«داعش» في طريقه إلى اليمن!

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي ناجي الرعويربما هي المرة الأولى التي تعلن فيها قبل أيام الولايات المتحدة الأمريكية أنها من بدأت بالفعل في قصف أهداف لتنظيم داعش باليمن.. وهو التنظيم الذي ظل نشاطه محصوراً بالأصل في سوريا والعراق.. كما أنها المرة الأولى التي تصدر فيها وزارة الخزانة الأمريكية قائمة مشتركة مع عدد من الدول العربية تسمح بإدراج مجموعة من الشخصيات اليمنية في لائحة ممولي الأنشطة الإرهابية لهذا التنظيم وهو ما اعتبرته مراكز بحوث غربية تحولا مهما في الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب باليمن، والتي كانت تتركز تحديداً خلال العقدين الفائتين على قتال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والذي صنفته واشنطن العام 2016 بأنه من أشد التنظيمات المتطرفة عدائية للغرب.لا شك أن قيام الولايات المتحدة مؤخراً بشن عدد من الضربات الجوية على معسكرات تدريب تنظيم داعش في اليمن قد جاء في توقيت لافت فقد تزامن مع الانتكاسات القاسية التي تعرض لها هذا التنظيم في كل من العراق وسوريا الأمر الذي بدا كمؤشر على أن انحسار رقعة ذلك التنظيم في البلدين هي من قد تذهب به باتجاه اليمن والذي يعد من المناطق عالية التوتر والمواطئ الممكنة اللجوء إليها بعد أن مزقته الحرب والصراعات والانقسامات الداخلية عوضا عن تضاريسه الصعبة التي لطالما وفرت لعناصر تنظيم القاعدة الفرصة الملائمة للاختباء وتجنيد المزيد من المتطرفين وتأهيلهم للقيام بعمليات إرهابية داخل الساحة اليمنية وخارجها، والثابت هنا أن واشنطن قد استوعبت حقيقة هذا الأمر إن لم تخطط له بدفع الآلاف من مقاتلي (داعش) للتوجه نحو اليمن ولذلك فقد سارعت إلى التجييش الإعلامي غير المسبوق للضربات التي نفذتها ضد ذلك التنظيم الذي ظهرت له فجأة معسكرات في اليمن لتمهد بذلك لانتقال معركتها الشاملة مع (داعش) من العراق وسوريا إلى اليمن بما يتطلبه ذلك كما أشارت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية من إعداد للجيش الأمريكي ومسؤولي مكافحة الإرهاب لهذه المعركة التي ستحل فيها المأساة اليمنية بديلا عن الكارثة السورية في الفترة المقبلة.من الواضح جدا أن الحرب مع تنظيم (داعش) ستمهد لدور أمريكي أكبر في اليمن خاصة، وأن هذا البلد كان محور اهتمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يرى فيها ساحة منخفضة الكلفة لتحركاته ليس ضد الإرهاب وحسب وإنما أيضا في المواجهة مع إيران.. بيد أن البعض يذهب الى أبعد من هذه المعادلة ليربط الأمر بشكل أو بآخر إلى اعتقاد الرئيس ترامب من أن ظهور داعش في اليمن يمكن أن يستخدم كورقة ضغط قوية في يد واشنطن لترويض الطموحات الروسية في المنطقة وتحجيم النفوذ الإيراني في الجوار العربي فضلا عن إضعاف حركة (أنصار الله) في اليمن بتحشيد تنظيم داعش الذي يملك عقيدة قتالية شرسة ضد هذه الحركة مما يعني أننا أمام رؤية أمريكية جديدة تدل كل المعطيات على أنها ستسير على غرار رؤى الحروب السابقة في كل من الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا.على كل حال فالولايات المتحدة تبحث عن مصالحها في المقام الأول وهي ليست معنية بتقاسم الوظائف والأدوار والمكاسب في المنطقة العربية مع الآخرين وكل ما يعنيها الآن هو اختزال الوضع المضطرب والمشوش في اليمن عبر نافذة الحرب على الإرهاب مع تنظيم (داعش) والقاعدة، ومنع أي تنازع على الأدوار والمصالح في هذا البلد على النحو الذي جرى في سوريا خصوصا مع الصين التي تنظر لخليج عدن كركن أساسي لتنفيذ مشروع طريق الحرير الجديد الذي أعلنت عنه في 2013 بهدف تعزيز علاقاتها التجارية مع القارات الثلاث القديمة.أظن أن البيت الأبيض قد استخدم الضربات الأخيرة التي استهدفت معسكرين لتنظيم داعش في محافظة البيضاء وسط اليمن لاستكشاف المواقف والبناء عليها من أجل تحديد استراتيجيته في هذا البلد، وكل المؤشرات تؤكد على أنه سيذهب في هذا الطريق الى آخر مدى ومن ذلك العمل الدؤوب على صناعة تنظيم (داعش) يمني وتضخيمه حتى يتسنى له الضغط على دول الخليج العربية وتحميلها فاتورة الحرب التي ستخوضها واشنطن مع ذلك التنظيم نيابة عن تلك الدول ولهذا نلاحظ أن الإشارة التي وردت في تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بشأن أهمية تلك الضربات لا تخلو من الأبعاد التي تعكس أن العبء المالي سيكون على الدول الخليجية.الأمر المؤكد أن أول ظهور لتنظيم داعش في اليمن كان العام 2013 فقد خرجت مئات من العناصر المتفرقة للإعلان عن نفسها من خلال بعض العمليات الانتحارية التي اكتنفتها حالة من الغموض سيما في ظل إنكار مسؤولين ومراقبين يمنيين وجود أي من عناصر تنظيم داعش في اليمن إلا انه وفي العام 2015 برز الحديث عن أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد انشطر في اليمن بين جزء موال لأبي بكر البغدادي وآخر موال لزعيم القاعدة أيمن الظواهري ومع ذلك فقد ظلت تلك العناصر المشتتة تعمل على استغلال الفراغ الأمني في بعض المناطق لتسجيل الحضور الإعلامي وخلط الأوراق بشكل براجماتي يستند الى مبدأ النكاية مع تنظيم القاعدة من دون أن تكون لها أية سيطرة مكانية.تبدو المرحلة المقبلة في اليمن حبلى بالكثير من التطورات المحتملة وربما المفاجآت المتوقع انفجارها بين لحظة وأخرى بفعل ما قد تنطوي عليه الحرب الأمريكية مع تنظيم (داعش) وكذا احتدام الصراع بين هذا التنظيم وعناصر القاعدة التي سبق وان رفضت مبايعة البغدادي الذي دعا أوائل هذا العام من خلال خطبة خاصة أسماها (خطبة الوداع) أنصاره في العراق وسوريا إلى الاستعداد إلى الهجرة الى أرض جديدة بعد أن اشتد الخناق عليهم وكان يشير إلى الفرار نحو اليمن وإعادة بناء الدولة الإسلامية في ذلك البلد.. وبالفعل فقد أفصحت العديد من التقارير الغربية عن أن الكثير من عناصر ذلك التنظيم الإرهابي اتجهت منذ ذلك الوقت إلى حزم حقائبها في الطريق إلى اليمن وهو ما ستكون له مضاعفات كارثية على شعوب المنطقة كلها بأكثر وأخطر مما يتوقعه البعض.. ومن عاش سيرى.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على