بسبب نشاز الأصوات.. «الأذان الموحد» مطالب برلمانية و«الأوقاف» صاحبة الكلمة

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

منذ سنوات يطالب العديد من المسئولين وزارة الأوقاف بتوحيد الأذان، إلا أن وزارة الأوقاف دائمًا ما كانت تقابل تلك المطالب والدعوات بالتجاهل، لتعود الفكرة منذ أيام بمطالب النائب أكمل قرطام رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، الذي طالب وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، بضرورة العمل على تنفيذ فكرة الأذان الموحد قائلا: "هذه الفكرة حضارية وإيجابية  فالفكرة جيدة ورائعة، ونرجو تطبيقها، ولا نعلم سبب التعطيل".

وأمام حديث قرطام لوزير الأوقاف بالجلسة العامة لمجلس النواب، حول الأذان الموحد، تستعرض "التحرير" أهمية الفكرة وأسباب عدم تفعيلها من قبل وزارة الأوقاف، وماذا عن موقف الشرع من ذلك، وهل ستحد الفكرة من انتشار نشاز الأصوات للمؤذنين؟

محاربة نشاز الأصوات

"توحيد الأذان" فكرة تستهدف الحد من نشاز أصوات بعض المؤذنين والصبية الصغار يقومون به، الأمر الذى يسبب نفور بعض المصلين، وكذلك الحد من انطلاق أصوات المؤذنين في فترات متباعدة وليس في توقيت واحد، الأمر الذى يعتبره البعض إزعاجًا خاصة للمرضى من كبار السن وللأطفال.

وبموجب تفعيل الفكرة، يُستثنى الحفاظ على قدسية وروحانية الأذان، وذلك ببث الأذان عبر شبكات الإرسال والبث المباشر لإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة الأذان بالمساجد من خلال ميكروفون المسجد، بصوت أحد كبار مشاهير المؤذنين، مثل الشيخ محمد رفعت أو غيره من مشاهير القراء.

مبادرة زقزوق

أعلن الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف، والذى اختير وزيرًا للأوقاف من 3 يناير عام 1996 حتى يناير 2011، فى تصريح سابق له خلال ترأسه للوزارة، أنه سيتم  تطبيق نظام توحيد الأذان في 3500 مسجد بالقاهرة، وأنه سيتم تعميم هذه التجربة بعد ثبوت نجاحها بجميع مساجد المحافظات الأخرى إذا طلبت هذه المحافظات تطبيق نظام توحيد الأذان، مؤكدًا وقتها أن مجمع البحوث الإسلامية والإفتاء موافقين على نظام توحيد الأذان.

ودخلت الوزارة وقتها في حرب شرسة مع رافضي المشروع، الأمر الذى جعل الفكرة حبيسة الأدراج، إلى أن وعد الدكتور مختار جمعة فى العام الماضى بتفعيل المنظومة، حيث قال اللواء عمرو شكرى رئيس قطاع مكتب وزير اﻷوقاف، فى تصريحات له، إن الوزارة حريصة على تقديم خدمة جيدة للمواطنين وعلى رأسها منظومة عمل الأذان الموحد لضبط العمل بالمساجد.

130 ألف مؤذن

ويعد السبب الرئيسي في فشل جميع المبادرات والمطالبات لفكرة تفعيل وتعميم الأذان الموحد، عبر السنوات الماضية، يرجع إلى الرفض القاطع لجموع المؤذنين على مستوى الجمهورية، والبالغ عددهم 130 ألف مؤذن، وذلك لتخوفهم الشديد من استغناء الوزارة عنهم.

ويعد مؤذن المسجد من أشد المعارضين للفكرة، خاصة أن عدد مساجد الأوقاف على مستوى الجمهورية، بلغ قرابة 130 ألف مسجد، وفقا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن الوزارة، خلال الأيام الماضية، الأمر الذى يجعل من صوت مؤذن المسجد مسموعًا.

