مدينة الشباب ٢٠٣٠... الداخل فيها محظوظ

١٢ شهر فى البلاد

مبادرات‭ ‬المدينة‭ ‬تهدف‭ ‬لتكوين‭ ‬كوادر‭ ‬مؤهلة‭ ‬للمشاركة‭ ‬بفعالية‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬للمملكة

شهد‭ ‬سالم‭ ‬هادي‭ ‬وريم‭ ‬أنور‭ ‬البناء،‭ ‬طالبتان‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية،‭ ‬مشاركة‭ ‬بفئة‭ ‬أفضل‭ ‬تحقيق‭ ‬صحافي‭ ‬في‭ ‬جائزة‭ ‬محمود‭ ‬المردي‭ ‬للصحافة‭ ‬الطلابية

 

 تعد مدينة الشباب 2030 من أبرز المبادرات التي تقدمها وزارة شؤون الشباب لشباب مملكة البحرين، إذ أصبحت المدينة من أبرز المشاريع التدريبية للشباب، لما تتمتّع به من قدرة على صقل المواهب والمساعدة في تشكيلها، فضلًا عن منح الشباب فرص تدريب ممتازة لتأهيلهم بشكل أكبر، وتزويدهم بكل الإمكانيات لإطلاق طاقاتهم الإبداعية. كما تهدف المبادرة إلى رفع مستوى مهارات الشباب، مما يسهم في تكوين كوادر بحرينية مؤهلة للمشاركة بفعالية في التنمية الشاملة للمملكة.
 ومن أجل المواصلة بالنهوض في شباب البحرين الذي يمثلون أعمدة المستقبل لهذا الوطن، تستعد مدينة الشباب 2030 هذا العام في نسختها الثانية عشرة بطرح نحو 2000 فرصة تدريبية، حيث تحاكي المدينة في نسختها الجديدة متطلبات تدريب الشباب للدخول في سوق العمل، وتعمل على إكسابهم المهارات الأساسية، وقد تم تقسيم المدينة إلى فئتين، الأولى للفئة العمرية من 9 إلى 14 سنة خلال الفترة الصباحية، فيما تم تخصيص الفترة المسائية للفئة العمرية من 15 إلى 35 سنة، وبعدد ما يقارب 200 من المتطوعين والمتطوعات.

 

 متطلبات العصر
كما حرصت وزارة شؤون الشباب على إدخال العديد من البرامج التي تتوافق مع متغيرات التدريب وسوق العمل البحريني، حيث تم طرح 70 برنامجًا تدريبيًّا متنوعًا، من بينها برامج الإبداع والابتكار والتصميم والذكاء الاصطناعي والبرمجيات وتصميم الألعاب الإلكترونية. بالإضافة إلى برامج الأمن السيبراني، كما تحتضن المدينة مبادرة “سوق الشباب” الذي يعرض أمام الجمهور منتجات رواد الأعمال الشباب عبر مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة. 

إن أردتَ تقدماً ونجاحًا
فاملأ العُمر همةً وكفاحًا
واضح العزم واثقاتٌ خطاه
يجعل الليل للأنام صباحاً

 معانٍ جليلة عدة داعية للطموح المغلف بالحماس والإرادة اتسم بها شباب المدينة من المشاركين والمتطوعين، إذ تم تسليط الضوء على مجموعة من الشباب المُبدع الذين أعطوا وأخذوا من المدينة في السنوات الماضية، فأفادوا واستفادوا، وكانت لهم رؤىً ووجهات نظر حول هذه المدينة الرائدة.
 

