طابية عرابي ومحطة الملك فاروق.. آثار كفر الشيخ تحتضر وسط غياب المسؤولين

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

تزخر محافظة كفر الشيخ بالأماكن الأثرية المختلفة والمتنوعة، حيث كانت قديمًا الإقليم السادس من أقاليم الوجه البحري، وتضم عاصمتها القديمة وهي "خاسوت"، وبها يوجد أقدم فنار بحري في مصر، ومنها خرج الزعيم سعد زغلول ليكافح الاحتلال ومنها حارب أحمد عرابي الاحتلال الإنجليزي، بالإضافة إلي وجود عدد من القصور الملكية.

ولكن سرعان ما طالت يد الإهمال هذه الأماكن الأثرية فأصبحت مهددة بالإنهيار وأخرى صارت "خردة".

أقدم فنار مصري أكلته "البارومة".. وطابية عرابي أصبحت "خردة"

ﻳﻌﺪ " ﻓﻨﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻟﺲ " ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﻔﻨﺎﺭﺍﺕ ﺑﻤﺼﺮ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﻨﺎﺭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺃﻧﺸﺄﻫﺎ ﺍﻟﺨﺪﻳﻮ ﻋﺒﺎﺱ، ﻭﻗﺪ ﺃُﻧﺸﻰﺀ ﻓﻨﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻟﺲ ﻋﺎﻡ 1869 ﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﺘﺮًﺍ، ﻭﻗﺪ ﺻﻤﻤﻪ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻭﺍﻹ‌ﻧﺠﻠﻴﺰ، ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺭ ﺍﻵ‌ﻥ ﻓﻲ ﻋُﻬﺪﺓ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻵ‌ﺛﺎﺭ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﻱ ﺭﻗﻢ463 ﻟﺴﻨﺔ 1998، ﻭﻳﻘﻊ ﺍﻟﻔﻨﺎﺭ ﺍﻵ‌ﻥ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻗﺮﻳﺔ " ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺎﺭﻙ" ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺒﺮﻟﺲ.

وأصبح الفنار حاليًا معرضًا للسقوط بسبب وجوده وسط الرمال ومعرضًا لعوامل التعرية، مما تسبب في تآكله دون إجراء أي صيانة له منذ ضمه للأثار.

ولا يختلف الحال كثيرًا في طابية عرابي، التي تقع على بعد أمتار من فنار البرلس القديم، وأقامها صلاح الدين الأيوبي لصد الهجمات الصليبية القادمة من أوروبا، وقام بترميمها الخديو إسماعيل عام 1882م وقد عثر بها من فترة على 3 مخازن للأسلحة وكمية كبيرة من القنابل والدانات كبيرة الحجم وكمية من الفخار والخزف تعود إلى 1100 عام، ويوجد حاليًا عدد من المدافع القديمة بالطابية وقد استخدمها البطل أحمد عرابي لصد هجمات الإنجليز على المنطقة الذي أطلق عليها طابية عرابي حتى الآن.

وأصاب "طابية عرابي" الصدأ الشديد نتيجة تعرضها لأشعة الشمس المباشرة وأيضا عوامل التعرية، وتم تفكيك الطابية على يد أصحاب الخرده والبلطجيه والخارجين على القانون، على مسمع ومرأى من الجميع دون أن يتحرك أحد.

"مافيش دعم ولا فلوس.. ومافيش حاجة بإيدنا".. بهذه الكلمات بررت سلوي السيد العربان، مدير عام الآثار الإسلامية بكفر الشيخ، الحالة التي وصلت إليها طابية عرابي وفنار البرلس.

وأضافت العربان خلال تصريحات لـ"التحرير"، أنها تعلم بالحالة المزرية لكل من الطابية والفنار، لافتة إلى أنها قامت مرارًا وتكرارًا برفع الأمر لوزارة الآثار بالقاهرة للتحرك وإنقاذهما، ولكن يأتي الرد دائمًا "إحنا مش فاضيين ليكم يعني هنسيب آثار القاهرة المهمة ونجيلكم"، ويبقى الوضع كما هو عليه.

محطة الملك فاروق أصبحت "خرابة" ومأوى للمدمنين والمجرمين

محطة السكة الحديد الخاصة بالملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان، بمدينة كفر الشيخ، والمقابلة لمعهد الخدمة الاجتماعية هناك، قصر الملك فاروق سابقًا، والتي كان يركب منها قطاره الملكي ليصل إلى قصره، تحولت إلى «خرابة» وأصبحت "مقلب قمامة" ومأوى للمدمنين بسبب الإهمال.

وكانت المحطة شاهدًا حيًا على زيارات ملوك وعظماء العالم للملك، ورغم أنها أثر ذو قيمة، فإنها تحولت إلى خرابة ومكان مهجور تسكنه الكلاب الضالة والحشرات والثعابين.

