الفلسطينيون وتحديات الدولة

over 2 years in الإتحاد

في استطلاع رأي أجراه المركزُ الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، اتضح أن 38% فقط من المستطلعة آراؤهم يرون أن قيام دولة فلسطينية هو الغاية الأولى، بينما ترى نسبة مماثلة أن استمرار الاحتلال هو المشكلة الأكثر إلحاحاً للفلسطينيين. والسؤال الذي تثيره هذه الأرقام: هل ما زالت لدى الفلسطينيين رغبة في إقامة دولة فلسطينية؟الاستطلاع الذي غطى الفترة بين يومي 7 و11 يونيو الماضي، أُجري على خلفية الذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية والتي يقابلها في الجانب الآخر من التاريخ تأسيس دولة إسرائيل. نتائج الاستطلاع تعطي دلالاتٍ واقعيةً على نقطة تصادم قد يكون مفصلياً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتداخلاته وتداعياته الخارجية.العينة المستطلعة تشمل 1270 شخصاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالاعتماد على أسلوب المقابلة المباشرة، حيث رأت الغالبية أن التطور الأكثر ضرراً بعد النكبة كان الانقسام الفلسطيني الداخلي القائم منذ عام 2006، ومن بعده يأتي احتلال عام 1967 وتأثيراته.ومن الأرقام الواردة في الاستطلاع، نجد أن 63% يقولون إن مصلحة إسرائيل تكمن في وجود السلطة الوطنية في رام الله، وأكثر من نصف الجمهور المستطلع يرى أن مصلحة الشعب الفلسطيني تكمن في حل السلطة نفسها. لكن اللافت للانتباه هو أن 38% فقط يرون أن الغاية الأولى للشعب الفلسطيني هي قيام دولة فلسطينية مستقلة،  والغالبية ترى أن انتشار الفساد هو المشكلة الأولى.ومقابل هذا الفتور حيال فكرة الدولة الفلسطينية، كما تظهره الأرقام، يكشف الاستطلاع حضوراً لثقافة الفوضى المسلحة، حيث لا يمانع 71% من المستطلعين من تشكيل كتائب مسلحة لا تخضع لأوامر السلطة وليست جزءاً من أي قوى أمنية قانونية!تلك أرقام تعكس واقع كتلة بشرية ضخمة محصورة في جغرافيا ضيقة ومعزولة، تنتشر داخلها الجماعاتُ المسلحة غير الخاضعة لأي سلطة أو قانون.ومقابل هذه الحالة، هناك «إسرائيل الجديدة»، المختلفة في صياغتها عن كل ما سبقها، بدءاً من «بن غوريون» وانتهاءً بـ«إيهود باراك» وما بعد أوسلو.. حالة يمينية تحمل مزيجاً من التشدد القومي والديني، وتهدف لتقليص الصيغة العلمانية والمدنية لإسرائيل، ولو كان ذلك على حساب المصالح الإقليمية والدولية.آخر ما قررته الحكومةُ الإسرائيلية الحالية كان تفويض وزيرها سموتريتش ومنحه سلطةً كاملةً للمباشرة بتنفيذ خطط البناء في مستوطنات الضفة الغربية، لتتبع ذلك التفويض مباشرةً موافقةٌ حكومية على بناء 5733 وحدةً سكنيةً جديدةً.. مما يعني أن سياسة الحكومة التي انتخبها المزاجُ العام الإسرائيلي تجنح نحو الضم بالقوة، حتى ولو غامرت بكل مصالحها وعلاقاتها الخارجية!
*كاتب أردني مقيم في بلجيكا

Share it on