رداء الأمانة وبياض الضمير

almost 8 years in الشبيبة

محمود سعيد العوفي الوظيفة أمانة في أعناق كل الموظفين والعاملين، ومسؤولية يجب تحملها بكل إقتدار دون الإخلال بها أو الإساءة إليها، وبالتالي يجب على الموظف أن يرتدي رداء الأمانة والنزاهة والإخلاص، ويزين ذلك الرداء بياض الضمير الحي، وبلا شك فلكل وظيفة يقابلها راتباً شهرياً والذي يعد مصدر رزق للموظف ولمن يعولهم، لذا ينبغي عليه تحري الحلال في المأكل والمشرب والمسكن فعندما يقّصر في عمله أو يرتشي أو يختلس فإنه بذلك يدخل الحرام إلى بيته وأولاده، فهل يرضى الحرام عليهم؟.فإذا كان لا يرضى ذلك فعليه القيام بعمله بكل أمانة ونزاهة وإخلاص، فالموظف الأمين والنزيه والمحافظ على عمله إنما هو يخدم نفسه في المقام الأول لأنه يتمسك بشرف المهنة، ونجد المخلصين لا يفرقون بين العمل الصغير والكبير، لأن الصغير مع وجود الإخلاص يصبح كبيراً وعظيماً عظمة الجبال، أما إذا كان العمل كبيراً وفقد في ذات الوقت الإخلاص سيكون صغيراً محتقراً لا تكاد تراه العين كالهباء المنثور، وقال الله تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) «الفرقان: 23».وعليه، يجب على كل موظف وعامل أن يشغل الوقت المخصص للعمل في الوظيفة التي يشغلها سواء كانت مؤسسة حكومية أو في شركات القطاع الخاص، فلا يشتغل في أمور أخرى غير العمل الذي يجب أداؤه بتفاني، لأن وقت العمل ليس ملكاً للموظف والعامل، بل لصالح العمل الذي أُخذ الأجر في مقابله، وكما أن الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملاً ولا يحب أن يبخس منه ريالاً واحداً، فعليه أن لا يبخس شيئاً من وقت العمل، وقد ذم الله المطففين في المكاييل والموازين الذين يستوفون حقوقهم ويبخسون حقوق غيرهم، فقال: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون َوَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) «المطففين: 1 – 6».فالموظف المخلص في عمله لا يرضى في إضاعة وقت العمل فيما لا يفيد، ولا يفرق معه أن يكون مديره متواجداً من عدمه، وهل يراه زملاؤه في العمل أم لا، بل سيظل يعمل بجد وإخلاص في كل الحالات، ومن هنا تأتي أهمية الإخلاص في العمل والتفاني فيه، وبالتالي عندما يمتلك العامل تلك الصفات النبيلة ستزداد بلا شك إنتاجيته وترتفع نسبة إتقانه في عمله، أما غير المخلص سينتهز أي فرصة للتهرب من أداء واجباته الوظيفية المناطة له، وعلى ذلك فمن الأهمية أن يتمتع الموظف أو العامل بالكفاءة والخبرة حتى يكون مؤهلاً بمسؤولياته وقادراً على الإنجاز بأفضل السبل وبأحسن الطرق.وبالتالي فمن الضرورة بمكان أن يتخلى الإنسان عن أطماعه الأنانية ورؤيته الضيقة ونرجسيته الحساسة، ويتحرك بنقاء بالمشاركة مع الآخرين لتحقيق النجاح نحو الهدف وصنع التغيير والتقدم، أما إذا انعدمت الأمانة والإخلاص في العمل سيكون نتاجها الاستئثار بالمكتسبات وإقصاء الآخرين وسيطرة نزعة التسلط، وستظهر أمراض التخلف والاستبداد والفساد، ويقال: «كلما قلت الأمانة فسدت الحياة».إن العمل الجيد يفرض نفسه، مهما واجه صاحبه من تحديات، وعلى أي موظف أن يقتنع بأن الإخلاص في العمل بحد ذاته هدف وغاية، بشرط ترك السلبية جانباً، والتمسك بالإيجابية، إن فعل ذلك فلابد له من تحقيق أمنياته في حقول التميز التي لا تقف عند حد معين، ولا تنتهي أبداً، ولكل مجتهد نصيب، ولابد أن يصل يوماً إلى مستويات أعلى، فأشعة الشمس لا تخفيها الأصابع.أخيراً، أن طريق التوفيق والنجاح يجب أن يسوده الإخلاص في كل جانب من جوانب الحياة ولا ينحصر في جانب دون آخر، لذا فأن الإتقان في الأعمال والأمانة في المسؤوليات قيمة حقيقية لتطوير وتقدم العمل في أي مؤسسة ونموه، وقال عز وجل في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) «الأنفال: 27».

Mentioned in this news
Share it on