هل تنال أوكرانيا عضوية «الناتو»؟

١٢ شهر فى الإتحاد

اندلعت حرب أوكرانيا لأسبابٍ أهمها عدم حصول روسيا على ضماناتٍ أمنية تشمل عدم ضم كييف إلى حلف «الناتو». وقد مرت مسألة انضمام أوكرانيا إلى هذا الحلف بعدة مراحل منذ أن قدمت طلبها الأول في عام 2008، ثم قررت تعليقَه عقب انتخابات عام 2010، وعادت لتجديده في عام 2014، وصولاً إلى وضعه على جدول أعمال الحلف بعد نشوب الحرب الحالية. وقد أصبح مركز أوكرانيا إزاء الحلف أقوى بعد صمودها في الحرب على نحوٍ فاق توقعات كثير من المسؤولين والمراقبين في الغرب.
وصار في إمكانها أن تمارس ضغوطاً على الدول الرئيسية في الحلف باستخدام مزيجٍ من الخطاب العملي والعاطفي، مع التركيز على القول بأنها خط الدفاع الأول عن جناحه الأوروبي الذي يضم العددَ الأكبرَ من أعضائه. ويزداد هذا الضغط الآن استعداداً لقمة الحلف التي ستُعقد في يومي 11 و12 يوليو المقبل بالعاصمة الليتوانية فيلينوس. غير أن العوائق التي حالت دون انضمام أوكرانيا، منذ أن قدمت طلبَها الأول عام 2008، ما زالت قائمةً بسبب عدم استيفائها بعض أهم الشروط التي يُحدِّدها ميثاقُه لقبول أعضاء جدد، وفي مقدمتها شرطان يصعب التغاضي عنهما. الشرط الأول هو عدم تورط الدولة طالبة العضوية في نزاعٍ وقت تقديم طلبها وخلال فترة البت فيه.
ولهذا سيكونُ انتهاكاً لميثاق الحلف قبولُ طلب عضوية أوكرانيا وهي في حالة حربٍ مستعرة، وليس نزاعاً فقط. وقد تَشدد الحلفُ في الالتزام بهذا الشرط إلى حد تعليق طلب مقدونيا لسنواتٍ حتى أمكن حل نزاعٍ بسيط مع اليونان حول اسمها، رغم استيفاء الشروط الأخرى كلها. فقد أصرت أثينا على تعديل اسمها إلى مقدونيا الشمالية لتمييزها عن مقاطعة مقدونيا اليونانية. ولم يُقبل طلبُها بالانضمام إلى الحلف في 2020 إلا بعد أن فعلت ذلك. أما الشرط الثاني فهو أن تكون البنية العسكرية للدولة طالبة العضوية متوافقةً مع متطلبات الحلف. لكن بنية أوكرانيا العسكرية ما برحت هشةً ومعتمِدةً في أغلبها على أنظمة تسليح شرقية حتى بعد إمدادها بكثيرٍ من الأسلحة الغربية.
وإذا أضفنا إلى ذلك صعوبةَ تَحقق شرط إجماع الدول الأعضاء على قبول طلبها، فالأرجح أن طلَبها سيبقى مُجمَّداً لفترة أخرى. وربما يمكن فهم حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام عن تقديم الحلف ضماناتٍ أمنيةً لأوكرانيا في هذا السياق. وعندما نربط حديثَه ذاك ببحث صيغة مجلس «الناتو» وأوكرانيا، ربما تكون هذه الصيغة بديلةً عن انضمامها في الوقت الراهن.
ويمكن لصيغةٍ مثل هذه أن تُطمئن أوكرانيا إلى أن الحلف لن يتخلّى عنها، رغم أنها لا تُلزمه بشيء مُحدَّد. ومع ذلك لن يكون أمام أوكرانيا سوى الترحيب بهذه الصيغة التي قد تُعلنُ في قمة الحلف المقبلة، مع مواصلة السعي لتحقيق أمل العضوية الذي يبدو أنه ما زال بعيد المنال.
*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على