«وأصلحوا ذات بينكم»

١٢ شهر فى الإتحاد

  ها هو العلامة الشيخ عبد الله بن بيّه، رئيس «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، رئيس «منتدى أبوظبي للسلم»، يواصل الخُطى في الحرب على الحرب، ووقف الاقتتال والعنف، وإشاعة السلام والأمن.
في جديدِ العلامة بن بيّه عقد «المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم» في العاصمة الموريتانية نواكشوط لقاءً تشاورياً لعلماء دول الساحل والسودان. وقد حمِل اللقاء التشاوري الذي انعقد تحت الرعاية السامية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، عنواناً يحمل الأمر القرآني الكريم «وأصلحوا ذات بينكم».
على مدى يومين شاركتُ في جلسات ذلك اللقاء التشاوري المهم، واستمعتُ إلى ما يقوله علماء ومفكرو وأكاديميو السودان ودول الساحل الأفريقي. كان كلام الجميع صادقاً ولافتاً، وكانت الصدمة ممّا جرى في السودان واضحة على وجوه وألسنةِ الحاضرين، وقد لخّص الداعية الإسلامي محمد ماجد، مدير «مركز آدم» في واشنطن، بينما تغالب الدموع عينيه، المشهد قائلاً: لقد نشأتُ في السودان، وعبْر حياتي شاركت في فعاليات عديدة تهدف إلى وقف الدم وإحلال السلام، لكنني لم أتصور أن يكون السودان هو الدولة التالية، وأن يكون وطني هو موضع الألم الجديد.
كانت الورقة التأسيسية التي ألقاها العلامة الشيخ عبد الله بن بيّه.. بمثابة خريطة الطريق لذلك اللقاء التشاوري الذي اختلطت فيه الحكمة بالحزن، والإيمان بالغضب. ويمكنني إيجاز معالم الطريق بالورقة التأسيسية في النقاط العشر التالية: أولاً: هذا الملتقى هو ملتقى علماء، وليس ملتقى سياسيين.
ثانياً: العرب والأفارقة أشقاء، وهم متواصلون ومتداخلون، والتفريق بينهم ضد الطبيعة الاجتماعية والتاريخ المشترك.
ثالثاً: هذه منصة للتباحث والنقاش، ليست لدينا حلول جاهزة، وإنما نحن في مرحلة البحث والتفكير.
رابعاً: لدينا ثلثا القدرة على التغيير، «فإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه»، وهكذا نمتلك اللسان والقلب. خامساً: السؤالان الأكثر طرحاً هما: من الذي أضرم النار في السودان؟ ومن الذي يستطيع إطفاء النار؟.. وتقع أهداف اللقاء التشاوري في نطاق السؤال الثاني لا السؤال الأول. سادساً: الجاهلية العصبيّة.. والتي طفت على السطح مؤخراً، هى نموذج للجاهلية الجديدة، وهى ليست من الإسلام في شيء، فلا فضل إلاّ بالتقوى، وكلنا من تراب. سابعاً: وهناً على وهن.. هذا هو الحال في دول الساحل والسودان، فطبقات الوهن عديدة، من اللاتعليم، واللاعمل، واللاسكن، واللامرافق، واللادخل. ثامناً: صورة الأمة.. فما يجري من إرهاب في دول الساحل، ومن اقتتال في السودان، يتجاوز في أضراره صورة البلد إلى صورة الأمّة كلها.
تاسعاً: الوساطة والمصالحة.. يجب دراسة إطلاق مبادرات مهمة لعلماء دول الساحل والسودان، وعنوانها جميعاً «وأصلحوا ذات بينكم». عاشراً: صناعة البديل.. ذلك أن مهمة العلماء هى تقديم البديل حين تضع الحرب أوزارها.. فما بعد الحرب يحتاج إلى الرؤية التي تمنع تجدد الحرب من جديد. هكذا وضع العلامة الشيخ عبد الله بن بيّه إطار الفكرة والحركة، في محاولة لا تتوقف.. لصون الحياة، وحماية الإنسان، واستعادة الأمل.
*كاتب مصري

شارك الخبر على