 مشروع متكامل
وكانت الطالبة تسنيم عبدلله عيسى من المشاركات المتميزات في مدينة الشباب 2030، حيث عبّرت بالقول إن الشباب هم أكبر شريحة في المجتمع البحريني كنسبة، وهي المرحلة التي تتشكّل بها قيم الشخص وتوضّح أهدافه، وهي المرحلة التي يكون بها الشخص في أعلى مراحل الحيوية والطاقة، وهي مرحلة القوة والحماس والإرادة، والمرحلة التي يستطيع الشخص استثمار وقته لصناعة ذاته ويضع أثره.
 وبسؤالها عن وجهة نظرها عما إذا كان التدريب والتأهيل في مدينة الشباب مُقتصرًا على الجُهد والإبداع البدني دون غيره من المهارات، نفت تسنيم ذلك، وأوضحت أن مدينة الشباب مشروع متكامل وبه مختلف المجالات كالتكنولوجيا، والريادة، والتصميم وإدارة الأعمال ونحوها، فهي لا تهدف إلى التدريب البدني فقط، وإنما ترتكزُ على تأهيل وتدريب فكري ووجداني علمي واجتماعي.
 وفي شأن مشاركتها الفاعلة، أشارت الطالبة تسنيم عبد الله إلى أنها شاركت في مدينة الشباب العام الماضي في برنامج “هايبو”، وهو برنامج للشباب ذوي القدرات العالية، ووصفت المشاركة بالمشاركة الفريدة التي زادت الكثير من مهاراتها، وأضافت “حصلت على دور قيادي في الفريق، وحصدت علاقات كثيرة، ومن خلال تجربتي عرفت طبيعة التحديات التي واجهتها والتي أتاحت لي اكتشاف هذه المميزات التي استطعت من خلالها مُمارستها على أرض الواقع، والأهم من ذلك زادت من مستوى الثقة لدي ووسعت من شبكة علاقاتي الاجتماعية حتى هذه اللحظة”.
وأكدت أن البرامج المطروحة متميزة جدًّا، وعلى مستوى عالٍ من الحرفية، ولكنها ترى أن مُدة التجارب تحتاج إلى زيادة الوقت تصل إلى ثلاثة أشهر تقريبًا في عُطلة الإجازة الصيفية، تتخللها عدة برامج لكل شهر على الأقل، وذلك ليتعلم الشباب عدة مهارات، ويهدف ذلك إلى زيادة الشريحة المستهدفة كونها فقط مقاعد محدودة، كما أنها تفضلُ أن تكون المقابلة هي الأساس في تحديد نوعية البرامج وليس عمر المتقدم للبرنامج.
خدمة المجتمع
وكان لمحمد بوجيري - وهو معلم لغة عربية بالمرحلة الابتدائية - نظرة خاصة حول مدينة الشباب، إذ كان منظمًا ومتطوعًا سابقًا في المدينة، حيث تطرّق إلى موضوع العمل التطوعي، وقال إن العمل التطوعي هو أحد أهم الأنشطة التي يمكن للفرد القيام بها، حيث يتيح له فرصة للمساهمة في خدمة المجتمع وتحسين حياة الآخرين، وفي الوقت نفسه يمكن للفرد أن يكتسب العديد من المهارات والخبرات التي تساعده في تحقيق أهدافه

الشخصية والمهنية.
وحول مهامه في المدينة، ذكر بوجيري أنه كانت له فرصة العمل كمتطوع في مدينة الشباب في برنامج إعداد القادة، واصفًا ذلك بأنه “فرصة رائعة له”، حيث تم تصميم البرنامج خصيصًا لتأهيل الناشئة ليكونوا قادة في المستقبل، وهو الأمر الذي يتماشى تمامًا مع ما يريد تحقيقه. وذكر الأستاذ محمد أن من مهامه كمتطوع في البرنامج تتضمن تدريس الناشئة القيم الأخلاقية وتعزيز مهاراتهم الشخصية والاجتماعية، وذلك من خلال الأنشطة المختلفة التي تنظمها المدينة، مثل ورش العمل والمسابقات والرحلات الميدانية.
كما أضاف بوجيري أنه ومن خلال تجربته كمتطوع، أدرك أن العمل التطوعي يمنحه فرصة لتحسين مهاراته الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، ويساعده على تطوير قدراته القيادية والتعاونية، فضلًا عن مساعدته على بناء شبكة من العلاقات الاجتماعية والمهنية.
أما الشابة حنان الشروقي، فقد أكدت أن المشاركة في مدينة الشباب 2030 طوّرت من مهاراتها، حيث وصفت مشاركتها في برنامج لغة الإشارة التي من خلالها - حسب قولها - تطورت معرفتها البسيطة إلى درجة ترجمة الكلمات المُتداولة إلى لغة الإشارة بمهارة وحرفية، وكذلك عززت قدرتها على التواصل مع أي حالة تواجهها بسهولة ويسر.
وحول المقترحات التطويرية للمدينة، لفتت الطالبة أن لديها مجموعة من الاقتراحات، قائلة: “لا شك بأن البرامج المقدمة متميزة جدًّا، إلا أنها تفتقد إلى الاستمرارية، لذلك أقترح استثمار الشباب المتميز عن طريق إعطاء دورات مكثفة لتضمن استمرارية ما تم خلال البرنامج بعد انتهاء أي فترة تدريبية لاحقة ومكملة للبرامج”.
وختمت لشروقي حديثها بوصف المدينة بأنها أشبه ببنك الذهب، معززة ذلك بقول سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، “إن الشباب البحريني معدنه ذهب، فإذا كنت تشعر بأنك شاب طموح، فعليك المشاركة في مدينة الذهب، حتى تكتشف وتصقل مواهبك، وتبرز الشاب الذهبي الذي بداخلك”.

