التعويم يلحق الطبقة الوسطى بالفقيرة.. ويلتهم الأكثر فقرًا

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

ارتفاع تكاليف المعيشة أبرز السلبيات المباشرة الناتجة عن قرار التعويم، وأجمع خبراء الاقتصاد على أن المصريين قد خسروا تقريبا نصف قوتهم الشرائية نتيجة انخفاض سعر الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم لتتجاوز نحو 32.9%، فى مقابل نحو 13% قبل قرار التعويم.

خط الفقر

تقول الدكتورة زينب عوض الله، أستاذة الاقتصاد بجامعة الإسكندرية، إن قرار التعويم تسبب فى دخول شريحة كبيرة من المواطنين تحت خط الفقر، موضحة أن من يقل دخله اليومى عن 34 جنيها يدخل تحت خط الفقر الذي حدده البنك الدولى عند 1.9 دولار لليوم الواحد.

وأضافت "عوض الله" فى تصريحات لـ"التحرير"، أن هناك بعض المواطنين يتقاضون رواتب تصل إلى 500 جنيه شهريا، وبالتالى ففى ظل التغيرات السعرية فى السلع ومقتضيات الحياة البسيطة يصبح هذا الراتب لا شيء.

ضريبة الدخل

من جانبه قال الدكتور أحمد الغندور الخبير الاقتصادى، إن الحكومة لا تراعى أصحاب الدخول الضعيفة، بل إنها تفرض عليهم ضرائب دخل أيضا، مشيرًا إلى أنه بدلا من أن تقوم الحكومة بإعفاء الموظفين الذين يقل راتبهم عن 1200 جنيه شهريا من الضرائب، فإنها قامت بإعفاء من يقل راتبه عن 600 جنيه شهريا، موضحا أن هذا المبلغ أقل من مستوى خط الفقر العالمى، وبالتالى هذا الإعفاء ليس فى صالح المواطن البسيط.

وكان مجلس النواب قد وافق على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بقانون رقم 91 لسنة 2005، وتم رفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل من 6500 جنيه سنويا إلى 7200 جنيه، ليرتفع حد الإعفاء الضريبى من 541 جنيها شهريا إلى 600 جنيه شهريا.

4 آلاف جنيه حد أدنى للأجور

يرى الدكتور إبراهيم العيسوى، الخبير الاقتصادى، أن الحد الأدنى للأجور والذى حددته الحكومة بقيمة 1200 جنيه (ما يعادل 67 دولارا) لا يطبق فى كل المؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة.

وأضاف العيسوى أن الحد الأدنى للأجور والذى يعتبر عادلا فى ظل قرار التعويم، هو 4 آلاف جنيه شهريا، موضحا أن رفع الأجور سيخفف من معاناة المواطنين جراء ارتفاع الأسعار بالأسواق.

بينما أكدت الدكتورة نجوى خشبة أستاذة الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، أن الرواتب والأجور تحمل الدولة سنويا زيادة بنسبة 2.5% من الموازنة العامة، ولكن فى ظل القرارات الاقتصادية الصعبة والتى تعتبر تقشفية، سينخفض عجز الموازنة، وبالتالى تستطيع الحكومة زيادة الرواتب، لافتة إلى أن الحد الأدنى للأجور المتوقع زيادته يصل إلى 2000 جنيه.

من ناحية أخرى نفت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، اتجاه الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور فى الوقت الحالى.

وأشارت الوزارة إلى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية لا تتحمل رفع الحد الأدنى للأجور، كما أن رفع الأجور سيتسبب فى زيادة معدلات التضخم مما سيؤثر سلبا على أسعار السلع، كما أن الموازنة العامة للدولة لن تتحمل زيادة فى الأجور فى الوقت الحالى.

وتعتبر الطبقة المتوسطة هى حلقة الوصل بين كل من الطبقتين العليا والفقيرة، خاصة أنها تلعب دورا مهما فى تحقيق العدالة ‏الاجتماعية.