بدعة

وفي هذا يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن فكرة الأذان الموحد، وجدت فى أروقة وزارة الأوقاف بعهد الدكتور حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، مؤكدًا أنه سبق وأن سجل اعتراضه الشديد وذلك خلال مناظرة جمعته مع الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق والمؤيد للفكرة.

وأضاف كريمة للتحرير، أن فكرة الأذان الموحد مخالفة لمقاصد الشرع، وذلك لعدة اعتبارات شرعية، خاصة أن الأذان المعترف به شرعا لا بد أن يصدر من بني آدم حي، مشددًا على أن الشرع أناط للسان الحي قراءة القرآن والأذكار والصلاة وغيرها من طقوس الشعائر الدينية.

وتابع: "إن التسجيل عبر وسائل البث الإلكترونية، سواء فى الإمامة أو خطبة الجمعة، باطلة شرعا فلا يليق ولا يصح أن يؤم المصلين مسجل صوتي أو يخطب بالناس تسجيلا لخطبة الجمعة، وبالتالي لا يصح أن يكون مصدر الأذان تسجيلا حتى ولو كان لمشاهير القراء.

وأضاف كريمة أن القاهرة الكبرى على سبيل المثال، استقر الوضع على تحديد مواقيت الصلاة لدى الجهات المختصة  باختيار ميدان العتبة كوسط للقاهرة، واختيار أقصى الشرق منطقة المقطم، وأقصى الغرب الجيزة والشمال شبرا البلد، وحلون فى الجنوب، أما مع اتساع القاهرة وظهور مدن جديدة كالقاهرة الجديدة وأكتوبر والشيخ زايد، فإن تطبيق الأذان الموحد سيفسد بعض الأمور مثل الصوم، فهناك مناطق ستُفطر قبل غروب الشمس، فى حين أن الأساس هو الإفطار عند الغروب والصيام عند الشروق، لكن مع تعميم وتوحيد الأذان سيفطر الصائم لمجرد سماع الأذان وقد يكون الغروب لم يحل.

اجتهاد طيب

ورحب الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، واصفا طرح هذا المشروع بـ«اجتهاد طيب» للقضاء على التلوث السمعي الذي يسببه بعض المؤذنين من أصحاب الأصوات السيئة، مؤكدًا أن مسألة توحيد الأذان «عملية تنظيمية في الأصل، وتتفق مع المقاصد والأحكام الشرعية ومقبولة لإعلاء كلمة الله والحفاظ على وقت قضاء الصلاة المفروضة».

وأوضح مفتى الجمهورية السابق فى تصريحات سابقة له أن المقصود بالأذان هو الإعلام والإخبار بموعد دخول الصلاة وهذا يتحقق بأية وسيلة، فما درج عليه علماء السلف والخلف حتى عصرنا هذا يكون مؤديًا للغرض، ولكن أصبح هناك نوع من عدم التنظيم وتضارب أصوات المؤذنين، والأصل في العبادة هو التنظيم.

مباح شرعا 

من جانبه أكد الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق أن الشرع الحنيف ومقاصد الشريعة لا تمنع فكرة الأذان الموحد، مشددًا على أن توحيد الأذان أمر معمول به لدى كثير من البلدان العربية والإسلامية.

وأضاف وكيل الأزهر السابق أن الأذان الموحد أفضل بكثير مما آلت إليه الأمور فى الوقت الراهن خاصة فى المناطق المزدحمة والشعبية، والتي يكثر فيها الأذان بل البعض يؤذن فى وقت واحد وبالتالى الجمهور يفتقد إلى حلاوة وروحانيات الأذان وذلك لتداخل الأصوات.

وأوضح عاشور، أن الأذان الموحد سيجعل الناس تستمع إلى صوت طيب يشجع الناس إلى الصلاة، وهذا هو الغرض الأساسي من الأذان تنبيه الناس بمواقيت الصلاة والحث على أداء الفريضة، الأمر الذى يتحقق مع الأذان الموحد أكثر من الآن.

شارك الخبر على