نهضة ونهوض
 في المقابل، كان للطالبة ليلى عبد الله قصة أخرى في مدينة الشباب 2030، والتي وصفتها بالنهضة والنهوض.. حيث تطرقت ليلى عن أصعب التحديات التي واجهتها في المدينة، وهي مشاركتها كصغيرة سن، ولا تملك رخصة القيادة، عطفًا عن بُعد منطقة سكنها عن المدينة، مما صعّب عملية المواصلات بالنسبة إليها.
أما ما تعلمته من المدينة، فقد بيّنت أن مهاراتها تطوّرت بشكل كبير، حيث إنها شاركت في مركز إعداد القادة في برنامج “ملهم” الخاص بتمكين، الذي تعلمت من خلاله طرق إدارة الفريق، والعمل الجماعي، وطبيعة سوق العمل، والتمهيد لاختيار التخصص الجامعي، والتخطيط للمستقبل العملي، ولم تقتصر مشاركتها لمرة واحدة، بل أعادت الكرّة - حسب وصفها - من خلال المُشاركة مُجددًا في برنامج “روبوت أكس”، الذي تعلمت من خلاله إدارة البرمجة، وكيفية التفكير خارج الصندوق وإيجاد الحلول لجميع المشاكل.
ونصحت الطالبة ليلى عبد الله الشباب ودون تردد بالمشاركة في مدينة الشباب 2030 في كل عام، داعيةً الشباب إلى اختيار برامج جديدة، قد تكون تمهيدًا لتعلم أشياء مفيدة للمستقبل، واكتشاف شغف وهوايات جديدة.
 

أصول مختلفة
 ولأن مدينة الشباب 2030 تهتم في انتقاء منظميها ومتطوعيها، لذا كان من بين المعلمين هناك محمد حسن يوسف وهو متطوع ومدرب تنمية بشرية حاصل درجة الماجستير في مجال الاتصال، وقد تطرّق محمد إلى مسيرته في مدينة الشباب التي انطلقت مع انطلاق المدينة، وتحديدًا في عام 2010، حيث شارك الأستاذ محمد في مركز إعداد القادة ببرنامج Innovation Station، وكانت هذه الخطوة هي بداية مسيرته. ومن خلال فترة عمله كمشرف في البرنامج، ذكر الأستاذ محمد أنه قام بتقديم دورات تدريبية ومشاريع، وشارك في لجان تحكيم، وعمل على تعزيز مدينة الشباب وروح التعليم فيها. بينما في الجهة الأخرى، أكد الأستاذ محمد أن المدينة طوّرت مهاراته في العمل والتواصل، وحسّنت قدراته في التدريس والتدريب.
 وواصل المتطوع محمد حسن حديثه حول هذه الحقبة الثرية، حيث وصف تلك الفترة بـ “أروع الأوقات التي قضيتها في مسيرتي التعليمية، فقد تعلمت الكثير وطورت مهاراتي بشكل كبير. كانت مدينة شباب 2030 هي المكان الذي أثرى حياتي ودفعني إلى الاستمرار في مسيرتي التعليمية”. ومن الجوانب المهمة التي اكتسبها محمد من هذه التجربة، هو الاهتمام بالتعليم والتعلم المستمر، فقد كانت هذه المدينة - كما يصف - تشجّع الجميع على الاستمرار في التعلم والتطور، وهو الأمر الذي دفعه إلى الالتحاق بالجامعة ومواصلة مسيرته التعليمية.
وأردف حسن أن المدينة كانت تحمل في طياتها الكثير من الفرص والتحديات، وكان له الشرف بتوجيه شباب المدينة وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم. علاوة على أنه كانت لديه الفرصة للتفاعل مع مجتمع متنوع من مختلف الفئات العمرية، قائلًا: “هذا أثر بشكل كبير على تطوري الشخصي والمهني. كما أن الانخراط مع هذا المجتمع المتنوع، ساعدني على تعزيز روح التعاون وتبادل الثقافات والخبرات. وبفضل هذه التجربة، تعلمت كيفية التعامل مع الناس من خلفيات وأصول مختلفة، وكيفية التواصل بفعالية معهم”.
 

