«كش.. ملك»!
حوالي سنتان فى الإتحاد
هل سيأتي زمن يضطر فيه الرجل لأن يعتذر عن رجولته بأثر رجعي؟ ويأتي وقت يسمى فيه الناس الأسوياء -لأنهم غدوا قلة في المجتمعات- بالشواذ؟ أتذكر في سنة من السنوات أنه ظهرت المطالبات في ألمانيا بسن قانون يمنع الختان على الأولاد، فخرجت حشود الجاليات المختلفة متظاهرين ضد تلك المطالبات؛ مسلمون ويهود وبعض الأقليات التي تستوطن في المجتمع الألماني، بمن فيهم بعض الطوائف المسيحية، مما أجبر الحكومة الألمانية على التراجع وإلغاء ذلك التشريع، وبالأمس خرجت حشود من اليهود والمسلمين في بريطانيا لمنع تلك التشريعات والتسريبات الإعلامية التي تدعو لذلك المصطلح المخفف «المثلية» في محاولة لوجود قبول له في المجتمعات، وتسريبه لنفوس الأجيال الصغيرة من خلال المدارس والإعلام ومؤسسات المجتمع، ومنع هوس التشجيع على إلغاء التمييز الجنسي، واليوم حتى في المجتمعات الأوروبية والأميركية المتسامحة مع تلك القضية، تجد أصواتاً مجاهرة ضد ذلك العبث في الجنسانية لمفكرين وباحثين اجتماعيين وعلماء نفس وكتّاب.. في فرنسا ظهر كتاب «الرجولة في خطر» للطبيب الفرنسي أنتوني كلير، أما الكاتبة الفرنسية، لاتيتا بونا، فقد عنونت كتابها بذلك السؤال الجارح: «هل عفا الزمن على الرجال»؟ وفي إيطاليا وإسبانيا المتدينتين تقليدياً فإن الأصوات المناهضة أعلى ضجيجاً وتأثيراً، وكذلك دعوتها للمحافظة على نظام الأسرة في المجتمعات، أما المجتمعات الشرقية أو المحافظة فهي تعد مثل هذه الأفكار الغربية إنما هي دعوات الهدف منها الحط من ثقافات المجتمعات، وتصدير ثقافة غربية مهجنة لا تصلح للصين واليابان وروسيا والهند مثلاً والعالم الإسلامي.في الصين، كرد فعل قائم على دراسات ميدانية واستقصاء، تبين لهم أن الأجيال الجديدة من الشعب الصيني تخلت عن خشونتها، وما تفرضه الرجولة وتربيتها شبه القاسية، واتجهت نحو «التأنيث»، الأمر الذي يُعد تراجعاً عن خط الثورة ومبادئها، فالتفتت الصين إلى وزارة التربية التعليم، لأنها تعدها الأساس الذي يمكن أن تنطلق منه للحفاظ على نمط الثقافة والتربية الصينية التي تناسب المجتمع الصيني الذي هو بالتأكيد على خلاف مع المجتمع الغربي، فزادت من نسبة المعلمين على حساب المعلمات في مدارس الأولاد مع الحفاظ على نظام التجنيد الإجباري، وإدخال مادة جديدة على المنهاج الدراسي، تسمى مادة «الرجولة»، تهدف لدعم خطط تنمية الرجولة في المراحل الدراسية من رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية، منعاً لحدوث ذلك التغيير الإنثروبولوجي، وتماهي الفروق الجنسانية الذي تدعو له المجتمعات الغربية.اليوم.. على المجتمعات المختلفة أن تدافع عن نفسها بنفسها، وتكافح عن نظامها الاجتماعي الطبيعي أمام ذلك الجريان الذي يتسلل لها بقوة ناعمة، ومع الوقت ستصبح قوة لا يمكن مقاومتها، وهناك ثلاثة بيادق على الأقل من الجنود الذين سيتساقطون بلا شك، علينا المحافظة عليهم حتى نهاية تلك اللعبة الشطرنجية؛ التعليم بوضوح الأهداف والرؤية واستدامة المستهدفين للمستقبل، اللغة رمز الهوية والثقافة والأصالة والإرث، والإعلام صاداً مانعاً، وشريكاً لتوصيل الرسالة بأمانة وشفافية ومهنية، علينا أن نحافظ على سلامة تلك البيادق في ذلك الصراع الشطرنجي الذي لا نريد أن نسمع فيه تلك المقولة في نهاية اللعبة لرمز الفحولة والرجولة والشجاعة «كش ملك»!