وتعتبر الطبقة المتوسطة هى أكثر الفئات تضررا من قرار التعويم، وتشمل الموظفين والمدرسين، والدكاترة، وأساتذة الجامعات وغيرهم، وأصبح كل من يتقاضى أجرا بالجنيه المصرى يخسر أكثر من نحو 40% من قيمة الراتب، نظرا لارتفاع الأسعار، ففى حالة حصول الموظف على الحد الأدنى للأجر، والذى حددته الحكومة بقيمة 1200 جنيه، يساوى حاليا وعقب قرار التعويم نحو 600 جنيه، وبالتالى انخفضت قوته الشرائية بنسبة 50%.

- هل إجراءات الحكومة كافية لتخفيف آثار التعويم؟

عقب مرور نحو 9 أشهر على قرار تعويم الجنيه المصرى، قامت الحكومة بمجموعة من الإجراءات لتخفيف آثاره على المواطنين ومواجهة ارتفاع الأسعار، حيث وافق مجلس الوزراء على حزمة كبيرة من الزيادات فى الدخول لجميع العاملين بأجر وأصحاب المعاشات تبلغ تكلفتها الإجمالية 46 مليار جنيه.

وفى يوليو الماضى رفعت الحكومة المعاشات بنسبة 15%، وبحد أدنى 130 جنيها ويستفيد منها نحو 10 ملايين من أصحاب المعاشات بتكلفة على الخزانة العامة بلغت 23 مليار جنيه، كما قررت الحكومة منح علاوة غلاء استثنائية تبلغ 7% من الأجر الوظيفى بحد أدنى 65 جنيها وحد أقصى 130 جنيها، ويستفيد من ذلك نحو 3 ملايين موظف بتكلفة تصل إلى 7 مليارات جنيه، أما غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية فتم منحهم علاوة خاصة جديدة بنسبة 10% من الأجر الأساسى، إلى جانب منحهم علاوة غلاء بنسبة 10% من الأجر الأساسى، بالإضافة إلى العلاوة الدورية.

كما أقرت الحكومة زيادة الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل إلى 7200 جنيه من 6500 جنيه سنويا، ومنح خصم ضريبى كبير للشريحتين الأولى والثانية، لتكلف الخزانة العامة 7 مليارات جنيه، كما قررت الحكومة رفع قيمة زيادة معاش تكافل وكرامة بقيمة 100 جنيه بتكلفة 2.2 مليار جنيه.

كما رفعت الحكومة دعم الفرد فى بطاقات التموين من 21 جنيها للفرد إلى 50 جنيها، وذلك ضمن حزمة تستهدف تخفيف آثار التعويم وارتفاع الأسعار على المواطنين.

حماية الطبقات الفقيرة

يقول الدكتور على عبد العزيز، أستاذ الاقتصاد بالجامعة البريطانية، إن إجراءات الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم أسهمت إلى حد كبير فى حماية الطبقات الفقيرة، خاصة إجراءات الحزمة الاجتماعية والمتعلقة بزيادة معاشات تكافل وكرامة ورفع حصة الفرد من السلع التموينية.

وأضاف عبد العزيز فى تصريحات لـ"التحرير"، أن زيادة أجور الموظفين من خلال منحهم العلاوة الدورية وعلاوة الغلاء الاستثنائية غير كافية لمواجهة الآثار الناتجة من التعويم وارتفاع أسعار السلع، نظرا لأن الزيادات ضيئلة للغاية بالمقارنة بمعدلات الزيادة فى أسعار السلع.

الضرائب

بينما يرى الدكتور هشام إبراهيم الخبير الاقتصادى، أن إجراءات الحماية الاجتماعية التى اتخذتها الحكومة تعتبر جيدة، خاصة فى ظل عجز الموازنة العامة للدولة.

وأضاف إبراهيم أن زيادة رواتب الموظفين من خلال العلاوات الخاصة والاستثنائية لا تتواكب مع معدلات التضخم المرتفعة، خاصة فى ظل تطبيق الخصم الضريبى، مطالبا الحكومة بضرورة رفع حد الإعفاء الضريبى مرة أخرى من أجل دعم أصحاب الدخول الضعيفة سواء كانوا من متوسطى أو محدوى الدخل.

إجراءات غير كافية

أوضح تقرير صادر من بنك استثمار أرقام كابيتال، أن إجراءات الحماية الاجتماعية التى اتخذتها الحكومة وقراراتها لتخفيف آثار التعويم، غير كافية لاستعياب أثر الزيادة فى الأسعار، خاصة عقب ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وزيادة معدلات التضخم بنسبة كبيرة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على