن الأخيرين تمسكوا بالبقاء في مواقعهم وتأدية عملهم، وأخبروهم أنهم سيعتلوا سطح البناية في حال ارتفع منسوب المياه أكثر من ذلك.

وفيات بين الجنود

وأودت السيول بحياة 96 فردا من رجال الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى في درنة ومناطق أخرى من الجبل الأخضر خلال مشاركتهم في أعمال الإغاثة والإنقاذ، حسبما أعلنه الناطق باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري.

وبعد هدوء العاصفة شاركت مجموعة اللواء في أعمال الإنقاذ وانتشال الجثامين التي جرت في المدينة، حتى وصول عدة تشكيلات عسكرية أخرى لمعاونتهم في المهمة الضخمة.

"سنظل بجانب المدينة"

وخلال الاجتماع الصباحي الأول لأفراد اللواء الموجودين في درنة بعد الكارثة، وجه آمر اللواء 166 المقدم محمد راف الله الشكر لهم على مجهوداتهم.

وقال راف الله: "أهلنا في مدينة درنة. جنودكم من اللواء 166 سيكونون دائما في حمايتكم وإلى جانبكم حتى تعود مدينتكم في أبهى صورة".

ثم وجه حديثه لأفراد اللواء: "حياكم الله أبطال اللواء. كنتم صورة مشرفة أمام أهالينا في درنة على ما قدمتموه من تضحيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على