عبد الرحيم كمال.. حكاية خريج «تجارة» بهر قلمه نور الشريف

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

كاتب سيناريو ومؤلف من العيار الثقيل، يزن كلماته بميزان من ذهب، يجبرك أن تستوقف نفسك أمام كل مشهد يكتبه، وكأنه لوحة فنية مرصعة بألوان الأدب الرفيع، هو ليس كاتبا "شعبيا" بمفهوم صناع الدراما، بل هو فلسفي عميق، يبحث عن مكنونات المعاني، ويكتب بوازع التجربة والملاحظة البيئية، يخلع نعليه في حرم الورقة والقلم، ويطلق العنان لشخصياته كي تقوده إلى نهاية الصراع الدرامي، وذلك بعد بحث مكثف وطويل حول قضية العمل الرئيسية، يسافر ليلتقي شخصيات ويستمع إليها، يقرأ الكتب النادرة، ويبحث وراء المعلومة بشغف، حتى تختمر الفكرة في عقله، فتسيل من بين أصابعه في شكل سيناريو وحوار على الأوراق، لنجد أنفسنا في النهاية أمام عمل تليفزيوني لا يجرفه تيار الزمن، خاصة وإن اكتملت فيه عناصر الدراما كما ينبغي من إخراج ومونتاج وموسيقى وتمثيل.

عبد الرحيم كمال، المولود في 30 أكتوبر 1971، بقرية "العيساوية" شرق محافظة سوهاج، لم يكن سوى شاب يهوى كتابة الشعر والقصة القصيرة، ورث عن والده حب الصوفية، وكذلك تشبع بثقافته، فوجد نفسه على طريق الأدب والكتابة، وقد ظن في والده ألا يكون عقبة في طريقه، لكن الأب -رغم ثقافته- عارض أن يتخذ نجله من الكتابة مهنة يكتسب منها قوت يومه، فاضطر "عبد الرحيم" إلى دخول كلية التجارة، شعبة "تجارة خارجية"، لكن في الوقت نفسه لم يتوقف عن الكتابة.

وذات يوم أخبره صديقه الذي يعمل "جارسون" في كافيتيريا مسرح "الهناجر"، بأن الفنان نور الشريف يستعد لدخول مسرحية جديدة بعنوان "محاكمة الكاهن"، ويبحث عن باحثين للمعاونة في كتابة السيناريو والحوار، ولم يكذب "عبد الرحيم" الخبر، فأسرع إلى المسرح وهناك التقى الفنان الراحل نور الشريف، ولم تستغرق المقابلة أكثر من دقائق معدودة، شأنه شأن باقي المتقدمين للفوز بتلك الفرصة العظيمة، إذ طلب منه "الشريف" كتابة بحث عن "إخناتون"، فذهب "كمال" إلى المنزل وعكف لمدة ليلتين على كتابة البحث، ثم قام بتسليمه لفريق عمل المسرحية، وسرعان ما حمل له زميله العامل بـ"الكافيتيريا" البشارة، وهي أن الاختيار وقع عليه من بين أكثر من 100 بحث ليشارك هو في كتابة سيناريو المسرحية ولم يكن قد بلغ بعد عامه العشرين، وكانت هذه بداية علاقته بالفنان الراحل نور الشريف، التي غيرت مسار حياته.

أنهى "كمال" دراسته بكلية التجارة، واحتفظ بعلاقته بالفنان نور الشريف، والذي ساعده على الالتحاق بمعهد السينما، قسم سيناريو، وأمده بالكتب والنصائح اللازمة، ومرت السنوات ولم تنقطع العلاقة، حتى أخبره "الشريف" برغبته في عمل مسلسل تليفزيوني عن الصعيد، فقام عبد الرحيم كمال بتأليف مسلسل "الرحايا"، الذي أذيع في موسم رمضان 2009.

لم يكن "الرحايا" سوى ضربة البداية في مسيرة "عبد الرحيم"، الذي عشق الكتابة عن الصعيد بحكم نشأته في سوهاج، ويبدو أن ميوله وأهواءه تلاقت مع ميول وأهواء الفنان الكبير يحيى الفخراني المعروف عنه اهتمامه البالغ بالسيناريو، حتى إنه كان يغيب عن موسم رمضان الدرامي أحيانا لعدم عثوره على سيناريو يلبي احتياجاته الثقافية والأدبية، التي لم يكن من السهل إرضاؤها، وكأنها وجد ضالته في "عبد الرحيم"، ليقدم معه 4 مسلسلات هي على الترتيب: "شيخ العرب همام" في 2010، و"الخواجة عبد القادر" في 2012، و"دهشة" في 2014، وصولا إلى "ونوس" عام 2016.

ويبدو أن "قماشة" الصعيد الدرامية لم تبلَ بعد، فقدم في 2016 مسلسل "يونس ولد فضة"، بطولة الفنان عمرو سعد، لكن "تيمة" عبد الرحيم الدرامية حينما انتقلت إلى السينما لم تلق رواجا، خاصة في موسم العيد، إذ فشل فيلمه "الكنز" في الصمود أمام فيلم "الخلية" للفنان أحمد عز، رغم اشتراك كوكبة من النجوم في بطولته مثل: "محمد رمضان، محمد سعد، هند صبري، أحمد رزق"، والسبب في ذلك، وفق رأي عدد من النقاد، هو أن ذوق جمهور سينما العيد لا يتلاءم مع ما يكتبه "عبد الرحيم"، الذي لا يعرف سر "الخلطة التجارية" أو ربما يرفض استخدامه في أعماله بحكم ثقافته وسعة اطلاعه، فهو -كما قال في حوار مع "مدحت العدل" ببرنامج "أنت حر"- يحترم الجمهور ويتخذ من الصوفية دافعا في كتاباته.

 

شارك الخبر على