القادة الدينيون ومكافحة التغيرات المناخية
ما يقرب من سنتين فى الإتحاد
تشتد الحاجة إلى تكامل الجهود لمواجهة التداعيات السلبية لظاهرة التغير المناخي في ظل الارتفاع المستمر لما تسببه هذه الظاهرة من خسائر اقتصادية وبشرية هائلة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن تغيرات المناخ كلَّفت دولَ العالم 268 مليار دولار في عام 2020، و329 مليار دولار أخرى في عام 2021 وأن التكلفة الكلية للأضرار الناجمة عن كوارث الطقس العشر الأكثر تأثيراً في عام 2022 قد تجاوزت 168 مليار دولار، وتتحمل الدول الأفريقية ما يقارب 5% من ناتجها المحلي الإجمالي، لتمويل جهود التكيف المناخي، وتؤكد التقارير أن إجمالي تكلفة التكيف مع التغيرات المناخية في أفريقيا بحلول عام 2030 قد تتجاوز 300 مليار دولار سنويًا.
ومما لا شك فيه أن القادة الدينيين يستطيعون القيام بدور حيوي وملهم في مكافحة التداعيات السلبية للتغيرات المناخية، لما لهم من تأثير كبير بحكم مكانتهم الرمزية في كل المجتمعات، إذ تؤكد المعطيات التاريخية أن رجال الدين قد قاموا بدور كبير في تشكيل الوعي العام في مجتمعاتهم، وتتيح الثورة الهائلة التي يشهدها العالم في مجال الاتصال وتكنولوجيا المعلومات المزيد من القنوات المؤثرة لرجال الدين لتوصيل رسائلهم التوعوية للجمهور.
ومن هذا المنطلق، تحظى القمة العالمية التي تستضيفها أبوظبي على مدار يومي 6 و7 نوفمبر المقبل، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ويحضرها عدد كبير من أبرز القادة والرموز الدينيين من جميع أنحاء العالم بأهمية كبيرة لتأكيدها على الدور المهم للأديان في معالجة تغير المناخ، كما أنها تجسد حرص سموه على دعم دور الأديان في مواجهة التحديات العالمية والضرورة الحاسمة لحشد جهود كل قطاعات المجتمع في مواجهة واحد من أخطر هذه التحديات، وهو التغير المناخي.
ويأتي انعقاد هذه القمة التي ينظمها مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة «كوب 28» وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والكنيسة الكاثوليكية، في توقيت حيوي للغاية، حيث ستسبق انطلاق المؤتمر الذي تستضيفه دولة الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين، والذي سيكون أول مؤتمر يستضيف جناحًا مخصصًا لمشاركة قادة الأديان ورموزها والمؤسسات الدينية، حيث يشارك مجلس حكماء المسلمين وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتعاون مع رئاسة المؤتمر في التأكيد على أهمية البعد الديني في مواجهة تحديات التغير المناخي.
ولعل ما سيثري هذه القمة ويعزز الرهان عليها، المشاركة الواسعة فيها من قبل القادة والرموز الدينيين الذين يمثلون الديانات الكبرى في العالم والأكاديميون وخبراء البيئة، وذلك بهدف مناقشة المسؤوليات الأخلاقية للزعماء الدينيين في معالجة أزمة المناخ، ومناقشة استراتيجيات تعزيز دورهم للمساهمة في تحقيق العدالة المناخية.
إن دولة الإمارات التي لا تدخر جهدًا لتعزيز فرص نجاح مؤتمر «كوب 28» تدرك أن ثمة حاجة ماسة لتعاون شامل لمواجهة التحديات المناخية، وأن المؤتمر يمثل فرصة كبيرة لتحقيق هذا الهدف، على نحو يقود إلى اتفاق جميع الأطراف على خريطة طريق واضحة لتسريع الجهود الدولية لمواجهة فاعلة لهذه التحديات.
*عن نشرة«أخبار الساعة»الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.