تحسين المهارات 
الكثير من الفتيات كنّ يشتكين من قلة البرامج والمحاضن لهن لا سيما في فصل الصيف، إلا أن مدينة الشباب 2030 جاءت كي تعانق أوقات ورغبات الكثير من الفتيات، ولعلّ من إحداهن الطالبة سيما جلال راشد التي التحقت بمدينة الشباب عدة سنوات، ولا تزال تشارك في برامجها بشكل دوري، وقد وصفت سيما مشاركاتها المتعددة بأنها أثمرت عن تحسين مهاراتها الاجتماعية وتواصلها مع الآخرين، إضافة إلى تكوين علاقات إيجابية مع الشباب الذين في عمرها، وتبادل الخبرات معهم.
وحول الخبرات التي تمنحها المدينة، ذكرت سيما “لقد وفرت مدينة الشباب فرصًا تعليمية ممتازة في مختلف المجالات، وذلك من خلال توفير بيئة تعليمية حديثة ومجهزة بأحدث التقنيات والأدوات التعليمية. كما ساعدت على تعزيز القيم والمهارات الإيجابية، مثل التحلي بالمسؤولية والتعاون والإبداع والتفكير النقدي، وتشجيعنا على الاهتمام بالرياضة والثقافة والفنون”.
كما أردفت الطالبة سيما جلال أن مدينة الشباب 2030 تمكّن من الحصول على فرص عمل في مختلف المجالات، وذلك من خلال شراكاتها مع القطاع الخاص والحكومي وتوفير الدورات التدريبية وورش العمل. كذلك أشارت جلال إلى أن مدينة الشباب تساعد على التفاعل الاجتماعي والتعارف بين الشباب، وتنظيم الفعاليات الثقافية والرياضية والاجتماعية التي تسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية والتعاون وبناء الثقة بين الأفراد.
وتعزيزًا على ما سبق، فقد لفتت سيما أن مدينة الشباب تساعد على تعزيز الثقة بالنفس وتطوير المواهب والمهارات الفنية لدى الشباب، من خلال توفير الدورات التدريبية وورش العمل في مجالات الفنون المختلفة، وتشجيعهم على التحلي بالمهارات الاجتماعية والمهنية والتفكير الإبداعي.
كانت هذه جولة عابرة في بستان مدينة الشباب 2030، وبين غصونه وأزهاره من الطلبة والمنظمين والإداريين العاملين فيها، إذ أثبتت مدينة الشباب 2030 على الدوام أنها مبادرة هامة ومفيدة للشباب البحريني، حيث تساعد على تطوير مهاراتهم ومواهبهم وتوفير فرص التعليم والتدريب والعمل، وتشجعهم على الابتكار والإبداع والتفكير النقدي وتفجير طاقاتهم الإبداعية، وتحسن الصحة النفسية ورفع مستوى الثقة بالنفس وغيرها. وبذلك تساهم هذه المبادرة في التنمية الشاملة لمملكة البحرين، وتحقيق الرؤية الوطنية للتنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة للجميع.
 وفي الختام، يحدو شباب المملكة الأمل في أن تستمر هذه المبادرة في تقديم الدعم والمساعدة لهم، وتوفير فرص التعليم والتدريب، لأن الشباب هم العماد الأساسي لبناء المستقبل، الذين عليهم في الوقت ذاته العمل بجد، والتفاني في تحقيق الأهداف والتغيير الإيجابي في المجتمع. فضلًا عن الحرص على بناء شخصياتهم على القيم والمبادئ الإيجابية، وأن يكونوا على استعداد للتعلم والتطور باستمرار. إلى جانب الاستعداد لتحمل المسؤولية والالتزام بتحقيق الأهداف التي يحلمون بها، وأن يحرصوا على بناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين، وأن يتعاملوا بمرونة مع التحديات والصعوبات التي قد تواجههم في الحياة، ولا يسع الحديث إلا أن ينتهي بما قاله الشاعر إبراهيم طوقان واصفًا غد الشباب المشرق في حب الوطن: 

وطني أثرت لك الشباب كأنه الزهر الندي
لابد من ثمر له يومًا وإن لم يعقدِ
ريحانةُ العلم الصحيح وروحه الخلق الحسن
وطني وإن القلب يا وطني بحبّك مرتهن

شارك الخبر على