من جانبها، شددت سلوي العربان، مدير عام الآثار الإسلامية بكفر الشيخ، على أهمية هذا الأثر قائلة "حزينة علشانه ولكن مافيش بإيدي حاجة"، مؤكدة أن عدم دعم الوزارة سيتسبب في سقوط المحطة لعدم وجود اعتمادات مالية لترميمها.

قصر الملك "فاروق" تحفة معمارية آيلة للسقوط.. ونزاع بين الأوقاف والآثار

القصر يرجع إنشاؤه إلى عام 1934، وهو من الطراز الأوروبي، صممه مهندسون في علوم الهندسة المعمارية من دولتي إيطاليا وفرنسا، استعان بهم الملك فاروق لبناء عدد من القصور، ويعتبر هذا القصر واحدًا من أهم القصور في التشييد والبناء ويتكون القصر من طابقين، وله ملحقات هي محطة السكة الحديد الملكية، كما يحتوى على مطبخ خاص للقصر ومبنى تفتيش الأوقاف الملكية.

وأكدت سلوي العربان، مدير عام الآثار الإسلامية بكفر الشيخ، أن رئاسة الوزراء قد أصدرت القرار رقم 1490 لعام 1992، وهو حاليا مقر للمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، وذلك بعد قيام وزارة الأوقاف بتأجيره لهم بالرغم من تبعيته لنا.

وأضافت مدير عام الأثار الإسلامية بكفر الشيخ لـ "التحرير"، أن القصر يمثل تحفة معمارية فريدة ولكنه أصبح آيلا للسقوط ، وذلك بعد حدوث هبوط في أرضية القصر وانتشار الشروخ في جدرانه وأيضا وجود مياه جوفيه في البدروم الخاص به، وحدوث تسوس وتشقق في أجزاء عديدة من التركيبات الخشبية.

وطالبت "العربان" وزارة الأوقاف بفسخ العقد مع معهد الخدمة وتسليم القصر لوزارة الأثار لترميمه وتعظيم الاستفادة من الأثر.

مصنع طرابيش محمد علي أصبح "مقلب قمامة".. ونزاع بين الأثار والوحدة المحلية

مصنع "الطرابيش" من أبرز الآثار المتبقية بمدينة فوه في كفر الشيخ، ويعود تاريخ إنشاؤه إلى أكثر من قرن ونصف من الزمان وتحديدا في عام 1824م، إذ صدر أمر من محمد على باشا إلى ناظر فوه أحمد أغا بتأسيس المصنع في حديقة الأمير محمود بالجانب الغربي من فوه، وأرسل ما يلزم لذلك من نجارين وأخشاب ومكابس وغيرها من الأدوات اللازمة لإنشائه.

ويقع مصنع "الطرابيش" على مساحة أكثر من 900 متر، ويتكون من البوابة الرئيسية والتي تطل على النيل مباشرة، وعلى يمين المدخل الرئيسي مبنى مستطيل بسقف من الخشب بواجهته صفين من النوافذ السفلية مستطيلة والعلوية معقودة، والبوابة الرئيسية المطلة على النيل كانت مدخلا لكبار العاملين، ويقع مدخله الرئيسي بين البوابيتين الرئيسية والداخلية، وهذا المدخل يؤدي إلى ممر تتوسطه حجرتان، اليمنى كانت تستعمل في الأعمال الإدارية، واليسرى كانت بمثابة غرفة كبيرة للاستقبال، مرورًا بغرفتين عبارة صالة كبيرة كانت تستخدم كعنابر لكبس وصناعة المواد الخام اللازمة للطرابيش، وكانت هذه العملية تتم بطريقة آلية ويدوية حسب نوع العمل.

وأصبح هذا المكان الأثري حاليا في في حال يرثي له وسط إهمال الجميع، فأصبح مقلبا للقمامة ومأوى للخارجين على القانون، وسط مطالبات من أهل المدينة بهدمه وإستغلال موقعه.

«المصنع وملحقاته مسجل بوزارة الآثار، ولكنه بحوزة مجلس المدينة ومش راضية تسلمه لينا».. كلمات بدأ بها ياسر الكردي، مدير هيئة الآثار بفوه، رده على سبب حالة الإهمال التي وصل إليها المصنع.

وأضاف الكردي في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن مجلس المدينة يرفض تسليم مصنع الطرابيش وملحقاته بسبب ادعائه أن هذا الأثر عليه 4 ملايين جنيه للدولة تحت بند "مشروعات تحت التصفية"، ويطالبون وزارة الآثار بدفع هذا المبلغ للحكومة شريطة تسليمهم المصنع الأثري وملحقاته، فرفضت الوزارة ذلك، متابعا: "مش بندفع للحكومة لأنها ملكية عامة وليست خاصة".

وأشار مسؤول هيئة الآثار إلى أن الهيئة قامت بعمل دراسة استشارية كاملة لترميم المصنع وذلك حال تسليم مجلس المدينة له، منوها: "مش هينفع نقربله وهو معاهم".

شارك الخبر على